هل يجوز تعدد الكفارة بتعدد القتلى؟

اقرأ في هذا المقال


تعدد الكفارة بتعدد القتلى:

إن تعدد الكفّارة بتعدد القتلى والقاتل واحد، ففي هذا الأمر هناك حالتان وهما:

  • أن يحصل القتل الثاني بعد التكفير من الجناية الأولى: ففي هذه الحالة يجب كفارة ثانية؛ لأن الأولى متعلقة بالجناية السابقة، وذلك بناءً على نظرية العود التي تقتضي معاقبة الجاني كلما عاد إلى نفس الجناية، والجاني قد أنذر بالعقاب السابق فلما لم يردعه ذلك وعاد للفعل كان مستحقاً للعقاب مرةً ثانية، والقاتل المُخطئء إذا كفّرعن قتلهِ الخطأ كان المفروض أن يأخذ حذره ويضاعف انتباهه حتى لا يتكرر منه الخطأ، فإذا تكرر وجبَ تكرار الكفارة.
  • أن يحصل القتل الثاني قبل أن يكفر من الجناية الأولى: لقد ذهب الشافعية في الصحيح عندهم والحنابلة إلى أن الكفّارة تتعدد بتعدد المقتولين، قال الشافعية: لو اصطدمت حاملان وأسقَطتا جَنينيهما وماتَتا، فعلى كلٍ منهما في تركتها أربع كفاراتٍ على الصحيح بناءً على الكفّارة تجب على قاتل نفسه، وأنّها لا تتجزأ، فتجب على كلّ واحدة منهما كفارة لنفسها وثانية لجنينها وثالثة لصاحبتها ورابعة لجنينها؛ لأنهما اشتركتا في إهلاك أربعة أنفسٍ، ومقابل الصحيح، تجب كفارتان.
    يقول الكاساني: الكفارتانِ الواجِبتان لا يخلو إما إن وجَبتا بسببين من جنسين مختلفين، وإما إن وجَبتا بسببين من جنسٍ واحد، فإن وجَبتا بسببين من جنسين مختلفين كالقتلِ والظهارِ فأعتق رقبةً واحدة ينوي عنهما جميعاً ولا يجوز عن إحداهما بلا خلاف بين أصحابنا، وعند الشافعي رحمه الله يجوز، وإن وجَبتا بسببين من جنس واحد كظهارين أو قتلين يجوز عن إحداهما عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله استحسنا، وهو قول الشافعي رحمه الله، والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر رحمه الله، وهذا اختلاف مبني على أن نية التعيين والتوزيع هل تقع معتبرة أم تقع لغواً، فعند أصحابنا هي معتبرة من الجنسين المختلفين، وعند الشافعي لغوٌ فيهما جميعاً، وأما في الجنس الواحد فهي لغوٌ عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله، وعند زفر معتبرةٌ قياساً.
    وفي المغني لابن قدامة وهو يتحدث عن تعدد كفارة اليمين: قال أبو بكر: ما نقلهُ المروذي عن أحمد قول لأبي عبد الله، ومذهبه هو أن كفارةً واحدة تجزئه. وهو قول إسحاق؛ وذلك لأنها كفارات من جنسٍ وإن اختلفت محالها، بأن يسرق من جماعة، أو يزني بنساء. وفارق الحدود؛ فإنها وجبت للزجر، وتندرئُ بالشبهات؛ بخلاف مسألتنا؛ ولأن الحدود عقوبة بدنية، فالموالاةُ بينها ربما أفضت إلى التلف، فاجتَرئ بأحدهما.

بعض الأقوال في هذه المسألة:

لقد تحصل مم~ا سبق أن للفقهاء في هذه المسألة قولين وهما:
القول الأول: أن الواجب كفارات متعددة على عدد المقتولين اعتباراً بالجناية وأن كلّ جناية فيها عقوبةً خاصة.
القول الثاني: أن الواجب كفارةً واحدة، اعتباراً بتداخل العقوبات إذا كانت من جنسٍ واحد، وأن المقصود من العقوبة هو الزجر، والردع، وتحصل بواحدةٍ؛ ولأن الكفارة من حقوق الشارع وهي مبنية على المسامحة، بخلاف الديات، فهي حقوق للمخلوق فتجب على كل نفس.

والذي يبدو من هذا التفريق هو أمرين:

1إذا كانت الجناية بعملٍ واحد خطأ كحوادثِ السيارات في واقعةٍ معينةٍ، فإن الواجب كفارة واحدة؛ لأن الجناية واحدة.
2 إذا كانت الجناية بفعلين مختلفين فالواجب في كل جناية كفارة، لتعدد الجناية.

المصدر: كتاب الكفارات أحكام وضوابط، للدكتور عبد الرقيب صالح محسن الشامي.كتاب الكفارات في الفقه الإسلامي، للدكتور رجاء بن عابد المطرفي.كتاب الكفارات أسباب وصفات، للمؤلف سعيد عبد العظيم.كتاب الكفارات في الفقه الإسلامي، تأليف محمد اسماعيل أبو الريش.


شارك المقالة: