كيف انهزم المسلمون بفعل الكمائن في غزوة حنين

اقرأ في هذا المقال


كيف انهزم المسلمون بفعل الكمائن في غزوة حنين:

لقد دلّ ما قد ذكره المؤرخين على أنّ قائد هوازن الملك مالك بن عوف قد كان دقيقاً في توقعات وتوقيته للهجوم الذي قرر أن تكون كمائنه هو وجيشه البادئ به، بحيث يكون هذا الهجوم أول هجوم تشنه قواته على جيش المسلمين.

فقد افترض هذا القائد مالك  بن عوف وأدخل في حسابه وهو يضع الخطة للمعركة الأرض والعزم، وقد ضمن حسابات ومعادلات دقيقة، حيث افترض وقدر “وكان افتراضه وتقديره في محلهما أن الجيش الإسلامي سيمر بالأماكن التي وضع فيها الكمائن”، وذلك عند طلوع الصباح وقبل أن يغمر ضوء الصباح الأرض بنوره، وذلك ليستفيد القائد مالك من الظلام وهو يشن بكمائنه الهجوم المباغت الصاعق على الجيش النبوي، وقد يكون توقعه وافتراضه هذان قد بناهم على معلومات نقلها إليه جواسيسه عن سير تحركات الجيش الإسلامي.

والمهم ان تلك الأمور قد جاءت كما توقع القائد مالك بن عوف، فعند طلوع وقت الفجر وقبل أن ينسلخ  الصبح عن ظلام الليل، وجدت مقدمة الجيش النبوي نفسها بين العديد من كمائن هوازن، فانقضت هذه الكمائن على مقدمة جيش المسلمين انقضاضه رجل واحد، وقصفتها بسيل من السهام وهاجمتها بالأسلحة المتنوعة من مختلف الجهات، ولم تكن كمائن هوازن من المشاة فقط ، بل إن هناك كمائن من الخيل أيضا اشتركت وقت طلوع الصباح في مهاجمة المسلمين، حيث كانت هذه الكمائن الهوازنية ترابط في فجاج الشعاب والوديان الصغيرة الرافدة إلى حنين.

وعندما تعرضت مقدمة الجيش الإسلامي لذلك الهجوم المفاجئ الصاعق الساحق من الكمائن، انهزمت بأكملها، واتجهت هاربة نحو مكة دون أن تشهر سيفاً أو تشرع رمحاً أو تطلق سهماً، وأحدث تراجع مقدمة جيش المسلمين، وأثار الفوضى الشاملة والارتباك الكامل والرعب في داخل صفوف الجيش الإسلامي، الذي فقد تنظيمه كاملاً، وصارت خيل جيش المسلمين المنهزمة تحطم من أمامها وتدوسه من جند جيش المسلمين، وظن الكثير أنّها الهزيمة التي لن تقوم للمسلمين بعدها قائمة، وأخذت كتائب الجيش الإسلامي تتدفق وكأنها السيل الجارف، لا إلى المعركة للقتال، وإنّما فرار نحو مكة.

وشرعت قوات هوازن في مطاردة المسلمين الذين لم يباشروا أي قتال بعد لأنّهم فروا فور تعرضهم لهجوم الكمائن .

لقد كان موقفاً عصيباً وامتحاناً شديداً لم تتعرض القيادة الإسلامية العليا لمثله في تاريخ حروبها ضد الوثنية، وحتى في يوم واقعة أحد، لأنّ المسلمين انهزموا ذلك اليوم، بعد أن سجلوا نصراً رائعاً على المشركين في المرحلة الأولى من المعركة.

أمّا في يوم غزوة حنين فإن جيوش الإسلام تمزقت وولت الآلاف المؤلفة من المشاة والفرسان هاربة لا تلوى على شيء، ولو استمر الوضع على ما كان عليه عند المواجهة الأولى، لأبيد أكثر الجيش الإسلامي، ولسقطت مكة نفسها في أيدي المشركين من هوازن، الذين يبلغ تعداد قواتهم عشرين ألفا كانوا قادرين على اجتياح مكة في أقل من ساعتين، ولكن الله سبحانه وتعالى غالب على أمره فقد كان ثبات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  ومائة فقط من خلصاء الصحابة عاملاً حاسماً في تغيير مجرى تلك الأحداث الخطيرة لصالح الإسلام والمسلمين.

أسباب نجاح كمائن هوازن:

ومن الممكن تلخيص أسباب نجاح كمائن القائد الملك مالك بن عوف عند المواجهة الأولى في أمور ثلاثة:

1- عدم علم قيادة جيش المسلمين في خطة الكمائن وأماكنها ولو علمت بها لأبطلت فعاليتها ولم تتأثر بها.

2- قيام الكمائن بهجومها على جيش المسلمين والظلام لا يزال سائداً  مع طلوع الفجر حيث تعرض جيش المسلمين لقصف شديد بالسهام، وللهجوم الصاعق بمختلف الأسلحة من جميع النواحي والاتجاهات.

فلم يتبينوا من أين يأتيهم الهجوم، فنفرت خيلهم من السهام، ولا شيء يؤذي الخيل ويرعبها مثل السهام ، فانسحب أصحابها إلى الخلف وكانوا في المقدمة ألف فارس، فتحول انسحابهم إلى هزيمة كبرى وانتصار لجيش هوزان.

3- كانت مواقع الكمائن تشرف على منحدرات وعرة وضيقة وكثيرة التعرجات، غير صالحة لجولان الخيل التي كانت في مقدمة الجيش والتي كان تراجعها سبباً في إنزال الهزيمة بالجيش الإسلامي النبوي عند فجر يوم الثالث عشر من شوال في العام الثامن للهجرة النبوية الشريفة.

المصدر: الإصابة/ ابن حجر العسقلاني جوامع السيرة/ علي بن حزمالطبري (تاريخ)/ محمد بن جابر الطبرينور اليقين في سيرة سيد المرسلين/ محمد الخضري


شارك المقالة: