القواعد الذهبية في حفظ القرآن الكريم

اقرأ في هذا المقال


إنَّ لحافظ القرآن الكريم منزلة عظيمة عند الله عزَّ وجلَّ، فقد فضّله على غيره من عباده الصالحين فحفظ القرآن الكريم عمل عظيم جداَّ يرفع من مكانة صاحبه في الدنيا والآخرة، فحفظ القرآن الكريم والعمل على تحفيظه والعمل به أمر عظيم يحفظ صاحبه من كل سوء قد يمسه في الدنيا ويرفع من مكانته ومنزلته يوم القيامة، فيتوجب على المسلم أن يحفظ القرآن الكريم ويستغل سنوات حياته لحفظه لما له من استطاعة في الحفظ.

القواعد الذهبية في حفظ القرآن الكريم

القاعدة الأولى الإخلاص

هو الابتعاد التام عن الرياء والنفاق في جميع أمور الحياة وخاصة عندما يتعلق الأمر بحفظ القرآن الكريم فيجب على حافظة والساعي لحفظه أن يبتعد كل البعد عن الرياء والنفاق ويتقرب من الإخلاص في العمل والقول عند حفظ القرآن الكريم، قال تعالى: “قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ” (سورة الزمر:11).

فقد توعد الله عزَّ وجلَّ لمن يحفظ القرآن الكريم رياءً بالعذاب الشديد يوم القيامة، قال رسول صلَّى الله عليه وسلَّم: “أول ثلاثة تسعر بهم النار، فجاء أولهم قارئ القرآن الذي قرأه وعلمه ليقال عنه: إنه قارئ”، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن رب العزة: “أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه”، فيتوجب على المسلم أن يخلص بحفظه للقرآن الكريم ولا يرائي في أي عمل يتعلق بالإسلام.

القاعدة الثانية أن يكون النطق صحيح

فيجب أن تكون القراءة على مشايخ متمكنين من القرآن الكريم ومن قراءته وعالمين بحفظه وتجويده، ولا يجوز الانفراد فقط بالاستماع بل يجب القراءة على مسامع المشايخ للتصحيح عند الخطأ، فالاكتفاء فقط بالاستماع من دون القراءة عليهم يوقع القارئ بالخطأ وهو لا يعلم، فقد كان الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ على الوحي جبريل القرآن الكريم في السنة مرة واحدة لكي يتأكد من صحة التلاوة والتجويد لكي يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصل القرآن الكريم بتلاوته الصحيحة بالطريقة السليمة الصحيحة.

وفي العام الذي توفى الله عز وجل الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه قرأه على جبريل عليه السلام مرتين للتأكيد أكثر على أن الرسالة قد وصلت على أكمل وجه، وعلى هذا النهج يجب على قارئ القرآن الكريم أن يقرأه على مشايخه.

القاعدة الثالثة أن يحدد الحافظ كمية حفظه

يجب على الحافظ للقرآن الكريم أن يضع خطة لحفظه تشمل اليوم والأسبوع والشهر، وأن يقسمها عليها ولا يزيد تقسيمه شيء فيحمل نفسه ما لا طاقة لها على الحفظ وبعد ذلك يترك الحفظ لعدم قدرته على الإكمال في هذا الطريق، قال تعالى: “لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها” (البقرة:٢٨٦) فعلى ذلك إن حمل نفسه فوق طاقتها سوف يفقد الضبط في الحفظ، ويستحسن الترديد جهراُ لكي يثبت الحفظ في العقل والقلب.

القاعدة الرابعة أن يختار الزمان والمكان المناسبين

فعلى القارئ والحافظ للقرآن الكريم أن يختار الزمان المناسب للحفظ فالبرد والحر غير مناسبين للحفظ فيجب عليه أن يختار وقت الأسحار للحفظ فهو أفضل وقت وبعد صلاة الصبح، كما أن يكون المكان مناسب أيضا ففي أماكن الضجيج والمواصلات وأماكن اجتماع الأطفال ليس بالمكان المناسب للحفظ فيجب على الحافظ أن يختار مكان الخلوة للحفظ والأماكن الخالية وأفضل مكان هو المسجد.

القاعدة الخامسة عدم انتقال الحافظ للجديد وعدم اتقان القديم

فعندما ينتقل الحافظ لحفظ جديد وهو ليس بمتقنٍ للقديم سيفقد حفظه للجديد والقديم، سيكون مشوش العقل والفكر بين القديم والجديد، وقد كان كبار العلماء يرددون ما يحفظون في يومهم أثناء صلاتهم للنوافل لكي يترسخ في أذهانهم.

القاعدة السادسة أن يحفظ المسلم من مصحف واحد

أي أن يتقيد بمصحف ذو رسم قرآني واحد ولا يشتت ذهنه في أكثر من رسم مصحف؛ لأن العقل يصور الصفحة والكلمة وشكل الكلمة في المصحف الذي يحفظ منه.

القاعدة السابعة الحفاظ على طريقة حفظ السور بالتسلسل

فإن للسور وخصوصاً الطوال منها تسلسل في الأحداث، وخصوصاً إن كانت تروي قصة معينة، فحفظ التسلسل يضمن لنا حفظ السورة.

القاعدة الثامنة الفهم والتدبر طريق لحفظ القرآن الكريم

فيجب على الحافظ لكتاب الله عز وجل أن يفهم معانيه ويتدبر آياته؛ لكي تساعده في حفظها وتذكرها وقت الحاجة إليها.

القاعدة التاسعة الاستعانة بتفسير القرآن الكريم

أن يستعين الحافظ بالتفسير لو كان بسيطاً؛ لكي يستطيع أن يحفظ آيات القرآن الكريم، وفي هوامش صفحات القرآن الكريم يوجد تفاسير بسيطة يستطيع القارئ الاستعانة بها، ومن أشهر تفاسير القرآن الكريم تفسير الجلالين.

القاعدة العاشرة الاعتناء بما هو متشابه من كلمات القرآن الكريم

ففي القرآن الكريم الكثير من الألفاظ المتشابهة فيه فيجب الحرص على معرفة هذه  التشابهات لكي لا نقع في خطأ في الحفظ، قال تعالى: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّه”(الزمر: ٢٣)، وقال تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ” (آل عمران: ٧)، فوجود هذه الألفاظ المتشابهة يجب أن لا يشكل على الحافظ حفظه.

القاعدة الحادية عشر أن يتسابق القارئ مع الحُفاظ ويقرأ عليهم

فلا يجب على الحافظ أن يفرد بالقراءة على نفسه فقط بل يجب عليه أن يقرأ على غير من حُفاظ كتاب الله عز وجل، لكي يستفيدوا منه ويستفيد هو منهم، وأن يصححوا ما أخطأ به.

القاعدة الثانية عشر المداومة على تكرار قراءة القرآن الكريم بعد حفظه

فالقرآن الكريم سريع الهروب من الذهن بعكس الشعر والنثر فهي ترسخ بالذهن، والحكمة من ذلك أن يبقى حافظ القرآن الكريم محافظاً على تكراره وإعادته وقراءته على الدوام؛ لكي يبقى مرتبطاُ به ليس بتارك له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت”.

القاعدة الثالثة عشر استغلال السنوات الأولى من حياة المسلم لحفظ القرآن الكريم

فيجب على المسلم اغتنام السنوات ال23 الأولى من عمره لحفظ القرآن الكريم لأنها سنوات من يحفظ فيها لقرآن لا ينساه أبدا بإذن الله تعالى، وهذا لا يعني أنه لا يستطيع حفظه بعد ذلك فلا شيء يصعب على المسلم فلو عنده الإرادة على حفظه فسيحفظه لو بسن الخمسين.

القاعدة الرابعة عشر أن يصلي المسلم خلف إمام متقن للقرآن الكريم

الصلاة خلف إمام حافظ متقن للقرآن الكريم يشجع الحافظ على حفظ القرآن الكريم، لكي يكون منصتا له لكي يرده عند خطأه أو حتى يمتحن نفسه في حفظ القرآن الكريم، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يحفظون ما يقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم في الصلاة، وهذه دعوة للأئمة بأن يكونوا حافظين لكتاب الله عز وجل وأن يغيروا بالقراءة في كل صلاة وأن يقرؤوا جهراً في الصلاة.

القاعدة الخامسة عشر الحفاظ على الورد اليومي

بأن يقرأ المسلم القرآن الكريم ويعيد تكراره يوميا ليكتشف إن كان عنده خطأ ما فيصححه ولا يمل من إعادة كل يوم جزءاً على الأقل ليبقى راسخا في ذهنه.

وفي الختام فحفظ القرآن الكريم من أعظم الكنوز التي يكتسبها الإنسان قبل مماته، فهي التي ترفع مكانته في الدنيا والآخرة، فيقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ وارتقِ، فكلما قرأ حرفاً من كتاب الله عز وجل ارتفع درجة عند الله تعالى، فيوم القيامة لا تنفع مال ولا بنون إلا من يأتي بأعماله الحسنة وحفظه للقرآن الكريم.

المصدر: مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص،محمد عباس الباز،2004القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم،عبدالرحمن عبدالخالق،2010 المرشد الوجيز فيما يتعلق بالقرآن العزيز،أبو شامة المقدسي،2003الواضح في علوم القرآن،مصطفى ديب بغا،1998


شارك المقالة: