وفد نجران إلى النبي عليه الصلاة والسلام

اقرأ في هذا المقال


وفد نجران:

نجران هي كلمة تلفظ بفتح النون وسكون حرف الجيم، ونجران هي بلد كبير على سبع مراحل من مكة المكرمة، من جهة اليمن، حيث كانت تشتمل هذه البلد على ثلاث وسبعين قرية، بمسير يوم كامل للراكب السريع.

وكان قدوم وفد أهل نجران في السنة التاسعة للهجرة النبوية الشريفة، حيث كان وقوام هذا الوفد ستون رجلا، منهم أربعة وعشرون رجلا من الرجال الأشراف، كان في الوفد ثلاثة رجال كانت إليهم زعامة ورئاسة أهل نجران، أحدهم رجل يقال له العاقب، والذي كانت إليه الإمارة والحكومة واسمه عبد المسيح، والرجل الثاني هو السيد، والذي كانت تحت إشرافه الأمور التي تتعلق بالثقافة والسياسية واسم هذا الرجل الأيهم أو شرحبيل والرجل الثالث هو الأسقف حيث كانت إليه الزعامة الدينية، وأيضاً القيادة الروحانية، واسم هذا الرجل أبو حارثة بن علقمة.

وعندما نزل وفد نجران بالمدينة المنورة، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم، كانت هناك بعض الأسئلة من الجانبين حيث سألهم النبي وسألوه أيضاً، وبعد ذلك دعاهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الدخول في دين الله الإسلام، وتلا النبي عليهم القرآن الكريم لكنّهم امتنعوا، وسألوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عمّا يقول في سيدنا عيسى عليه السلام، حينها مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك حتى نزلت على آيات من الله سبحانه وتعالى، فقال عز من قال: ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿59﴾ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿60﴾ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ”…..سورة آل عمران.

وعندما جاء صباح اليوم الثاني قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وأخبرهم بقوله في سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام في ضوء هذه الآيات من سورة آل عمران، وتركهم النبي في ذلك اليوم حتى يفكروا في أمرهم، فأبوا ورفضوا أن يقروا بما قال في سيدنا عيسى عليه السلام.

وعندما أصبحوا وقد رفضوا عن قبول ما عرض عليهم النبي من قوله في سيدنا عيسى عليه السلام، ورفضوا عن الدخول في دين الإسلام دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة (وهو الاجتماع مع الخصم، والدعاء من كل منهما على الآخر)، وأقبل النبي مشتملا على الحسن والحسين في خميل للنبي، وكانت السيدة فاطمة تمشي عند ظهره، وحينما رأوا من النبي الجدية والتهيؤ خلوا إلى بعضهم وتشاوروا فيما بينهم، حينها قال كل من العاقب والسيد للآخر: “لا تفعل فو الله لئن كان نبيا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر إلا هلك”، ولكن بعد ذلك اجتمع رأي القوم على تحكيم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرهم هذا، فجاؤوا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا له: “إنا نعطيك ما سألتنا”.

وبعد ما قبلوا ما سألهم النبي قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أخذ الجزية، وصالحهم النبي على ألفي حلة، ألف كانت في شهر رجب، وألف كانت في شهر صفر، وأيضاً مع كل حلة أوقية، وأعطاهم النبي ذمة الله وذمة رسوله، وترك النبي لهم الحرية الكاملة في دينهم، وكتب لهم النبي بذلك كتابا، وطلبوا من النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يبعث عليهم رجلاً يكون صاحب أمانة، فأرسل النبي عليهم أمين هذه الأمة وهو الصحابي أبو عبيدة بن الجراح؛ حتى يقبض منهم مال الصلح.

ولكن بعد ذلك طفق وبدأ دين الله الإسلام يفشو وينتشر فيهم، فقد ذكر وقل أن الرجلان وهما السيد والعاقب قد دخلا في دين الله الإسلام بعد أن رجعا من المدينة المنورة إلى بلادهم نجران، وأنّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، حتى يأتيه بصدقاتهم وجزيتهم التي عليهم، ومن المعلوم أنّ الصدقة إنّما يؤخذ من المسلمين.

فكان وفد أهل نجران من الوفود التي جاءت إلى النبي، وأسلم من الوفد زعيمان من زعماء أهل نجران، وانتشر دين الإسلام فيهم بعد ذلك.

المصدر: الرحيق المختوم/ صفى الرحمن المباركفورينور اليقين/محمد الخضريمختصر الجامع/ سميرة الزايد


شارك المقالة: