مسائل فقهية في المضاربة

اقرأ في هذا المقال


تتضمن العقود في المعاملات المالية على بعض المسائل الفقهية، التي قد تؤثر في حكم العقد والآثار المترتبة عليه، وسنتحدث هنا في بعض المسائل الفقهية التي تندرج تحت مضمون عقد المضاربة، وهي اشتراط الضمان على المضارب، وتطوع المضارب بالضمان، وحكم رب المال مع المضارب.

اشتراط الضمان على المضارب:

إنّ المقصود بالضمان في عقد المضاربة، هو الالتزام بالتعويض المالي عمّا تم التسبب بإتلافه، ويكون من خلال إحضار الشيء إن كان مثلياً، ويُصار إلى القيمة عند تعذر وجود مثله.

وبناءً على رأي الجمهور فإن اشتراط الضمان على المضارب جائز، وإن تم ذلك فعلاً في العقد يفسد الشرط ويبقى العقد صحيحاً، لأن مثل هذا الشرط يحوّل المضارب إلى مقترض، والمال الذي في يده يُصبح قرضاً، وفي حال ضمان القرض يجب رده، وباشتراط الضمان يُصبح لدى المضارب قرضاً جرّ منفعة، ويحصل صاحب المال على الربح دون ضمان المال، والربح مما لا يُضمن منهي عنه في سنة نبينا محمد _صلى الله عنه_. ويبقى العقد صحيحاً لأن الشرط الفاسد لا يؤثر فيه.

تطوّع المضارب بالضمان:

أما عن تطوع المضارب بالضمان فهو جائز عند المالكية، ولكن بشرط عدم اشتراط ذلك من قبل صاحب المال في العقد، وقاس المالكية ذلك على جواز تطوع المستأجر والوديع بضمان ما بيده، على أن يكون ذلك بعد إنشاء العقد.

أما في حال دخول طرف ثالث ليضمن المال لصاحب المال، فهو جائز على الرأي الراجح، فلا شبهة في حصول صاحب المال على الربح من عمل المضارب في المال، فالضامن هنا خارج العقد وفي ضمانه مصلحة للتشجيع على تقديم المال لمن لديه القدرة على العمل، وعدم تخوّف صاحب المال من ضياع أمواله.

حكم عمل صاحب المال مع المضارب:

تنعقد وكالة المضارب وأمانته على المال في حال انعقاد المضاربة، فهو وكيل في العمل بالمال واستثماره وتنميته، وأمين على المال بمجرّد استلامه من صاحبه، فهلاك المال دون تقصير من المضارب فهو على صاحبه، أما هلاك المال في حال التقصير من المضارب يضمنه.

وبالنسبة لعمل صاحب المال مع المضارب، فإذا اشترط صاحب المال التصرف بالمال، فهو غير جائز، ويبطل الشرط، ويمكن جواز ذلك بإذن المضارب على سبيل المساعدة فقط، لأنه هو صاحب الحق في العمل.

كما يحق للمضارب أن يمنع صاحب المال من التصرف، إذا كان في ذلك ضرراً على الشركة، ويكون ذلك في حال البدء بالعمل منقبل المضارب، أما في حال لم يبدأ المضارب بالعمل، فإنه يصح لصاحب المال التصرف دون أن يحق للمضارب منعه، وعليه تنتهي المضاربة وينفسخ العقد.

حكم شراء صاحب المال من مال الشركة:

في الأصل لا يجوز للوكيل أن يشتري من مال الموكل ولا يبيع له، لكن تختلف الوكالة عن المضاربة، في أن الموكل لا يجوز أن يشتري لنفسه، أما المضارب فيجوز أن يشتري لنفسه على أساس أنه شخص آخر.

والرأي الراجح في هذه المسألة الجواز؛ لأن صاحب المال في المضاربة له ملكية المال فقط وليس التصرف، فهو أجنبي على العقد ولا يتدخل فيه.

المصدر: فقه المعاملات المالية، أحمد السعد، 2006المعاملات الشرعية المالية، أحمد إبراهيم، 2008المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، دبيان بن محمد، 2013موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، علي جمعة محمد، 2018


شارك المقالة: