إنشاء وتنظيم المرفق العام وإلغائه في القانون الإداري

اقرأ في هذا المقال


أُنشئت المرافق العامة الإدارية بحكم الاستجابة الى حاجات ومتطلبات جماعية للجمهور، وغرضها تحقيق المصلحة العامة وذلك بحكم كونها خاضعة إلى رقابة الإدارة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

إنشاء وتنظيم المرفق العام وإلغائه في القانون الإداري

لقد خصّص المشرعين الإداريين نظاماً خاصاً للمرافق العامة تجعلهم مختلفين عن المؤسسات الخاصة، وهو نظام يمكن معالجته على محورين: الأول يتعلق بإنشاء المرافق العامة وتنظيمها وإلغائها والثاني يشمل عملها.

إن إنشاء وتنظيم وإلغاء المرافق العامة الإدارية ينقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول يتعلق بالإنشاء والثاني بالتنظيم والثالث بالإلغاء.

القسم الأول إنشاء المرافق العامة

يقصد بالمنشأة الإدارية الإقرار بوجود خدمة عامة تعتبر ذات منفعة عامة وتتطلب تدخل الدولة لإشباعها، من خلال إنشاء مشروع يسمى منفعة عامة، وذلك باستخدام وسائل القانون العام، ونظراً لاتساع مجال أنشطة الإدارة نتيجة الى تطور وظائف الدولة، فضلاً عن تحول مفهوم المنفعة العامة، نتيجة اعتماد مبادئ اللامركزية من أجل تخفيف العبء على السلطة المركزية، كل هذا أدى إلى الحاجة إلى إنشاء مرافق عامة تختلف من حيث نطاقها الجغرافي.

والمرافق العامة على المستوى الوطني وغيرها تختلف على المستوى المحلي، ولتوضيح كيفية إنشاء هذه المرافق العامة، يجب التمييز بين المرافق العامة الوطنية والمحلية بشكل عام في جميع الدول من خلال طريقة البناء.

إنشاء المرافق العامة الوطنية

لا تشير بعض نصوص مواد القانون الإداري في بعض الدول صراحة إلى فكرة إنشاء المرافق العامة من قبل السلطة التشريعية، وبالتالي فإنه يتبع الى اختصاص السلطة التنظيمية، التي تبين على أن المواد غير مشمولة باختصاص القانون بل تنتمي إلى المجال التنظيمي، باستثناء المؤسسات العامة فلم يرد صراحة في أي فصل من فصول القانون عن ذلك في بعض الدول، ومع ذلك ينبغي القول أن هذا الوضع القانوني يتطلب النظر على أساس مراعاة بعض البنود، الأمر الذي قد يحدّ من اختصاص الحكومة في هذا المجال.

أما بالنسبة لبعض البنود في القانون الإداري في بعض الدول فقد اشتملت على فكرة تأميم المؤسسات والانتقال من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وإذا نظرنا عن كثب إلى جانب تأميم المؤسسات سنلاحظ أن الأمر يتعلق بمؤسسات خاصة يتم نقلها من القطاع الخاص إلى القطاع العام، وبالتالي فإن عملية التأميم تتطلب حتماً فكرة إنشاء مرافق عامة وليس مجرد مقاولين خاضعين للقانون الخاص في السابق، ونفس الملاحظة لمحتوى نقل المؤسسات العامة من القطاع العام للقطاع الخاص، حيث أن الأمر يتعلق بالمرافق العامة ذات الطابع الأخلاقي التي يفتقدها القطاع الخاص.

وذهب الفقه التقليدي الإداري قبل عام 1985 للدعوة إلى إدخال إنشاء المرافق العامة ضمن اختصاص السلطة التشريعية، ويجب على البرلمان دائمًا التدخل في إنشاء المرافق العامة إما بشكل مباشر عندما يتدخل ويصدر قانونًا أو بشكل غير مباشر، مثل تفويض الاختصاص للسلطة التنفيذية.

من بين الأسباب التي دفعتهم إلى دخول موضوع الإنشاء إلى اختصاص البرلمان ما يلي:

  • يتطلب إنشاء مرفق عام إيجاد نظام قانوني الى مستخدميه يكون من اختصاص الحكومة.
  • يستلزم إنشاء مرفق عام توفير الأموال اللازمة لإدارته، ويختص مجلس الدولة بكل الأمور التي تتطلب أموالاً عامة.
  • يتطلب إنشاء مرفق عام تطبيق أنواع من الرقابة عليه وتعتبر الرقابة البرلمانية من أفضل الضوابط عمليا. هذا من أجل إنشاء المرافق العامة الوطنية، ولكن لإنشاء المرافق العامة المحلية، تعود الاختصاص فيها إلى المجالس المحلية ذات الصلة وفقًا لأحكام قانون الميثاق الجماعي.

إنشاء المرافق العامة المحلية

بالرجوع إلى القوانين المتعلقة بالتنظيم الإداري المحلي يتضح أنها تتسم بنوع من الغموض فيما يتعلق بموضوع إنشاء المرافق العامة المحلية، المجالس المحلية مسؤولة عن إنشاء هذا النوع من المنشآت بناءً على ما يلي:

  • الملحق الإقليمي: إن إنشاء الملحق الإقليمي من اختصاص المجلس الإقليمي.
  • الملحق المحلي: تناط مهمة إنشائه إلى مجلس العمال أو مجلس الإقليم.
  • الملحق الجماعي: أوكل مهمة إنشائه إلى مجلس المجتمع الحضري أو القروي.

المرافق المحلية المشتركة

يتم إنشاء المرافق الإدارية المحلية المشتركة بين المجتمعات وفقًا للإجراءات القانونية المنصوص عليها في إطار لجان التعاون المشتركة بين المجتمعات المحلية.

المطلب الثاني تنظيم وإلغاء المرافق العامة

يتجلى تنظيم المرافق العامة الإدارية في إيجاد مجموعة من القواعد التي تتبعها هذه المرافق بعد إنشائها، ولكن قد تكون هناك حاجة لإلغاء هذه المرافق العامة، بحيث يتم إلغاؤها بنفس الطريقة التي تم إنشاؤها بها.

الفقرة الأولى تنظيم المرافق العامة، والغرض من تنظيم المرافق العامة هو إيجاد الضوابط اللازمة لعملها بعد إنشائها وتعيين الجهة المعنية بإدارتها، وهذا يعني إنشاء جهاز إداري يشرف على إدارة المنشأة، مع بيان أقسامه ومصالحه المختلفة، والوضع القانوني للموظفين والنظام المالي والرقابة التي تمارس عليه في هذا المجال.

وهذه القواعد هي التي تشير إلى ما إذا كانت المنشأة الجديدة ستلحق بشخص إداري أم ستكون لها شخصية مستقلة، وتبين طريقة استقلاليتها، وستكون حكرا على السلطة الإدارية بحيث لا يُسمح للآخرين بذلك الانخراط.

لعل الجهة المختصة بتنظيم المنشأة الإدارية هي السلطة التنفيذية أي تدخل المجال التنظيمي، فهي التي تهتم بتشغيلها وتبين أساليب إدارتها، وهذا يتناسب مع وظيفتها الأساسية المتمثلة في تطبيق القوانين ويجب الاعتراف بأن لها الحق في إصدار اللوائح اللازمة والضرورية من أجل تنظيم وإدارة المرافق العامة وهذا أمر مرغوب فيه؛ لأنه من المنطقي ترك تنظيم المرافق لهذه السلطة بسبب تراكم الخبرة والتجربة والحاجة إلى العمل.

المطلب الثالث إلغاء المرافق العامة

بناءً على مبدأ موازاة الاختصاص في إلغاء المرافق العامة، يتم اتباع نفس الإجراءات المتبعة في إنشاء المرافق العامة في إلغائها، وبالتالي فإن إلغاء المنشأة الإدارية العامة يعني وقف نشاطها والإلغاء هو نفس طريقة التأسيس.

والسلطة التي أنشأت المنشأة مختصة بإلغائها إذا تم إنشاء مرفق عام بموجب القانون الإداري، فمن أجل إلغائه يجب اتباع نفس الطريقة أي إصدار قانون يلزم بإلغائه ولكن إذا كانت المنشأة بدون قانون، فيجب أن يتم الإلغاء بنفس الطريقة كما تم تأسيسها.

وفي الخاتمة يمكن أن نستنتج أن إنشاء المرافق العامة هو تحقيق المصلحة العامة داخل المؤسسة الإدارية، بمعنى الاستجابة للاحتياجات الأساسية والضرورية للمستفيدين، هذه الاستجابة التي تتخذ فيها الدولة ومجتمعاتها المحلية موقفًا يختلف بشكل واضح عن الموقف والمبادرة الخاصة، التي تتحكم فيها دوافع المصلحة الفردية، وانطلاقاً من هذا الاقتراح، أخضع المشرع مرافق الى نظام خاص يمكن معالجته من خلال محورين وهما: على مستوى الأساليب المستخدمة في إدارتها، ثم على مستوى المبادئ التي تقوم عليها المرفق الإداري العام.

المصدر: دوام سير المرافق العامة/ محمد عبد الحميد أبو زيد/ دار النهضة العربية/ 1976.الإيجاب والقبول في العقد الإداري/ مهند نوح/ 2005.القانون الإداري/ سعاد الشرقاوي/ دار النهضة العربية/ 1994.القانون الإداري/ فؤاد العطار/ دار النهضة العربية/ 1977.


شارك المقالة: