العلاج الوظيفي وإطار التدخلات العلاجية المهنية الموجهة نحو تحسين أداء الحركة

اقرأ في هذا المقال


العلاج الوظيفي وإطار التدخلات العلاجية المهنية الموجهة نحو تحسين أداء الحركة:

إن إطار تدخلات العلاج الجراحي لتحسين الأداء الحركي لدى المرضى الذين يتعافون من إصابات الدماغ مبني على سلسلة من المبادئ العامة والفهم الأساسي للعوامل التي تساهم في الأداء الحركي الأمثل.

المبادئ العامة لتدخلات العلاج الوظيفي لتحسين الأداء الحركي:

1- التدخلات القائمة على المهام:

من الافتراضات التاريخية الأساسية لممارسة العلاج الوظيفي أن المشاركة في الأنشطة العلاجية المصممة خصيصًا يمكن أن تحسن الوظيفة الحركية. حيث توفر الأدبيات الحديثة في علم الأعصاب وعلوم الحركة وإعادة التأهيل دعمًا ثابتًا لفعالية الممارسة الموجهة نحو المهام في تعزيز تنمية المهارات الحركية واللدونة العصبية لدى البشر الذين يعانون من ضعف الحركة الناجم عن خلل في الجهاز العصبي المركزي.
كما أن بعض المصطلحات العديدة المختلفة المستخدمة لوصف استخدام الأنشطة كتدخل علاجي لتحسين التحكم الحركي هي تدريب / ممارسة على المهام المتكررة، التدريب المتعلق بالمهام، العلاج القائم على النشاط، التدريب الخاص بالمهمة والتدريب الموجه نحوهدف التدريب.
تمشياً مع نظرية النظم الديناميكية والنظرية البيئية، يستفيد التدخل القائم على المهام من العلاقة المتبادلة بين المهمة والبيئة والشخص في تشكيل الحركة البشرية وتعزيز تطوير المهارات الحركية الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، عند تصميم التدخل القائم على المهام، يقدر المعالج الترابط الطبيعي بين التوازن والحركة الإجمالية وحركة الأطراف الوظيفية. لذلك، فإن برنامج العلاج سيسعى جاهداً لدمج جميع الأنواع الثلاثة من المتطلبات الحركية في المهام العلاجية.
على عكس التدريب التعويضي، فإن تعميم التعلم هو هدف التدخل العصبي القائم على المهام. على الرغم من أن المريض يمارس مهامًا محددة، فإن الغرض العلاجي لا يركز على تعزيز الاستقلال في تلك المهام المحددة. بدلاً من ذلك، فإن الهدف العلاجي هو أن يطور المريض استراتيجية أساسية (أو برنامجًا حركيًا) لأداء مجموعة متنوعة لا حصر لها من المهام التي تتطلب مهارات أساسية في التوازن والتنقل الإجمالي و / أو الحركة الوظيفية للطرف الصغير.

2- المعالج كمدرب:

العلاقة بين المريض والمعالج في التدريب المرتبط بالمهمة هي إرشاد نشط وتعاوني فيما يتعلق بالأداء الحركي. حيث مثلما يكون المدرب الرياضي على دراية جيدة بالاستراتيجيات الحركية التي تعتبر ضرورية للنجاح في رياضة معينة، فإن المعالجين يجلبون الخبرة حول الحركة الوظيفية لأداء المهام اليومية.
كما يجب أن يكون لدى المعالجين معرفة واسعة بالسمات الحركية للحركة، على حد سواء كما يؤديها الأفراد الذين يعانون من أنظمة عصبية عضلية سليمة وكما لوحظ بشكل متكرر في الأشخاص الذين يظهرون خلل وظيفي حركي محدد، مثل الشلل النصفي أو الرنح.
حيث يقوم المعالجون بتطبيق هذه المعرفة عند تقييم الأداء وتحديد الأهداف وتنظيم جلسات التدريب وتقديم الملاحظات والتعليمات. كما أن الأهداف الحاسمة للمعالج كمدرب هي (1) تشجيع أداء أهم الميزات الميكانيكية ضمن فئة معينة من المهام الحركية و (2) تثبيط التكيفات السلوكية ذات الفعالية المحدودة.
كمدربين، يقوم المعالجون بتنظيم جلسات التدريب من أجل:

  • توجيه انتباه المريض إلى سمات المهمة الأكثر بروزًا للتعلم.
  • تقديم التعليمات المناسبة.
  • تطوير قدرة كل مريض على تحليل أدائه بنشاط.

3- تركيز الانتباه:

تتمثل الخطوة الأولى في عملية تعلم المهارات الحركية في تحديد المكونات الرئيسية للعمل. بعبارة أخرى، يتطلب التعلم المبكر للمهارة الحركية تعليمات واضحة لإنشاء المعلمات الرئيسية التي ستكون حاسمة للأداء الناجح. في هذه المرحلة، يكون العرض والتعليمات، التي تركز على نقطة أو نقطتين بارزتين مهمة في توجيه جهود المريض.
كما يتقدم التعلم بسلاسة أكبر عندما يكون لدى المريض فكرة واضحة عن الهدف الحركي وأي الاستراتيجيات مناسبة أو غير مناسبة للوصول إلى هذا الهدف. حيث يوصي الباحثون بأن يطلب المعالجون بشكل روتيني من المرضى أن يصفوا أو يوضحوا مع جزء آخر من الجسم إذا لزم الأمر الحركات المحددة المطلوبة لتحقيق مهمة ما. هذا يسمح للمعالجين بفهم ما يعتقد المرضى أنهم مطالبون به. كما يمكن بعد ذلك تعديل التعليمات للتأكد من أن كلا من المريض والمعالج يعملان في الواقع لتحقيق نفس الهدف.
بمجرد أن يستوعب الفرد هذا “النموذج” للعمل، فإن الهدف التالي هو تطوير المهارة والكفاءة في تنسيق الإجراءات لأداء الإجراء بطريقة سلسة وفعالة. حيث يعتمد هذا التعلم الضمني على ممارسة المهام المستمرة، مع زيادة الطلب على السرعة والقوة والتنسيق. في هذه المرحلة، قد يكون من المؤذي تركيز انتباه المريض على تفاصيل الأداء، بدلاً من ذلك، يتحكم المعالجون في المعلمات داخل كائنات المهمة لتشكيل الحركية المقصودة لتسلسل الحركة.

4- التعليمات والتعليقات:

التعليمات مهمة عندما يكون هدف المعالج هو تعزيز التعلم الواضح. حيث أنه مع التعليمات الشفوية، يجب تقليل الكلمات إلى الحد الأدنى. كما يحدد المعالج الجانب الأكثر أهمية في الحركة ويقدم الاتجاهات من حيث العدف. كما يمكن تقديم عرض مرئي من خلال أداء المعالج للمهمة، مع التركيز على عنصر أو عنصرين ضروريين للاستراتيجية الحركية.
الصور مفيدة بشكل خاص في توضيح إجراءات “ممارسة الواجبات المنزلية” التي يتعين استكمالها خارج جلسات العلاج. حيث يمكن أن يكون “التعامل” المادي أيضًا ذا قيمة في بعض الأحيان لنقل المعلومات حول محاذاة الوضع أو مسار الحركة المطلوب. كما يمكن أن يساعد هذا التفاعل اليدوي من قبل المعالج في توضيح نموذج العمل من خلال توجيه المريض بشكل سلبي من خلال مسار الحركة أو عن طريق تقييد المكونات غير المناسبة جسديًا.
على سبيل المثال، أثناء محاولات الوصول إلى الأمام المرتبط بالمهمة، قد يوفر المعالج حركة سلبية للكتف مع إشارات متزامنة فوق الأكروميوم ليحد المريض من ارتفاع حزام الكتف بالكامل. وعندما يحاول المريض الجلوس، فإن التوجيه اليدوي للمعالج وراء الكتفين يعزز المفهوم القائل بأن الفرد يجب أن يحرك الجزء العلوي من الجسم إلى الأمام لتحقيق ثني الورك والركبة الضروري للنزول السلس المتحكم فيه.
يمكن أن تكون التعليقات أو المعلومات المتعلقة بالاستجابة جوهرية أو خارجية أو متزامنة أو نهائية، ويمكن أن توفر معرفة بالأداء أو معرفة النتائج. حيث أن التغذية الراجعة الجوهرية هي نتيجة للأنظمة الحسية الخاصة بالفرد واللمس والدهليزي والبصري والسمعي.
في كثير من الأحيان بعد السكتة الدماغية، تضعف الوظيفة الحسية الجسدية، مما يحد من فعالية التغذية الراجعة الجوهرية حول الأداء الحركي. كما يمكن أن توفر التغذية الراجعة الخارجية من المعالج أو تقنية التغذية المرتدة معلومات تكميلية مفيدة لتسهيل الوعي والتعلم المبكر. ومع ذلك، فإن الهدف هو عودة المرضى إلى تقديم ملاحظاتهم الذاتية حتى يتمكنوا من تحسين أدائهم الحركي باستمرار. لذلك، في جلسات العلاج تنخفض ردود الفعل الخارجية تدريجيًا، ويتم تشجيع المرضى على استخدام أحاسيسهم الداخلية لتوجيه حركتهم.
يتم توفير التغذية الراجعة المتزامنة أثناء أداء المهمة وهي تشمل ردود الفعل الحسية الجسدية الجوهرية والتوجيه اللفظي أو اليدوي المستمر من قبل المعالج. حيث أن المحطة الطرفية أو الملخص، يتم إعطاء الملاحظات بعد إكمال المهمة. كما لا توجد دراسات منشورة تقارن فعالية التغذية الراجعة المتزامنة والنهائية، ولكن أثبتت الأبحاث أن التعليقات الخارجية المتزامنة المفرطة تشتت انتباه المتعلم وقد تمنع المريض من تعلم الاعتماد على ملاحظاته الداخلية المتزامنة.
ملاحظات معرفة الأداء هي معلومات حول العمليات المستخدمة أثناء أداء المهمة، مثل الطريقة التي يحرك بها الشخص الحوض أو الكتف. كما يتلقى الأفراد الذين لديهم أنظمة تحسس سليمة ردود فعل جوهرية ومتزامنة على بروتوكول معرفة الأداء أثناء تحركهم. ومع ذلك، قد لا يتمكن الناجون من السكتة الدماغية أو إصابات الدماغ من الوصول إلى هذا الإمداد المستمر من المعلومات.
يقدم المعالجون ملاحظات خارجية حول معرفة الأداء عندما يوجهون انتباه المريض إلى جوانب معينة من محاذاة الوضعية أو السمات الرئيسية لمسار الحركة. حيث أن نتائج البحث حول قيمة ردود الفعل الخارجية حول معرفة الأداء في إعادة التأهيل بعد السكتة الدماغية مختلطة. كما تشير نتائج بعض الدراسات إلى أن التركيز على عوامل الأداء الداخلية قد يؤدي إلى نتائج عكسية على التعلم. من ناحية أخرى، وجدت تجربة معشاة ذات شواهد لـ 28 من الناجين من السكتة الدماغية المزمنة أن التغذية الراجعة للمعرفة الأداء كانت أكثر فعالية من ردود فعل معرفة النتائج في تحسين حركة الذراع.

5- مساعدة المرضى على تطوير مهاراتهم في تحليل أدائهم:

لأن الهدف هو مساعدة المرضى على تعلم مراقبة حركتهم من خلال التغذية الراجعة الذاتية، فمن البداية، يجب أن يكونوا مشاركين نشطين في تحليل أدائهم. كما تسمح هذه الممارسة للمعالجين بمعرفة مدى فهم كل شخص للسمات البارزة للمهمة العلاجية الحالية. علاوة على ذلك، فإن عملية التحليل الذاتي هذه تشجع الأفراد على تطوير نظرة ثاقبة حول قدراتهم الحركية وتطوير مهارات حل المشكلات وفهم أهداف برنامج العلاج.

6- طبيعة الممارسة:

الممارسة هي عنصر حاسم لتعلم المهارات الحركية. المبادئ التالية حول الممارسة مهمة بشكل خاص عند تصميم العلاج لتحسين المهارات الحركية لدى الأشخاص الذين يتعافون من السكتة الدماغية أو إصابة الدماغ:

  • جداول الممارسة العشوائية (أو المتغيرة) تؤدي إلى تعميم أفضل للتعلم من جداول التدريب المحجوبة. لذلك، يُنظم المعالجون مهام ممارسة تتطلب اختلافات طفيفة في أنماط الحركة أثناء التكرار المتتالي.
  • يتعلم الناس ما يمارسونه. لذلك، يجب أن يفهم المرضى بوضوح التعليمات حول المكونات الحركية الرئيسية لاستراتيجيات الحركة العامة التي سوف يمارسونها أثناء وخارج جلسات العلاج.
  • كميات أكبر من الممارسة مهمة لتعلم المهارات والتعميم. نظرًا لأن جلسات العلاج لا توفر فرصًا كافية للمرضى لممارسة تطوير مهارات حركية جديدة، فإن المعالجين يساعدون المرضى على تطوير إجراءات لممارسة مهارات جديدة بمفردهم أو مع أفراد الأسرة. حيث من الطبيعة البشرية أن تمارس أكثر عندما نعلم أن شخصًا ما سيحاسبنا. لذلك، يجب أن يكون المرضى مسؤولين عن الاحتفاظ بـ “سجلات الواجبات المنزلية” والإبلاغ عن تقدمهم إلى المعالج في بداية كل جلسة.
  • تؤدي ممارسة الحركات المحددة إلى تحسينات في أداء الحركة فقط ولكن ليس في الأداء الوظيفي. لذلك، فإن الهدف من الممارسة العلاجية هو أن يتعلم المرضى الاستراتيجيات العامة لحل المشاكل الحركية.
    توفر أنشطة الرعاية الذاتية وأوقات الفراغ فرصًا منطقية للممارسة القائمة على المهام. حيث أنه في كثير من الأحيان، يصف المعالجون المهنيون طرقًا عالمية لأنشطة الحياة اليومية تتعارض مع أهدافنا للأداء الحركي الأمثل. ما لم يتم تحدي التوازن ووظيفة الأطراف بشكل روتيني أثناء أداء النشاط اليومي، فلا توجد تحديات بيئية لتحفيز مرونة الدماغ.
    كما أنه ما لم يكن لدى المرضى فرص للممارسة الروتينية للمهارات الحركية المطلوبة لتحقيق التوازن والحركة والاستخدام الوظيفي للأطراف المصابة، فإن الوقت الذي يقضيه المريض خلال جلسات العلاج سيكون له تأثير ضئيل. لذلك، يجب على المعالج المهني تصميم طرق آمنة ومخصصة لكل مريض تشمل باستمرار القدرات الناشئة لهذا الشخص في الرعاية الذاتية اليومية وأداء الترفيه.

المصدر: كتاب" مقدمة في العلاج الوظيفي" للمؤلفة سمية الملكاويكتاب" إطار ممارسة العلاج الوظيفي" للمؤلفة سمية الملكاويكتاب" اسس العلاج الوظيفي" للمؤلف محمد صلاحكتاب"dsm5بالعربية" للمؤلف أنور الحمادي


شارك المقالة: