الفصل والوصل في القرآن الكريم

اقرأ في هذا المقال


القرآن الكريم معجز بحد ذاته متحدٍ للعرب الذين هم فصحاء العرب، بلسانه العربي المبين وجاء بما هم معتادون عليه من الكلام، ومع ذلك عجزوا عن الإتيان بمثله أو بسورة أو حتى بآية واحدة، وتفرد القرآن الكريم بعلوم ومعارف عديدة، وأحد علومه هي الفصل والوصل، فما هو الفصل والوصل في القرآن الكريم.

الفصل والوصل في القرآن الكريم لغة واصطلاحا

الوصل في اللغة: وصل الشيء بالشيء، ويقال اتصال شيء بشيء لا ينقطع.

الفصل في اللغة: هو الحاجز بين شيئين، يقول تعالى: “هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأوَّلِينَ” (سورة المرسلات:38)، أي يوم يفصل بين المؤمن والكافر.

الوصل والفصل في الاصطلاح: يقال الوصل هو عطف بعض الجمل على بعضها، والفصل هو ترك هذا العطف.

أهمية الفصل والوصل في القرآن الكريم

الفصل والوصل من العلوم الهامة في علم البلاغة، وذلك لأن فيه دقة وصعوبة تميزه عن باقي علم البلاغة، ومعرفة الفصل والوصل في القرآن يتم معرفتها من السياق، فلذلك قد تتغير دلالة الفصل والوصل في بعض المواطن إلى ما يناقضها، إذا لم يتمكن قارئ القرآن الكريم من معرفة مواطن الفصل والوصل.

مراحل تطور الفصل والوصل في القرآن الكريم

مر علم الفصل والوصل بمراحل عدة، فأول من تكلم في الوصل والفصل ونقله إلى مصطلح العربية هو الجاحظ، ضمن تعريفات البلاغة، وقيل للفارسي: ما البلاغة، فقال معرفة الفصل والوصل، ثم تكلم فيه برز جمهر بقوله: إذا مدحت شخصاً وهجوت آخر فاجعل بينهما فاصلاً، حتى تعرف المدح من الهجاء.

“وأما أبي هلال العسكري فقد عقد فصلاً كاملاً عن الفصل والوصل بنقل أقوال وآراء السابقين، منهم برز جمهر، وقال أبو العباس السفاح للكاتب خاصته، أن يقف عند مقاطع الكلام وحدوده وأن لا يخلط بين المرعى بالمهمل، وقال معاوية رضي الله عنه: يا أشدق وليكن التفقد لمقاطع الكلام منك على بال، فإني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى علي بن أبي طالب كتاباً، وكان يتفقد مقاطع الكلام كتفقد المصرم صريمته”.

وقال الأحنف بن قيس: “ما رأيت رجلاً تكلم فأحسن الوقوف عند مقاطع الكلام، ولا عرف حدوده إلا عمرو بن العاص رضي الله عنه، كان إذا تكلم تفقد مقاطع الكلام، وأعطى حق المقام وغاص في استخراج المعنى بألطف مخرج حتى كان يقف عند المقطع وقوفاً يحول بينه وبين تبيعته من الألفاظ”.

قال تعالى: “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ” (سورة إبراهيم:6)، وقوله تعالى: “وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ” (سورة البقرة:49).

فكلمة (يذبحون) جاءت مرة بالواو ومرة بدون، وذلك ليوضح أن العذاب غير الذبح، كأن يقول العذاب بالذبح وغير الذبح.

وفي الختام فإن علاقة القرآن الكريم باللغة العربية علاقة قوية لنزوله بنفس اللغة، فقوة اللغة العربية تستمدها من القرآن الكريم، فموضوع الفصل والوصل جزء صغير من عالم كبير من بلاغة اللغة العربية المرتبطة بالقرآن الكريم، فيتوجب علينا العناية بها كعنايتنا بالقرآن الكريم لأنها جزء من العلم بتفاسيره وشروحاته التي لا تنتهي.

المصدر: علم المعاني،عبد العزيز عتيق،2009علوم البلاغة البديع والبيان والمعاني،محمد أحمد قاسم،2003بين الوصل والفصل المضمون والآلية،سالم القمودي،2005الوصل والفصل في التركيب العربي وأثره في الدلالة،عادل سلمان بقاعين،2016


شارك المقالة: