أنواع الأمثال في القرآن الكريم

اقرأ في هذا المقال


اشتهر العربُ قديماً بفصاحة لسانهم وقدرتهم الكبيرة على ضرب الأمثال وقول الشعر وفصاحة لسانهم بجميع الأقوال الخارجة منهم، فلا يخرج من أفواههم إلا ما يعرفون معناه ومغزاه وإلى ماذا يرمي، فجاء القرآن الكريم متمم لما كان عليه العرب، فجاء أفصح من ألسنتهم وأقدر منهم على ضرب الأمثال، ففي القرآن الكريم أمثالٌ كثيرة وترمي إلى أهداف عديدة.

تعريف الأمثال

الأمثال لغة

مفردها مثل، أو مثيل بمعنى الشبه ويطلق على القصة العجيبة الحال.

الأمثال في القرآن الكريم

إظهار معنى الآيات بصورة موجزة تجعله بروعة وجمالاً، لها وقع خاص في نفس القارئ، كقوله تعالى: “مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ” ” (سورة محمد: 15)، أي بوصفها بصورة جميلة للقارئ.

أنواع الأمثال في القرآن الكريم

للأمثال في القرآن الكريم ثلاثة أنواع:

1.الأمثال المصرَّحة.

2.الأمثال الكامنة.

3.الأمثال المرسلة.

الأمثال المصرحة في القرآن الكريم

هي ما يصرًّح فيها بلفظ أو بما يدل عليه من تشبيه أو تنظير أو غيرها كقوله تعالى: “مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَصُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ” (سورة البقرة: 17، وقوله تعالى: “وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ” (سورة النحل: 92).

وما جاء في حق المنافقين، كقوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)” (سورة البقرة:17-20).

فشبه القرآن الكريم المنافقين في هذه الآية بتشبيه ناري وآخر مائي، فالناري أس مثلهم كمثل الذي أشعل ناراً ليستنير بها وهذا دخولهم للإسلام، ولكن عند انحرافهم ونفاقهم في الإسلام التهمتهم هذه النار، وفي التشبيه المائي كالذي يمشي تحت المطر والصواعق وهذا تشبيه لأوامر الله تعالى ونواهيه فيغمض عينيه ويضع أصابعه في آذانه خوفاً من أن يصيبه عذاب الله تعالى ولكن عذابه يصيبه.

الأمثال الكامنة في القرآن الكريم

فهو ما لم يصرح فيها بمثل، بل دلت على معانٍ موجزة، ومثال ذلك كمن يقول مثل:(خير الأمور أوسطها)، كقوله تعالى في البقرة: “لَّا فَارِض وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَۖ” (البقرة:68)،وقوله تعالى في النفقة: “وَٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَنفَقُوا۟ لَمۡ یُسۡرِفُوا۟ وَلَمۡ یَقۡتُرُوا۟ وَكَانَ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ قَوَاما” ( الفرقان:67)، وقوله تعالى في الصلاة: “وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ سَبِیلا” ( الإسراء:110)، وقوله تعالى في الإنفاق: “وَلَا تَجۡعَلۡ یَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ” (الإسراء:29).

ما في معنى قولهم (ليس الخبر كالمعاينة)، كقوله تعالى في إبراهيم -عليه السلام-: “قَالَ أَوَلَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّیَطۡمَىِٕنَّ قَلۡبِیۖ” (البقرة:260)، وما في معنى قولهم (كما تدين تدان)، قوله تعالى: “مَن یَعۡمَلۡ سُوۤءا یُجۡزَ بِهِ” (النساء:123)، وما في معنى(لا لايلدغ المؤمن من جحر مرتين)، قوله تعالى على لسان سيدنا يعقوب -عليه السلام-: “قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَیۡهِ إِلَّا كَمَاۤ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰۤ أَخِیهِ مِن قَبۡلُ” (يوسف:64).

الأمثال المرسلة في القرآن الكريم

وهي جمل أرسلت إرسالاً من غير التصريح بلفظ التشبيه، فهي آيات تعامل معاملة الأمثال وهي كالتالي:

1.قوله تعالى: “ٱلۡـَٔـٰنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ” (سورة يوسف:51).

2.قوله تعالى: “لَیۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ” (سورة النجم:58).

3.قوله تعالى: “قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِی فِیهِ تَسۡتَفۡتِیَانِ” (سورة يوسف:41).

4..قوله تعالى: “أَلَیۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِیب” (سورة هود:81).

5..قوله تعالى: “لِّكُلِّ نَبَإ مُّسۡتَقَرّ” (سورة الأنعام:67).

6..قوله تعالى: “وَلَا یَحِیقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّیِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِ” (سورة فاطر:43).

7.قوله تعالى: “قُلۡ كُلّ یَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ” (سورة الإسراء:84).

8.قوله تعالى: “وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـٔا وَهُوَ خَیۡر لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـٔا وَهُوَ شَرّ لَّكُمۡۚ” (سورة البقرة:216).

9.قوله تعالى: “كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِینَةٌ” (سورة المدثر:38).

10.قوله تعالى: “هَلۡ جَزَاۤءُ ٱلۡإِحۡسَـٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَـٰنُ” (سورة الرحمن:60).

11.قوله تعالى: “كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَیۡهِمۡ فَرِحُونَ” (سورة الروم:32).

12.قوله تعالى: “ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ” (سورة الحج:73).

13.قوله تعالى: “لِمِثۡلِ هَـٰذَا فَلۡیَعۡمَلِ ٱلۡعَـٰمِلُونَ” (سورة الصافات:61).

14.قوله تعالى: “قُل لَّا یَسۡتَوِی ٱلۡخَبِیثُ وَٱلطَّیِّبُ” (سورة المائدة:100).

15.قوله تعالى: “كَم مِّن فِئَة قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَة كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ” (سورة البقرة:249).

16.قوله تعالى: “تَحۡسَبُهُمۡ جَمِیعا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ” (سورة الحشر:14).

وفي النهاية فلا حرج على المسلم أن يتمثل بأمثال القرآن الكريم، لكن بنطاق الأدب مع القرآن الكريم، ولكن الإثم الكبير على المسلم الذي يتمثل بأمثال القرآن الكريم من باب المزح والهزل، فهذا إثمه كبيرٌ عند الله عزَّ وجلَّ، فيجب علينا التأدب مع القرآن الكريم حتى في موضوع الأمثال بأن نتمثل منه في جميع مواقفنا، فلا نعتبر أننا مجرد مزحٌ وهزلٌ للضحك فقط، فالقرآن للعبر والوعظ لا للهزل.

المصدر: كتاب الأمثال في القرآن،ابن قيم الجوزية،1986كتاب الواضح في علوم القرآن،مصطفى ديب البغا،1998كتاب عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن،على أحمد عبد العال الطهطاوى،2004كتاب نفحات من علوم القرآن،محمد أحمد محمد معبد،2005


شارك المقالة: