متحف الصحة الإستونية في إستونيا

اقرأ في هذا المقال


يمكن تعريف المتحف على أنه مؤسسة دائمة غير هادفة للربح، تسعى إلى خدمة المجتمع وتنميته وتكتسب التراث الثقافي المادي وغير المادي للبشرية وبيئتها وتحافظ عليه وتبحث فيه وتنقله لأغراض التعليم والبحث. كما ان المتاحف الصحية ليست مجرد مستودعات للآثار والتحف التاريخية، بل إنها مؤسسات تعليمية تهدف إلى تثقيف الناس حول قضايا الرعاية الصحية من خلال المعروضات التوضيحية والجذابة، بينما ترتكز بقوة على متطلبات الحياة الواقعية والإنجازات العلمية.

متحف الصحة الإستونية

يقع المتحف الإستوني الصحي في مبنيين من العصور الوسطى تم تجديدهما بالكامل في مدينة تالين القديمة، حيث تخلق هذه المباني القديمة جوًا فريدًا وظروف زيارة مناسبة تمامًا لتأطير معرض دائم حديث حول علم التشريح والصحة.

يحتوي متحف الصحة الإستوني على مجموعة واسعة من الأنشطة التعليمية للطلاب من مختلف الأعمار ومستويات التعلم، حيث يتم تقديم ورش عمل وجولات إرشادية لمرحلة ما قبل المدرسة والمدارس الابتدائية والثانوية والكبار، كما تقام في المتحف الأنشطة المتنوعة، كما يتواجد في بيئة المتحف الملهمة الفريدة المعارض والغرف ذات الطابع الخاص.

مقتنيات متحف الصحة الإستونية

يقدم الجزء التشريحي من المعرض فكرة عن بناء جسم الإنسان وعمله، كما يوجد في المتحف أيضاً عناصر عرض (نسخ متماثلة وأعضاء أصلية محنطة وعناصر مغطاة بالبلاستيك) ومخططات توضيحية ومعارض إلكترونية وتفاعلية وحلول سمعية وبصرية. يستكشف الجزء الثاني من المعرض الدائم الموضوعات المتأصلة في الإنسان، مثل الولادة والجنس والإدمان والشيخوخة والموت.

إلى جانب ذلك فقد تتعمق الغرف ذات الطابع الخاص في الطابقين الأول والثاني من المبنيين في عمق جسم الإنسان وتستكشف كل جهاز وعضو، وبالإضافة إلى إدخال علم التشريح البشري وعلم وظائف الأعضاء، فقد يتم التحقيق في مواضيع أخرى مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بجسم الإنسان وصحته.

كما أن تعدد استخدامات المعروضات مثل المخططات والنماذج التشريحية للشمع أو البلاستيك والأعضاء الأصلية المطلية بالبلاستيك تعطي زوار المتحف صورة كاملة عن داخل الإنسان، حيث تقدم المعارض التفاعلية الإلكترونية والميكانيكية فرصًا ممتعة للمشاركة.

هذا وقد يقدم المعرض الدائم “A Heart to Heart About Your Body” تجربة متحف حية لا تُنسى ويشجع على اتخاذ خيارات صحية، كما يقدم المتحف بيئة تعليمية متنوعة وفريدة من نوعها للأطفال والطلاب والكبار.

يحتوي المتحف أيضًا على مجموعة من الشرائح والأفلام ومكتبة مواضيعية، وإلى جانب المعرض الدائم فقد كان للمتحف معرض متنقل يضم 600 نسخة مكررة من المعروضات، تم عرضها في جميع أنحاء البلاد، كما أقيم 22 معرضًا في 22 موقعًا عبر إستونيا في فترة 10 سنوات (1924-1934).

فكرة إنشاء متحف الصحة الإستونية

جاءت فكرة إنشاء متحف صحي من اتحاد الجمعيات الطبية في إستونيا، حيث أثار البروفيسور ألكسندر رامول رئيس معهد الرعاية الصحية في جامعة تارتو السؤال حول الحاجة إلى مثل هذا المتحف، كما أعطى المعرض الطبي الذي أقيم في المؤتمر الأول للمهنيين الطبيين الإستونيين (الذي عقد في كل من شهر نوفمبر وشهر ديسمبر لعام 1921 للميلاد) الدافع المباشر للعمل عندما تقرر الحفاظ على بعض المعروضات للمتحف المستقبلي، حيث تم اختيار تارتو كموقع للمتحف الجديد.

وفي الثاني والعشرين من شهر نوفمبر لعام 1922 للميلاد تم إنشاء مجموعة العمل الخاصة بمتحف الصحة، حيث إن أعضاء مجموعة العمل هم البروفيسور ألكسندر رامول، البروفيسور ألكسندر بالدروك، الأستاذ المساعد جون بلومبرج، د. ا. تومبيرج، د. كرول وغيرهم، حيث تم انتخاب فولديمار سومبيرج سكرتيرًا لمجموعة العمل.

لم يكن لدى إستونيا خبرة سابقة في إدارة مثل هذه المتاحف، لذلك تم إرسال السكرتير إلى دريسدن وبرلين وأمستردام وهلسنكي وباريس لمعرفة كيفية إدارة المتاحف الصحية هناك والتعلم من تجاربهم. وبناءً على المفهوم الذي ذكر للمتاحف الصحية وعلى مبدأ أن الوقاية أهم من العلاج فقد اضطلع الفريق العامل بقيادة فولديمار سومبيرج بالمهمة الطموحة المتمثلة في إنشاء متحف صحي.

حيث أقيم المعرض الأول الذي يضم 300 معروضًا، في الفترة من 21 ديسمبر 1924 إلى 1 نوفمبر 1928 في غرفتين في تارتو، كما تم استعارة المعروضات الأولى من المتاحف الأجنبية، ولكن سرعان ما كان للمتحف ورش عمل ومختبرات خاصة به تصنع نسخًا طبق الأصل وتحضيرات.

أهمية متحف الصحة الإستونية

قدم المتحف دورات لـ “السامريين الصالحين” وتدريبهم على الإسعافات الأولية لعامة الناس، حيث أقيمت معارض وألقيت محاضرات في المعارض الصناعية الزراعية؛ لأن هذه الفعاليات جذبت الكثير من الزوار، ولهذا الغرض تم بناء جناح خاص على أرض المعارض لجمعية المزارعين الإستونية في تارتو.

إلى جانب ذلك فقد كان المتحف أيضًا ينشر بنشاط كبير المنتجات المعرفية الموضوعية، حيث تم إصدار 371000 مطبوعة في السنوات العشر الأولى من وجود المتحف، ولم يكن هناك مؤلفات شعبية حول النظافة ونمط الحياة الصحي في إستونيا وقام المتحف بمهمة سد هذه الفجوة.

هذا وقد تم افتتاح فرع متحف الرعاية الصحية الإستوني في تالين في الرابع من شهر مارس لعام 1928، أولاً في العنوان Vana-) Pärnu mnt. 19A) وما بعده في (Kloostri-Kooli 7)، وخلال السنوات العشر من وجوده أصبح متحف الرعاية الصحية مركز أنشطة تعزيز الصحة في الولاية والمؤسسة التي تعمل بالفعل في نشر المعرفة المتعلقة بالصحة.

هذا وقد يرغب البلد الشاب في إستونيا في زيادة الوعي الصحي العام بين السكان وتخصيص أموال لهذا الغرض، حيث تم دعم أنشطة المتحف من قبل الأطباء الإستونيين؛ وهم أكثر أعضاء المجتمع تعليما وتطلعا للمستقبل، خاصةً وأنه يجب أن يكون المتحف الصحي مدعومًا من قبل المجتمع الطبي بأسره، وقد أتى ثماره مرة واحدة وإلى الأبد.

تطور متحف الصحة الإستونية

بعد ضم إستونيا من قبل الاتحاد السوفيتي واعتقال ف. سومبرغ في عام 1944 لم يستطع المتحف الاستمرار كما كان من قبل، ومع ذلك فقد كان المتحف لا يزال مفتوحًا للزوار كوحدة من مركز التعليم الصحي للجمهورية. ومنذ عام 1948 لم يعد اسم المتحف مستخدمًا.

ووفقًا لشهود عيان تم تدمير العديد من معروضات المتحف أو فقدها، حيث تم صهر نماذج الشمع وبيعت أشياء مصنوعة من النحاس وسرقت بعض المعروضات للتو، ثم توقف المتحف عن الوجود وانتهت الفترة الأولى من تاريخه. وفي عام 1952 كان مركز التعليم الصحي للجمهورية يحتوي على غرفة عرض واحدة فقط، وفي النهاية تم نقله أيضًا إلى كلية الطب في تارتو.

أثير موضوع متحف الرعاية الصحية مرة أخرى في لائحة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإستوني ومجلس وزراء ESSR لعام 1968 “بشأن تحسين الرعاية الصحية والعلوم الطبية في الجمهورية”. ولكن مع مرور الوقت ومع استمرار عمليات الترميم والإصلاح للمتحف، فقد تم افتتاح المتحف مرة أخرى رسميًا في 31 يناير 1980.

وفي نهاية ذلك فقد يفتتح هذا المتحف أبوابه للزوار جميع أيام الأسبوع ما عدا يوم الإثنين، حيث تبدأ ساعات العمل في المتحف من الساعة العاشرة صباحاً وتستمر حتى السادسة مساء.

المصدر: عبد الفتاح مصطفى غنيمة-كتاب المتاحف والمعارض والقصوركتاب "الموجز فى علم الأثار" للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب"علم الآثار بين النظرية والتطبيق" للمؤلف عاصم محمد رزكتاب تحف مختارة من المتاحف الأثرية للمؤلف للمؤلف أحمد عبد الرزاق وهبة يوسف


شارك المقالة: