كيف يكون التعزير لمخالفة المبادئ العامة الثابتة للشريعة؟

اقرأ في هذا المقال


التعزير:

التعزير: هو عقوبة مشروعة بغرض التأديب على معصية أو جناية لا حد فيها ولا كفارة، أو فيها حد، لكن لم تتوفر شروطُ تنفيذه، مثل القذف بغير الزنا، والمباشرة في غير الفرج، وغير ذلك، فلا يقوم بتعزير المذنب إلا الحاكم أو السيد الذي يعزر رقيقه، أو الزوج الذي يعزر زوجته، والمعلم في تأديب الصبيان، والأب في تأديب ولده الصغير.

التعزير لمخالفة المبادئ العامة للشريعة:

لقد أحاطت الشريعة الإسلامية العبادات والتكليفات بسياجٍ منيعٍ من الحماية، وعَاقبت كل من يُقدم على انتهاك هذه الحُرمات بالتعزير. ومن ذلك التعزير المفروض لحماية المظهر العلني للعبادات، والتعزير المفروض لحماية سائر التكليفات. والمقصود بكل ذلك توفير الحماية لمظهر الدين.

حماية المظهر العلني:

ومن الأمثلة على حماية المظهر العلني للعبادات تعزير المقطع في نهار رمضان عامداً، دون عذرٍ مشروع، وكذلك من يشرب الخمر أو شراباً يُسكره في نهار رمضان، فإنه يُعزر بعد أن يُقام عليه حد الشرب. ومن يزني في نهار رمضان، ويدعي شبهة يدرأ بها الحد عن نفسه، فإنه يُعزر لإفطاره.

حماية التكليفات:

إن من أمثلة التعزير المفروض لحماية التكليفات: تعزير من يمرح في أحكام الشريعة، ومن لا يعمل بفتوى العلماء، وجواز تعزير من لا يحضر صلاة الجماعة بالغرامة في ماله.

تكلف الزهد والورع:

ليس معنى توفير الحماية للمظهر العلني للعبادات أن تسبغ الحماية، على كل المظاهر الدالة على الصلاح والزهد، بل إن هناك حالات يظهر فيها الشخص الزهد والصلاح، ويكون في الحقيقة على خلاف ذلك. من ذلك ما حكى على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أن رجلاً وجد تمرة فأخذها، وصار يُنادى في الطريق، ويسأل عمن فقدها، ويكرر ذلك من هذا الكلام أن يظهر للناس زهده وورعه وديانته فسمعه عمر رضي عنه، وعرف ما يريد فَعزرها.

البيع بأكثر من السعر الجبري وجرائم متعلقة بالتموين:

قد تدعو الحال أحياناً إلى تدخل المشرع في التعامل بتسعير الحاجيات، واتخاذ ما من شأنه حماية المستهلك، وقد يكون ذلك لازماً في أوقات الحروب أو الاضطرابات، أو في أي حال أخرى ويرى ولي الأمر أن من المصلحة فرض أسعار جبرية للحاجيات فيها.

والشريعة الإسلامية لم تغفل هذه الحالة، بل أجازت التسعير أخذاً بالمصلحة، فيكون من اللازم البيع بالأسعار المحددة من الشارع، ويكون من المنهي عنه مخالفة ذلك، وبالتالي يكون المخالف مرتكباً لمحرمٍ يستوجبُ عليه التعزير؛ لأنه يكون مقترفاً جريمة ليست فيها عقوبة مقدرة. والقول بغير ذلك يكون فيه ضرر كبير بالمصلحة العامة، وقد يؤدي إلى التلاعب في أقوات الناس في بعض الأوقات الحرجة، وهذا يُنافي مقاصد الشارع الإسلامي. والذي قيل في حالة البيع على خلاف التسعير الجبري يُقال في كل جريمة من الجرائم التي تتصل بالتسعير وتوفير أقوات الناس، ومن ذلك من يمتنع عن بيع ما أوجب ولي الأمر عليه بيعه، فإنه يؤمر بالواجب، ويُعاقب على تركه. ومن ذلك أيضاً من أوجب عليه الشارع أن يبيع إلا بأكثر منه؛ فإنه يؤمر بما يجب عليه، ويُعاقب على تركه.

المصدر: كتاب التعزير في الشريعة الإسلامية، للدكتور عبد العزيز عامر.كتاب الحدود في الإسلام من فقه الجريمة والعقوبة، للدكتور عيسى عبد الظاهر.كتاب الحدود والتعزيرات عند ابن القيم دراسة وموازنة، تأليف بكر بن عبد الله أبو زيد.كتاب أحكام التعزير والجرائم التأديبية وعقوباتها، للدكتور شعبان الكومى أحمد فايد.


شارك المقالة: