نزول القرآن مُنجماً وأسراره

اقرأ في هذا المقال


لقد أخبرنا القرآن عن نزوله في مناسبات كثيرة يدور قطب بحثها هنا على بعض الجمل ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡیَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۗ یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة ١٨٥]

وقوله تعالى  (٢) إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةࣲ مُّبَـٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِینَ (٣) فِیهَا یُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِیمٍ (٤) أَمۡرࣰا مِّنۡ عِندِنَاۤۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِینَ (٥) رَحۡمَةࣰ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ (٦)﴾ [الدخان ١-٦]

وقوله تعالى ﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ (١)  [القدر ١-٥]

وقوله تعالى ”  وَٱللَّهُ مِن وَرَاۤىِٕهِم مُّحِیطُۢ (٢٠) بَلۡ هُوَ قُرۡءَانࣱ مَّجِیدࣱ (٢١) فِی لَوۡحࣲ مَّحۡفُوظِۭ (٢٢)﴾ البروج ١٩-٢٢]

وظاهر الآية الأولى يستدعي البحث، ومن المعروف أنَّ القرآنَ لم ينزل جملة واحدة ، إنَّما نزل مفرقاً ، وقد تساءل الدارسون منذ العصر الأول ، كما رُويَ :

عن ابن عباس أنَّه سأله عطيَّه بن الأسود فقال : وقع في قلبي الشَّك من قوله تعالى : ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡیَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۗ یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة ١٨٥] وقوله تعالى (٢) إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةࣲ مُّبَـٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِینَ (٣) فِیهَا یُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِیمٍ (٤) أَمۡرࣰا مِّنۡ عِندِنَاۤۚ إِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِینَ (٥) رَحۡمَةࣰ مِّن رَّبِّكَۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ (٦)﴾ [الدخان ١-٦]

[عن عبدالله بن عباس:] وفي رواية أنَّهُ سألَهُ عطيَّةُ بنُ الأسوَدِ، فقال: وقعَ في قَلبي الشَّكُّ: قولُ اللَّهِ تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقولُهُ: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ وقوله: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وقَد أُنزِلَ في شوّالَ، وفي ذي القِعدَةِ، وفي ذي الحِجَّةِ، وفي المُحرَّمِ، وصفَرَ، وشهرِ رَبيعٍ؟ فقالَ ابنُ عبّاسٍ: إنَّه أُنْزِلَ في رمضانَ في ليلةِ القدرِ وفي ليلةٍ مبارَكَةٍ جُملةً واحدةً، ثمَّ أُنْزِلَ على مواقعِ النُّجومِ تَرتيلًا في الشُّهورِ والأيّامِ . أحمد شاكر (١٣٧٧ هـ)، عمدة التفسير ١/٢٢٠

لقد تظافرت الأسانيد الصحيحة إلى ابن عباس تثبت قوله بنزول القرآن ثلاث تنزلات .

  • التنزل الأول : نزوله إلى اللوحِ المحفوظِ، كما نصَّت الآية : وَٱللَّهُ مِن وَرَاۤىِٕهِم مُّحِیطُۢ (٢٠) بَلۡ هُوَ قُرۡءَانࣱ مَّجِیدࣱ (٢١) فِی لَوۡحࣲ مَّحۡفُوظِۭ (٢٢)﴾ البروج ١٩-٢٢

واللوحُ المحفوظُ عالم علوي عظيم جعله الله تعالى من أعظم المظاهر الدَّالة على عظمةِ علمه تعالى وحكمته وقدرته النافذة في الأكوان، ويختصُّ اللوح المحفوظ بكونه مشتملاً على تسجيل ما قضى اللهُ تعالى وقدّر وما كانَ وما سيكونُ.

ويشهد بذلك ما روي عن عكرمة مولى ابن عباس:] عن ابنِ عبّاسٍ قال: أُنزِل القرآنُ جُملةً واحدةً إلى السماءِ الدُّنيا في ليلةِ القدرِ، ثمَّ نزَل بعدَ ذلكَ في عشرين سنةً، ثمَّ قرأ: وَقُرْآَنًا فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلى النّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا

ابن كثير (٧٧٤ هـ)، فضائل القرآن ٣٦ • إسناده صحيح

التنزيل الثاني : النزول إلى بيت العزَّة في السماء الدنيا جملة واحدة .

وأخرج النسائي في التفسير من جهةِ حسَّان عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال : فُصل القرآن من الذِّكر فوضع في بيت العزَّة من السَّماء الدنيا، فجعل جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم وإسناده صحيح، وحسَّان هو ابن أبي الأشرس، وثَّقه النسائي وغيره .

قال الإمام الزركش في البرهان في علوم القرآن : وأعلم أنَّه اتفق أهل السنَّة على أنَّ كلام الله منزَّل، واختلفوا في معنى الإنزال فقيل : معناه إظهار القرآن ،   

وقيل إنَّ الله أفهم كلامه جبريل وهو في السماء، وهو عالٍ عن المكان وعلمه قراءته، ثمَّ إنَّ جبريل أدَّاه في الأرض وهو يهبط في المكان .(البرهان في علوم القران – الزركشي 229 )

والتنزيل الثالث :النزول على قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم منجماً في ثلاث وعشرين سنة , قال تعالى ﴿إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَةࣰۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِینَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ (١٩١) وَإِنَّهُۥ لَتَنزِیلُ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ (١٩٣) عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِیࣲّ مُّبِینࣲ (١٩٥)﴾ [الشعراء ١٩٠-١٩٥]

نزول القرآن منجماً :

لقد صرَّحت الآيات القاطعة بأنَّ القرآن الكريم كلام الله المنزَّل من عند الله تعالى بلفظه ومعناه على قلبِ النبي صلى الله عليه وسلم، لا تصرَّف لأحد في شيء منه ولا في حرف من حروفهِ .

قال تعالى ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ زَیَّنَّا لَهُمۡ أَعۡمَـٰلَهُمۡ فَهُمۡ یَعۡمَهُونَ (٤) أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَهُمۡ سُوۤءُ ٱلۡعَذَابِ وَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ (٥) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِیمٍ عَلِیمٍ (٦) إِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهۡلِهِۦۤ إِنِّیۤ ءَانَسۡتُ نَارࣰا سَـَٔاتِیكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ ءَاتِیكُم بِشِهَابࣲ قَبَسࣲ لَّعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جَاۤءَهَا نُودِیَ أَنۢ بُورِكَ مَن فِی ٱلنَّارِ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (٨)﴾ [النمل ٤-٨] وقال تعالى ﴿الۤرۚ كِتَـٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَایَـٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِیمٍ خَبِیرٍ﴾ [هود ١] فالقرآن تلقَّاه النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم من الله تعالى كما تشير كلمة “لدن ” وهو كلامُ الله كما صرَّحت الآية ﴿وَإِنۡ أَحَدࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ یَسۡمَعَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَعۡلَمُونَ﴾ [التوبة ٦] لكنَّ تنزيل القرآن على قلبِ النَّبي لم يكن دفعة واحدة، كما نزلت الكتب السَّابقة على الأنبياء دفعةً واحدةً، بل اختصَّ الله تعالى هذا القرآن بأنْ أنزله منجَّماً أي مفرَّقاً.

السَّبب في نزول القرآن منجماً :

  • اولا : تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم :

هذا سؤال قد تولَّى الله جوابه عندما قال ﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَیۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةࣰ وَ ٰ⁠حِدَةࣰۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَـٰهُ تَرۡتِیلࣰا﴾ [الفرقان ٣٢]

(أي لنقوي بهِ قلبك ) فإنَّ الوحي إذا كان يتجدَّد في كل حادثة كان أقوى للقلب، وأشدُّ عناية .

وقيل : في قوله تعالى ” لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ – أي لنحفظه – فإنَّه كان أميّاً لا يقرأ ولا يكتب ؛ ففُرَّق عليه لييسِّر عليه حفظه .

وقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم جفاة شديدة عداوتهم .

السبب الثاني : مواجهة ما يطرأ من أمور أو حوادث تمس الدعوة : كما قال تعالى ﴿وَلَا یَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِیرًا (٣٣) ٱلَّذِینَ یُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا (٣٤)﴾ [الفرقان ٣٣-٣٤] وهذه حكمة جليلة لها أثرها البالغ في نجاح الدعوة ، لمواجهة الوحي نفسه للطواريء والملمات ، ومن أهم ذلك ما يثيره المبطلون من الاعتراضات أو الشبهات ، وهو الأصل الذي صرحت فيه الآية ﴿وَلَا یَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِیرًا (٣٣) ٱلَّذِینَ یُحۡشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ سَبِیلࣰا (٣٤)﴾

عن قتادة، قوله ﴿قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ : ذُكر لنا أن أُبيَّ بن خلف، أتى رسول الله ﷺ بعظم حائل، ففتَّه، ثمَّ ذرَّاه في الرِّيح، ثمَّ قال: يا محمد من يحيي هذا وهو رميم؟ قال: “واللهُ يحييه، ثمَّ يميتهُ، ثم يُدخلكَ النَّار؛ قال: فقتله رسول الله ﷺ يوم أُحد.

﴿أَوَلَمۡ یَرَ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَـٰهُ مِن نُّطۡفَةࣲ فَإِذَا هُوَ خَصِیمࣱ مُّبِینࣱ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلࣰا وَنَسِیَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن یُحۡیِ ٱلۡعِظَـٰمَ وَهِیَ رَمِیمࣱ (٧٨) قُلۡ یُحۡیِیهَا ٱلَّذِیۤ أَنشَأَهَاۤ أَوَّلَ مَرَّةࣲۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِیمٌ (٧٩)﴾ [يس ٧٧-٧٩]

أي استبعد إعادة الله تعالى ذي القدرة العظيمة – الذي خلقه من نطفةٍ والذي خلقَ السموات والأرض – للأجساد والعظام الرَّميمة ونسيَ نفسهُ.

كذلك كانوا يُلقون عليه أسئلة اختبار للتثبت من نبوته كما روي  [عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ مُشْرِكِي قريشٍ بعثوا النَّضْرَ بنَ الحارثِ، وعقْبَةَ بنَ أبي مُعَيْطٍ إلى أحبارِ اليهودِ بالمدينةِ فقالوا لهُمْ: سَلُوهُمْ عن أَمْرِهِ وأَخْبِروهم خَبَرَهُ وصِفُوا لهم مَقالَتَه، فإنَّهم أهلُ الكتابِ الأوَّلِ، وعندَهُمْ علْمٌ ما ليسَ عندنا من علمِ الأنبياءِ، فقَدِما المدينةَ فسألا أحبارَ اليهودِ عنهُ، وأخبرُوهم بما يقولُ، فقالوا لهُم: سَلُوهُ عن ثلاثٍ فإنْ أخْبَرَكُم بهنَّ فهوَ نبيٌّ مرسَلٌ، وإلّا فهوَ رجلٌ مُتَقَوِّلٌ، سلُوهُ عن فِتْيَةٍ ذهبوا في الدَّهْرِ الأوَّلِ ما كانَ من أمرِهِم؟ فإنَّهُم كانَ لهمْ حديثٌ عجِيبٌ، وسلُوهُ عن رجلٍ طوّافٍ طافَ مشارِقَ الأرضِ ومغارِبَها ما كان نَبَؤُهُ؟ وسلُوهُ عن الرُّوحِ ماهُوَ؟ فانْطَلَقا فقَدِما مكَّةَ فقالا: يا معشَرَ قريشٍ قدْ جئْناكُم بفَصْلِ ما بينكم وبينَ محمدٍ، أمَرَنا أحبارُ اليهودِ أنْ نسْأَلَهُ عن ثلاثٍ، فذكَرَ القصَّةَ، فجاءوا إلى رسولِ اللهِ ﷺ فسأَلُوهُ عن ذلكَ فقالَ: غدًا أجِيبُكُم ولم يَسْتَثْنِ، فمَكَثَ خمسَ عشرَةَ ليلةً لا يُحْدِثُ اللهُ إليهِ في ذلكَ وحيًا، ولا يأتِيهِ جبريلُ ﷺ، حتّى أحْزَنَ ذلكَ رسولَ اللهِ ﷺ، وأَرْجَفَ بهِ أهلُ مكَّةَ، فقالُوا: وعَدَنا أنْ يجيبَنا غدًا وقدْ مَضَتْ خمسِ عشرةَ ليلةً، أصبحْنا منْها اليومَ لا يخبِرُنا عمَّا سأَلناهُ عنهُ، فنزلَ عليهِ جبريلُ بسورةِ الكهفِ، فعاتَبَهُ في أوَّلِها على حزْنِهِ عليهمْ ثمَّ أخبَرَهُ بخبَرِ أهلِ الكهفِ، وأخبَرَهُ عن الرَّجلِ الطوَّافِ، ونزلَ قولُهُ تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآيةَ ذكره ابن حجر العسقلاني (٨٥٢ هـ)، موافقة الخبر الخبر ٢/٧٠

ثالثا: تعهد هذه الأمة التي أُنزل عليها القرآن :

وذلك لصياغتها على النهج الإسلامي القرآني علماً وعملاً، وفكراً واعتقاداً وسلوكاً .

المصدر: علوم القرآن - نور الدين عتر البرهان في علوم القران - الزركشي تفسير الطبري - الامام الطبري


شارك المقالة: