الإمام الدارمي والرواية

اقرأ في هذا المقال


لقد مرَّ الحديث النََّبوي في القرنين الثاني والثَّالِثِ بمراحِلَ تَطَوُّرٍ كبيرةٍ، وظهر فيهِما علماءُ حمَلوا لِواءَ الحديثِ لينْقُلوهُ إلى الأمَّةِ الإسلامِيَّةِ جَمْعاء، وكانَ للعُلماءِ في هذه العُصورِ دورٌ كبيرُ في ما وَصَلَ إلينا منَ المُصَنَّفاتِ كالجوامِعِ الصَّحيحَةِ والسُّنَنِ والمَسانِيدِ وغيْرِها، ومنْ هؤُلاءِ العُلماءِ منْ سَنتَكَلَّمُ عنْهُم في هذه السُّطورِ، وهو الإمام الدَّارِمِيُّ يرْحَمُهُ اللهُ، فتعالوا مَعَنا في سيرَتِهِ مَعَ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريف.

نبذة عن الإمام الدارمي:

هوَ الإمامُ العلَّامَةُ، أبو مُحَمَّدٍ، عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ الفَضْلِ السَّمَرْقَنْدِيُّ الدَّارِمِيُّ، منْ علماء الحديثِ والمُحَدِّثينَ في أواخِر القرنِ الثَّانِي والقرنِ الثَّالِثِ، وُلِدَ في سمَرْقَنْدَ في العامِ الحادِي والثَّمانينَ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ، وطلبَ الحديثَ ورَحَلَ في طَلَبِهِ، حتَّى أصْبَحَ منَ المُحَدِّثينَ الأعلامِ في زَمانِهِ، وشَهِدَ لَهُ عُلماءُ عَصْرِهِ بالحِفظِ والإتْقانِ، وعُرِضَ عليْهِ منْصِبُ القَضاءِ في سَمَرْقَنْدَ فأبى، وقيلَ قضَى بِمَسْألَةِ واحِدَةٍ ثمَّ اعْتَزَلَ كما أورَدَ الإمامُ الذَّهَبِيُّ، وقدْ تتَلْمَذَ علَى يَدَيْهِ كثيرٌ منَ أصحابِ السُّنَنِ كالإمامِ مُسْلِمُ بنُ الحجَّاجِ، وبقِيَ في سَمَرْقَنْدَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ في العامِ الخامِسِ والخَمْسينَ بعدَ المائَتَيْنِ منَ الهِجْرَةِ وقيلِ في العامِ الخَمْسينَ بعدَ المائَتَيْنِ يرْحَمُهُ اللهُ.

الإمام الدارمي ورواية الحديث:

لقدْ كانَ إمامُنا عبدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ منْ أعلامِ المُحَدِّثينَ والمُصَنِّفينَ في زَمَانِهِ، وقدْ رَوَى الحديثَ عنْ كثيرٍ منَ المُحًدِّثينَ منْ أمْثالِ: جَعْفَرِ بنِ عَوْنِ ويزيدَ بنِ هارونَ ووَهْبِ بنِ جَريرٍ وعُثْمانَ بنِ عُمَرَ بنِ فارِسٍ والنَّضَرِ بنِ شَميلٍ وسعيدِ بنِ عامِرٍ الضَّبْعِيِّ والأسوَدِ بنِ عامِرٍ ويَحْيًَى بنٍِ حسَّانَ وخَليفَةِ بنِ خَيَّاطٍ ومُحَمَّدِ بنِ يوسُفَ الفِرْيابِيِّ وعبدِ الصَّمَدِ بنِ عبْدِ الوارِثِ وأبي مُسْهِرِ الغَسَّانِيِّ وغيرِهمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ جَمِيعاً.
أمَّا منْ رَوَى الحديثِ منْ طريقِ الإمامِ الدَّارِمِيِّ فَمِنْهُمْ: الإمامُ مُسْلِمُ بنُ الحجَّاجِ وجعْفر الفريابيُّ وبقيُّ بنُ مِخْلَدٍ وبندارٌ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ والإمامُ أبو داوود السَّجِسْتانِيُّ والحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ وأبو زرْعَةَ الرّازِيُّ وأبو حاتِمٍ الرَّازِيُّ وراوي مسنَدِهِ عيسى بنُ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ وغيرهم.

الإمام الدارمي والمسند:

يعتَبرُ الإمامُ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ الدَّارِمِيُّ منْ أشهر المُصَنِّفينَ للسُنَنِ منْ أصحابِ الكُتُبِ التِّسْعَةِ، وقدْ كانَ لهُجُهْدُهُ الكبيرُ في تَصِْنيفِ مسندِهِ المَعْروفِ باسمِ (المسند الجامع)، وقد كانَ منْهَجُهُ في تصنيفِهِ يقومُ علَى ادراجِ أبواب الحديثِ تحتَ عددٍ منَ الكُتُبِ بَعْدَ مُقَدِّمَتِهِ في الشَّمائِلِ المُحَمّدِيَّةِ، وأوردَ في كِتابِه الصّحيحَ وغيرِهِ منَ الأحاديثِ دونَ الكلامِ والنَّقْدِ في العِلَلِ، ولا زالَ كِتابُهُ السُّنَنُ منْ مراجِع الحديثِ إلى يوْمِنا هذا.

المصدر: علوم الحديث للدكتور همام سعيدمباحث في علوم الحديث لمناع القطانالمسند الجامع للإمام الدارميصحيح مسلم كتاب المساجد والجمعة والكسوفمنهج النقد في علوم الحديث للدكتور نور الدين عترسير أعلام النبلاء للذهبي ج 12


شارك المقالة: