العلاج الوظيفي وتطوير أخلاق العلاقة العلاجية

اقرأ في هذا المقال


تطوير علاقة علاجية عالية:

تشير الدلائل إلى أن التطور الحاسم للعلاقة والتحالف العامل يبدأ في غضون دقائق من الجلسة الأولى ويتم تحقيقه خلال أول ثلاث إلى خمس جلسات من العلاج، كما تميل الاجتماعات الأولى إلى أن تكون سطحية إلى حد ما ومقيدة بشكل صارم بتوقعات الدور حول عملية التقييم.

من خلال الالتزام الوثيق بالنصوص الثقافية للسلوك المهذب، يقدم المعالج والمريض هوياتهم لبعضهم البعض على أنّها قيمة ومحبوبة. في الاجتماع الأول، قد ينقل المريض معلومات خاصة إلى المعالج، لكنّ عمق العلاقة الحميمة وتحالف العمل والتبادلية يستمر في النمو عبر التفاعلات اللاحقة.
تطوير العلاقة ليس بالضرورة خطي كما يبدو أنّ التوتر الديالكتيكي بين الرغبات الحميمية والاستقلالية يظهر في نمط دوري من السلوك الحميم والبعد. كما قد يجرب المريض والمعالج أنماطًا مختلفة من الارتباط ببعضهما البعض.
هناك أيضًا أنماط للتحول بين العمل العلاجي والتواصل الاجتماعي مع الدردشة التي قد توفر فرصة خارج المهمة للراحة وإعادة تأكيد العلاقة بين المعالج والمريض. كما يمكن لخصائص وظروف المعالجين والمرضى في بيئة العلاج أن تسهل أو تمنع تطور العلاقة. حيث يبدو أن الأساليب والمهارات الشخصية المختلفة مفيدة للفعالية العلاجية في أوضاع الصحة البدنية مقابل الصحة العقلية أو الأطفال مقابل السكان البالغين، ممّا يشير إلى أنه يجب على المعالجين تكييف أساليبهم مع السياق العلاجي المحدد.
من خلال التأمل الذاتي وردود الفعل من المشرفين والزملاء والمرضى، والخبرة السريرية العاكسة والتدريب، يجب أن يكون المعالج قادرًا على تعلم كيفية إجراء هذه التعديلات.
يمكن للمرضى والمعالجين تجربة الأحداث في جلسات العلاج التي تخلق مشاعر سلبية وتهدد بـ “تمزق” علاقتهم وتحالفهم العامل. حيث وجدت الدراسات في العلاج النفسي أنّه كلما زاد عدد المرضى والمعالجين الذين عانوا من “إصلاحات” التمزق، كانت نتائجهم أكثر نجاحًا. وقد تمّ تكييف استراتيجيات إصلاح التمزق التالية مع العلاج المهني للضعف الجسدي:

  • يجب أن يكون المعالج منتبهاً للمشاكل المحتملة عند ظهورها.
  • يجب أن يكون المعالج منفتحًا للخلاف أو المشاعر السلبية من المرضى.
  • يجب أن يبقى المعالج غير دفاعي ويتحدث مباشرة عن الخلافات والمشاكل في عملية العلاج.
  • يجب التحقق من صحة قيام المريض بإثارة الخلافات في الرأي أو المشاعر السلبية.
  • يجب استخدام الاستدلال السريري وتعاون المريض لتحديد ما إذا كان من الأفضل تغيير مهام أو أهداف التدخل دون استكشاف التمزق بعمق أو التعامل بعمق مع سبب التمزق والحصول على المساعدة عند الحاجة للقيام بذلك.
    عادة، تعمل العلاقات العلاجية نحو نهاية مخططة للعلاقة حيث يتم تحقيق الأهداف أو لم تعد هناك حاجة للخدمات مع اقتراب الخروج، يجب أن يعمل المعالج بنشاط مع المريض لتحويل علاقته بشكل مناسب، حتى لا يشعر المريض بأنّه مهجور.
    كما يعتمد الشكل الذي يتخذه هذا التحول على الإعداد. على سبيل المثال، قد يساعد المعالج المريض على تطوير علاقات مرضية أخرى في المجتمع أو قد يظل على اتصال بالمريض من خلال الهاتف أو زيارات العيادة العرضية.

تأثير مفيد وخيار علاجي عالي:

تشمل الأسباب المحتملة التي قد تكون للتفاعلات اليقظة والمنسقة والإيجابية بين المريض والمعالج تأثيرًا مفيدًا على النتائج المهنية للمريض وصحته ما يلي:

  • يعزز التفاعل تطوير المهارات من خلال توجيه الانتباه إلى السمات المهمّة لمشكلة مهمّة وتوصيل المعلومات اللازمة لحل المشكلة وبناء الثقة في المعالج وعملية العلاج وتقديم الدعم التحفيزي لمتابعة حل المشكلة وتسهيل الالتزام بتوصيات العلاج.
  • يعمل التفاعل على تحسين الصحة الفسيولوجية والعاطفية وبالتالي تمكين الأفراد من تركيز الطاقة والجهد على المهنة، حيث أنّ الآثار الصحية للعلاقات العلاجية الإيجابية بما في ذلك الآثار المباشرة على الأداء المناعي والفسيولوجي والتأثيرات غير المباشرة على الالتزام بالتدخلات الصحية، مماثلة للآثار الصحية للدعم الاجتماعي الذي توفره العلاقات الأسرية الإيجابية.
  • يخلق التفاعل نبوءة تحقق ذاتها بتحسن الأداء. حيث يقوم المعالج بإبلاغ توقعاته أو توقعاتها بشأن تقدم المريض، بحيث يتوافق الأداء الفعلي للمريض مع تلك التوقعات. وقد يُظهر السلوك المعلوماتي والدافئ والاحترام للمرضى أنّهم بشر قادرون ومقدرون، ممّا يحشد موارد المرضى النفسية والجسدية نحو تحقيق تلك الصفات. وقد تم العثور على ارتباط القيم للمساعدة في تغيير أداء الأفراد الذين يشعرون بعدم الأمان أو لديهم كفاءة ذاتية منخفضة وعكس النبوءات السلبية لتحقيق الذات.

إرشادات المعالج لتسهيل تطوير علاقة علاجية عالية:

  • خلق الظروف التي تزيد من التركيز والانتباه:

    1- تقليل عوامل التشتيت واحتمالية الإحراج أو القلق في بيئة العلاج.
    2- موقف جهازي المعالج والمريض لرؤية وسماع بعضهم البعض بوضوح.
    3- منح الوقت الكافي للمشاركة الهادفة والانتباه إلى القضايا التي تهم المريض.
  • خلق الظروف التي تزيد من التواصل البارع والتنسيق بين الأفراد:

    1- تقديم المساعدة للمريض حسب الحاجة للتعبير عن المشاعر والأفكار.
    2- البقاء منفتحًا وحساسًا للرسائل الشفوية وغير اللفظية من المريض.
    3- التعبير بوضوح عن المشاعر والأفكار التي تتوافق مع احتياجات وأهداف المريض.
    4- التحقق للتأكد من أنّ كل منهما يفسر الآخر بدقة.
    5- خلق تحدي، تفاعل مثير للاهتمام وفعال للمريض.
    6-إشراك المريض بشكل تعاوني في تطوير الأهداف وتخطيط التدخل.
  • خلق الظروف التي تزيد من المتعة والإيجابية:

    1-البحث عن جانب مرضي لكل تفاعل مع المريض.
    2- التعبير عن الاهتمام الحقيقي والاهتمام بالمريض من خلال السلوك اللفظي وغير اللفظي.
    3- حل المشاكل والمخاوف الشخصية خارج التفاعل بين المريض والمعالج.
    4- توفير الفرص للمريض للانخراط في الأنشطة التي يجدها ممتعة.
    5- توفير فرص للراحة والتعافي خارج المهام أثناء الأنشطة التي يحتمل أن تكون محبطة.
    6- تحديد مصدر سلبية المريض والاستجابة بشكل مناسب.
    7-إدارة السلبية والخلافات لتوليد علاقة بناءة وتعاونية.

الأخلاق والعلاقة العلاجية:

المبادئ الأربعة لقانون أخلاقيات العلاج الوظيفي الأكثر صلة بالعلاقة العلاجية هي التالية:

  • المبدأ 1 (المنفعة) : يجب على موظفي العلاج الوظيفي إظهار قلقهم بشأن رفاهية وسلامة المستفيدين من خدماتهم. تشير المنفعة إلى اللطف والإنسانية والأفعال التي تفيد الآخرين.
    على الرّغم من عدم وجود ضرورة أخلاقية للشعور بالارتباط مع المرضى، إلّا أنّ ضرورة إظهار الاهتمام برفاهية متلقي الخدمات تتماشى مع تطوير علاقة علاجية عالية مع المريض على النحو المحدد، ولتحقيق أقصى استفادة، يجب على المعالج استخدام المعرفة الحالية والبحث في الممارسة وتقييم تأثير الخدمات بشكل دوري وإنهاء الخدمات بالتعاون مع المريض عندما يتم تلبية احتياجات وأهداف المريض أو عندما لا تنتج الخدمات تغييرات مثل مقصود.
    نظرًا لأنّ المعالج يعمل على إنشاء علاقة، فمن المهم أن يدرك المعالج أن معتقداته الخاصة حول ما هو مهم للرفاهية والمهنة لا تعادل بالضرورة المعتقدات التي يتبناها المريض، خاصة أولئك الذين لديهم ثقافات وخلفيات مختلفة من المعالج.
  • المبدأ 2 (عدم الإضرار) : يجب على موظفي العلاج المهني الامتناع عمدًا عن الإجراءات التي تسبب ضرراً، حيث تؤدي مشاعر المعالج السلبية إلى نتائج سلبية مع المريض.
    كما يجب على المعالجين التفكير في تغيير الوظائف أو التخصص السريري إذا كانوا غير قادرين على التغلب على المشاعر السلبية مع المرضى الذين يُنظر إليهم عادةً في مكان أو مجال تخصص. بعد محاولة صادقة ولكن غير ناجحة لدعم علاقة علاجية عالية، قد يفكر المعالجون في إحالة المريض إلى معالج مختلف، ربما يكون متخصصًا في مثل هذه الحالات.
    أحد عناصر هذا المبدأ هو عدم استغلال المريض جنسيًا أو جسديًا أو عاطفيًا أو ماليًا أو اجتماعيًا أو بأي طريقة أخرى. كما يجب أن يفهم المعالجون كيفية وضع حدود مهنية في علاقاتهم العلاجية من أجل إنشاء علاقة ودية ومشاركة لا تنطوي على نفس المعاملة بالمثل والعرضية والترابط للعديد من الصداقات الشخصية الوثيقة.
    على سبيل المثال، المعالجون انتقائيون بشأن مشاركة معلوماتهم الشخصية ولا يشتكون من زملائهم في العمل أو المشرفين ويجب أن يكونوا حذرين بشأن قبول الهدايا أو تبادلها وأن يكونوا على دراية بالسياسات المؤسّسية التي قد تمنع الموظفين من قبول الهدايا من أي نوع.
    المعالجون الذين يعتمدون على المريض لتلبية احتياجاتهم الشخصية يكونون مستغلين بسبب قوتهم الأعلى مقارنة بضعف المرضى علاوة على ذلك، على الرّغم من أنّ المعالج مسؤول أخلاقياً عن مساعدة المريض، لا يتوقع من المريض مساعدة المعالج بأي طريقة.
  • المبدأ 3 (الاستقلالية والسرية) : يجب أن يحترم موظفو العلاج المهني حق الفرد في تقرير المصير حيث يتطلب احترام استقلالية المريض علاقات علاجية يتعاون فيها المرضى، بما في ذلك العائلات والأشخاص المهمين الآخرين ومقدمي الرعاية بأفضل ما في وسعهم في تحديد الأهداف والأولويات أثناء التدخل، كما يتطلب التعاون أن يقوم المعالج بإبلاغ المرضى بطبيعة ومخاطر والنتائج المحتملة للتدخل وأنّ المرضى لديهم الفرصة لاقتراح أو رفض الخدمات أو عناصر الخدمات.حيث يقوم المعالجون بتسهيل التواصل والفهم حسب الحاجة من أجل المساعدة في التعاون.
  • المبدأ 4 (العدالة الاجتماعية) : يجب على موظفي العلاج الوظيفي تقديم الخدمات بطريقة عادلة ومنصفة، المعالجون مدعوون لدعم المسؤوليات الإيثارية للمهنة للمساعدة في ضمان الصالح العام والدعوة إلى معاملة عادلة ومنصفة لجميع المرضى وتقديم الخدمات بطريقة منصفة لجميع الأفراد.
    قد يكون لدى المعالج مخاوف أو مواقف سلبية تجاه مجموعة معينة من المرضى على الرغم من هذه المشاعر يجب على المعالجين تقديم الخدمات بطريقة محايدة وقائمة على تطوير علاقة علاجية فعالة ومعززة للصحة.
    المعالجون مسؤولون عن فهم كيف يمكن أن تتأثر الخدمات بعوامل مثل الوضع الاقتصادي والعمر والعرق والجغرافيا والإعاقة والحالة الاجتماعية والتوجه الجنسي والجنس والهوية الجنسية والدين والثقافة والانتماء السياسي.

المصدر: كتاب" مقدمة في العلاج الوظيفي" للمؤلفة سمية الملكاويكتاب" اسس العلاج الوظيفي" للمؤلف محمد صلاحكتاب"إطار ممارسة العلاج الوظيفي" للمؤلفة سمية الملكاويكتاب"DSM5 بالعربية" للمؤلف أنور الحمادي


شارك المقالة: