لقد كانَ لعلْمِهمِ الواسِعِ أثَرٌ كبير في انتشارِ علمِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، رحلوا بينَ البُلْدانِ الإسلاميَّةِ طلبوا العِلمَ ونشَروهُ لكَي لا يقِفُ عنْدَهمْ، كانوا بوصَلَةَ لكلِّ منْ أرادَ تعلَّمَ الحديثِ، ظهرَ منْهُمُ الحَفَظَةُ الكِبار الّذينَ لا زالَتْ أسماؤُهم مُدَوَّنَةً في كُتُبِ الحديثِ النَّبويِّ ومُصَنَّفاتِه، شاهدينَ على الأمَّةِ الإسْلاميَّةِ بوصولِهِ إلَيْهمْ، نُقْلِعُ معَكُمْ في رِحْلَتِنا في رواةِ الحديثِ النَّبويِّ إلى البَصْرَةِ حيثُ ازْدِحامُ العلمِ ورواةِ الحديثِ النَّبويِّ في زَمَنِ أتْباعِ التَّابعينَ لِنتَحدَّثَ عنْ راوي منْهمْ، إنَّهُ الرَّاوِي المُحَدِّثُ حاتِمُ بنُ وردانَ، فتعالوا مَعَنا في سيرَتِهِ معَ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.
نبذة عن حاتم بن وردان:
هوَ الرَّاوي المُحَدِّثُ، أبو صالحٍ، حاتِمُ بنُ وردانَ بنِ مَهْرانَ السَّعْدِيُّ، منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، منْ أهلِ البَصْرَةِ وعلَمائِها، كانَ منَ الثِّقاتِ في روايَةِ الحديثِ، وكانَ مِمَّنْ أُشْتُهِرَ بنقلِ الحديثِ عنْ أيوبَ السَّخْتِيانِيِّ رَحمَهُ اللهُ، وابْنُهُ صالِحُ بنُ حاتِمٍ منْ رواةِ الحديثِ أيْضاً الَّذي كانَ إماماً لِمَسْجدِ أيوبَ السَّختيانِيِّ، عاشَ في البَصْرَةِ وماتَ بها، وكانتْ وفاتُهُ في العامِ الرَّابِعِ والثَّمانينَ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ يرحَمُهُ اللهُ.
روايته للحديث:
كانَ الرَّاوي المُحَدِّثُ حاتِمُ بنُ وردانَ منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ منْ جيلِ أتْباعِ التَّابعينَ وقدْ رَوَى الحَديثَ منْ طريقِ كثيرٍ منَ المُحدِّثينَ منْ أمْثالِ: أيوبَ السَّختيانِيِّ وسعيدُ بنُ إياسٍ الجَريرِيِّ وعليِّ بنِ زيدِ بنِ جدْعانَ ويونُسَ بنِ عُبيدٍ وعبدِ اللهِ بنِ عونٍ وعبدِ الرَّحمنِ بنِ إسْحاقَ المَدَنِيِّ وبُرْدِ بنِ سنانٍ أبي العلاءِ وغيرِهم يرحَمُهُمُ اللهُ.
أمَّا منْ روَى الحديثَ منْ طريقِ حاتمِ بنِ وردانَ فمِنْهُمْ: زيادُ بنُ يحْيَى وابنُ المّدينِيِّ وإسحاقُ بنُ إبراهيمَ النّيْسابوريُّ وإسْماعيلُ بن مسعودٍ الجَحْدَريُّ والحَكَمُ بنُ المُبارَكِ وغيرِهم يرحَمُهُمُ اللهُ وحديثُهُ عندَ البخارِيِّ ومُسْلِمٍ والتِّرمِذيِّ والنَّسائِيِّ منْ جماعَةِ الحديثِ.
من رواية حاتم بن وردان للحديث:
مِمَّا جاءَ في كُتُبِ الحديثِ منْ روايّةِ حاتمِ بنِ وردانَ للحديثَ ما أورَدَهُ الإمامُ مُسْلِمُ بنُ الحجَّاجِ يرْحَمُهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كِتابِ الزَّكاةِ: (( حدَّثَنا أَبو الخَطَّابِ زِيادُ بنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ، حدَّثَنا حاتِمُ بنُ وردانَ أَبُو صالِحٍ ، حدَّثَنا أَيوبُ السَّخْتِيانِيُّ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ أبي مُلَيْكَةَ، عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، قالَ: قَدِمَتْ علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقْبِيَةٌ، فقالَ لِي أَبي مَخْرَمَةَ: انْطَلِقْ بِنا إلَيْهِ عَسَى أنْ يُعْطِيَنا منْها شَيئاً، قالَ: فقَامَ أَبِي علَى البابِ فتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَوْتَهُ، فَخَرَجَ ومَعَهُ قَباءٌ، وهُوَ يُرِيهِ مَحاسِنَهُ، وهُوَ يَقُولُ: (خَبَأْتُ هذا لَكَ، خَبَأْتُ هذا لَكَ). رقمُ الحَديثِ 1058/130 )).
