ما هي قصة توبة آدم عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


قصة توبة آدم عليه السلام:

حينما خلق الله تعالى النبي آدم عليه السلام وميزهُ وفضلهُ عن غيره، وأتمّ عليه نعمتهُ، وخلق الله تعالى منه زوجهُ من ضلعهِ الأيمن من أجلِ أن تسكن إليه، ويستأنس بها، وأمرهم أيضاً بأن يسكنوا الجنة، وأن يأكلوا منها كيفما شاؤوا،، فقال تعالى: “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ” البقرة: 35.

وشاء لهم الله تعالى أن يأكلوا من جميع الأصناف منها الفواكه والثمار، فقال تعالى له: “إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى – وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى” طه: 118-119.

لقد بيّن الله تعالى حُصول بعض عدة أشياء  في الجنة، وأنّهُ مكفي وأنّه لا يحتاج إلى أيّ أحدٍ أن يكفيه ولا إلى كسبِ كاسب كما يحتاج ذلك أهل الدنيا. فقال تعالى: “وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ” فالمقصود هنا هو الأكل، وقيل إنما وقع هذا النهي عن جنس الشجرة، التي لا يعلم بها إلّا الله، فالله تعالى نهاهما عنها وذلك امتحاناً وابتلاءً، أو لحكمةٍ ليست معلومة. “فتكونا من الظالمين” ودليل هذه الآية هي أن النهي للتحريم؛ وذلك لأنّه رتب عليه الظلم.

والعدو هنا هو إبليس، ولا يزالُ يُوسوسُ لهما، ويُزينُ لهما جميع الأشياء التي نهاهم الله عنها، حتى أغراهما، بمعنى أنه أزلهم على فعل ما نُهيا عنه، فقال تعالى: “فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ” الأعراف:20.

وقال تعالى أيضاً: “وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ” الأعراف:20. وفي تلك الحالة صدق الأبوين والشهوةُ في مثل تلك الحالة غلبت على العقل، فأغراهم الشيطان وأطاعوه، والله تعالى أخرجهما ممّا كانا فيه الرغد والنعيم، وأهبطهم إلى منزلة التعب والعناء الشديد.

ومن بعد ذلك ذهبا إلى الشجرة التي حرمها الله عليهما، وقاما بالأكل من ثمارها، وبعد ذلك ظهرت لهما سوآتهما، أي أنّها ظهرت لهما عوراتُهما التي كانت مخفية، وقال تعالى: “فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سوأتهما” الأعراف:22. بمعنى أنّها بانت عوراتُهما، وحينما ظهرت عوراتهما خجلاً، وجعلا يُغطيان على أنفسهما من أوراق شجر الجنة من أجل أن يسترا نفسهما. وفي ذلك أيضاً قال تعالى: “فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ” طه: 121.

لقد خاطب الله تعالى آدم وزوجه وقال لهما: ألم أنهاكما عن هذه الشجرة و‘منعتكم من الاقتراب منها وأنّ الشيطان هو عدوكم المبين لكما، ففي تلك اللحظة قال تعالى: “وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ” الأعراف: 22.

وبعد عصيان آدم عليه السلام لأمر الله تعالى عندما نهاهُ عن الشجرةِ التي أكلا منها، فلا بدّ من حصول التوبةِ، فألهمهُ الله والاستغفار والرجوع إليه، فقال تعالى: “فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” البقرة: 37.

إنّ الكلمات التي تلقاها النبي آدم عليه السلام قد بيّنها الله له في قوله: “قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ” الأعراف: 23. فعندئذٍ منّ الله تعالى عليهما بالنوبةِ وقبولها، وعنئذٍ اعترفا بالذنب ، وقاموا بطلب المغفرة من الله تعالى فقالا: “قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”. بمعنى أنّنا اقترفنا الذنب الذي نهانا عنه الله تعالى. وقد فعلنا سبب الخسارة إذا لم يغفر الله تعالى لنا بمحوِ أثرِ الذنوب وعواقبهِ، وترحمنا يا الله بقبول التوبة والعفو من الخطايا.

ماذا حصل بعد أن تاب الله على آدم عليه السلام:

وبعد أنّ تاب الله على الأبويينِ، قام بإنزالِ ما يُغطي لهما عورتهما التي كشفت، وهو اللباس الذي يُستر به العورات، بمعنى لباس العورة الضروري، ولباسٌ للزينة والتجمل وهو ما يُعتبر من الكمال والنعيم، وبذلك قال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى” الأعراف: 26.

عندما أمر الله تعالى آدم وزوجه بالهبوطِ إلى الأرض، وجعلها مكان استقرارٍ لهما، قام بإنزال كلّ ما يحتجانهِ إليه من مصالحِ الدين والدنيا، وخص اللباس هنا في الدين والدنيا، وإمّا منفعة في الدين فإنّهُ يستر العورة، وسترُ الغورة هو شرطٌ من شروط صحةِ، أمّا منفعةٌ في الدنيا فهي امتناعهُ الحرّ والبر، فمنّ الله عزّ وجل على عبادهِ، بأنهُ سخر لهم لباساً يغطي سواءتهما، فقال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى” بمعنى لباساً تُستر فيه عوراتُ العباد.

المصدر: قصة دخول آدم عليه السلام ،للشيخ محمد صالح ..كتاب قصة آدم عليه السلام، تأليف ياسر برهامي.توبة آدم عليه السلام، للدكتور خالد مصلح.هبوط آدم وحواء إلى الأرض وبداية الحضارة الإنسانية، للدكتور علي الصلابي.


شارك المقالة: