ما هو أثر تشغيل المدين في الشريعة؟

اقرأ في هذا المقال


أثر تشغيل المدين:

إن أجر المدين يُوفى به دينهُ، فتبرأ ذمته منه. والمقصود بالأجر الذي يوفى منه هو فضلة كسب المدين عن نفقته. فإذا بلغ الأجر اليومي مثلاً خمسين قرشاً، وكان ما يكفي لنفقته ونفقة من تلزمه نفقته في حدود مبلغ ثلاثين قرشاً، فإن الفرق بين المبلغين، وهو عشرون قرشاً، هو الذي يُوفى به ما عليه، وتبرأ منه بقدره.

متى يكون الالتجاء إلى التشغيل؟

ويكون ذلك التشغيل إذا لم يكن للمدين مالٌ يؤدى من الدين، أو كان له مال يكفي لأداء بعض الدين دون البعض، فيكون التشغيل بالنسبة لهذا الباقي. لذلك نرى الفقهاء يتكلمون عن حكم تشغيل المدين عند الكلام عن الحجر على المدين وإفلاسهِ. فإذا كان للمدين مالٌ يفي بما عليه، سواء أكان هذا المال ظاهر اًم مخبأ، فإن البحث لا يثور حول تشغيله، ولكن حول حبسهِ لدفعه على الوفاءِ متى ما تَوافرات شروط الحبس.

هل الغرامة دين على الجاني؟

إن الغرامة التي يُحكم بها على الجاني جزاء ارتكابه الجريمة التي حُوكمَ من أجلها هي عقوبة مالية، ومتى حكم بها على الجاني وصار الحكم انتهائياً؛ فإنها تُصبح من هذا الوقت ديناً في ذمة المحكوم عليه، ومتى كانت كذلك، فإنها تأخذ حكم الديون، فيما يتعلق بتشغيل المدين للوفاء بها، وتسري عليها الأحكام التي أورَدناها.

مسلك قانون الإجراءات الجنائية:

تنصُ المادة “520” من قانون الإجراءات الجنائية على أن للمحكوم عليه أن يطلب في أي وقت من النيابة العامة قبل صدور الأمر بالإكراه البدني إبدالهُ بعمل يدوي أو صناعي يقوم به. ويشتغل المحكوم عليه في هذا العمل بلا مقابل لإحدى جهات الحكومة أو البلديات مدة من الزمن مساوية لمدة الإكراه التي كان يجب التنفيذ عليه بها. وتنص المادة “523”على أنه يستنزل من المبالغ المستحقة للحكومة من الغرامة وما يجب رده والتعويضات والمصاريف مقابل شغل المحكوم عليه، باعتبار مبلغ عشرة قروش عن كل يوم.

الفرق بين مسلك القانون والشريعة:

إن الفرق بين ما أخذ به القانون في شأن تشغيل المحكوم عليه وبين الرأي الذي رجحناهُ في الشريعة الإسلامية، هو أن التشغيل في القانون يكون بناءً على طلب المحكوم عليه، وأنه يستبدل بالإكراه البدني، وأن المحكوم عليه، يشتغل لإحدى جهات الحكومة أو البلديات لا للأفراد لمدة الإكراه التي كان يجب التنفيذ عليه بها، وأن التنفيذ يشمل الأجر المحدد مقدماً قانوناً.
بينما الحال على خلاف ذلك في الشريعة الإسلامية: فإن التشغيل يُجبر عليه المحكوم عليه، فلا يتوقف على طلبه، وهو لا يستبدل بالإكراه البدني، بل إنه لا يكون إلا حيث لا يجوز الإكراه البدني، كما أنه ليس هناك ما يمنع من أن يكون تشغيل المحكوم عليه لديونِ الأفراد، كالتعويضِ الناشئ عن الجريمة، وأنه ليس موقوتاً بمدة، بل يستمر حتى تمام الوفاة وبراءة ذمة المحكوم عليه من الدين، وأن الذي يوفى منه هو ما يزيد على حاجته، لا كل أجره.

المصدر: كتاب الحدود في الإسلام من فقه الجريمة والعقوبة، للدكتور عيسى عبد الظاهر.كتاب التعزير في الشريعة الإسلامية، للدكتور عبد العزيز عامر.كتاب المصادرات والعقوبات المالية دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون، تأليف محمد مطلق عساف.كتاب أحكام التعزير والجرائم التأديبية وعقوباتها، للكتور شعبان أحمد فايد.


شارك المقالة: