الرقابة القضائية على دستورية القوانين

اقرأ في هذا المقال


القضاء في القانون التجاري:

يعتبر القضاء من القضايا ذات الأهمية الكبيرة في المجتمعات الدولية، ودليل على ذلك، القضاء موجود منذ القدم؛ لأنّ الحاكم كان هو الذي يحكم في الخلافات التي نشأت بين أعضاء دولته.

وفي الإسلام كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو الذي يحكم شؤون المسلمين، ويحل الخلافات التي حدثت بينهما، وعندما قبل أبو بكر الخلافة في عهد الخلفاء الراشدين، كان لا بد من على وجود شخص يحافظ على شؤون المؤمنين، فاختار عمر بن الحطاب في ذلك الوقت، المسمى بالفاروق؛ لأنه ميز بين الخير والشر، ولكن كانت هناك سلطة قضائية مستقلة تتولى تنظيم شؤون الدولة وفض المنازعات بين الناس، وفي هذا سيتم توضيح ما يلي المراجعة القضائية لدستورية القوانين، والنقد ضد المراجعة وطرق المراجعة القضائية لدستورية القوانين.

الرقابة القضائية على دستورية القوانين:

في الواقع، لا يمكن لأي مجتمع أن يوجد بدون قضاء؛ لأنّ هذا سيزيد الخلافات معها، ويؤدي إلى الفوضى والتهام حقوق الناس؛  لأنّ القضاء هو الحل الوحيد لتنظيم شؤون الدولة والقضاء العادل، أينما وجد تزهو به الأمة وتتقدم، وكما يسعى القضاء إلى حل النزاع بين أفراد المجتمع، ومثلما يسعى القضاء لحل الخلاف بين أفراد المجتمع، فإنه يتحقق من جدوى القوانين لتكوين الدستور وعملية إن إشراف المحكمة على دستورية القوانين هو عمل قانوني بحت، والغرض الأساسي منه ضمان توافق القوانين القائمة في البلدان مع أحكام الدستور.

والتحقق من مدى التزام المشرع بحدود سلطته وعدم تجاوزها، حيث يتمتع القضاء بضمانات عديدة منها الحياد والاستقلالية، وأنّ أفراد المجتمع يثقون دائمًا بالفقهاء؛ بسبب خبرتهم القانونية العالية والمهارات التربوية التي تمكنهم من حفظ حقوق الأفراد.

ولذلك، من الأنسب أن يقوم القضاء بهذه الرقابة؛ لأنها تسعى دائمًا إلى تأكيد سيادة الدستور على القوانين الأخرى وضمان احترام أحكام الدستور، وعلى الرغم من عدم اتفاق الدول على أساليب الرقابة القضائية، إلا أنّ الدول العربية والغربية اتخذت الرقابة مع تنوع أساليبها.

انتقادات للرقابة القضائية على دستورية القوانين:

على الرغم من أن الإشراف على دستورية القوانين هو رقابة فعالة وذات مغزى، فقد عارض بعض المحامين القانونيين هذا النوع من الرقابة على دستورية القوانين، بناءً على العديد من الحجج والأدلة من بين الانتقادات ما يلي:

  • عندما يفرض القضاء سيطرته على دستورية القوانين فيعتبر ذلك تدخلاً في عمل السلطة التشريعية، ومخالفاً لمبدأ فصل السلطات الثلاث، ولكن الجواب هو أنه لا يوجد فصل كامل من القوات على العكس من ذلك، يجب أن يكون هناك نوع من التعاون بين السلطات لتكون قادرة على ذلك إلى جانب حقيقة أنه إذا التزم البرلمان بتنفيذ أحكام الدستور، فإنّ هذه الرقابة قد لا تضر به.
  • وتنحرف هذه الرقابة عن الدور الأساسي للقاضي، وهو تطبيق القانون وليس فحصه، وتشتت الانتباه عن حل الخلافات التي تجعل الناس يفقدون الثقة في النظام القضائي، لكن الرد على البيان هو أنّ بعض الدول أنشأت محكمة خاصة من هذا النوع.
  • وعندما يمارس القضاء مثل هذه الرقابة فهو يتعدى على تصرفات مجلس النواب الذي يعتبر بدوره ممّثلا للشعب، وبالتالي فهو انتهاك لمبدأ سيادة الشعب وبذلك يعد مخالفة لمبدأ سيادة الأمة، ولكن الرد على هذا الانتقاد أن القضاء الذي يقوم بهذه الرقابة هدفه إعلاء إرادة الأمة وحماية حقوقها وسيادتها.

طرق الرقابة القضائية على دستورية القوانين:

تُعدّ المراجعة القضائية لدستورية القوانين من أفضل الوسائل وأكثرها فعالية للتحقق من عدم وجود قانون يخالف الدستور، والهيئات التي تقوم بهذه المراجعة هي الهيئات القضائية. وتعد الرقابة القضائية على دستورية القوانين من أفضل الطرق فعاليّةً للرقابة على عدم عدم مخالفة أي قانون للدستور، وتعد الهيئات التي تقوم بهذه الرقابة ذات طبيعة قضائيّة، وتتم هذه الرقابة بطريقتين، إما عن طريق رقابة الإلغاء أو عن طريق رقابة الإمتناع، وفيما يأتي توضيح ذلك:

ترقابة الإلغاء:

هذه الرقابة تعني أنّ الشخص المعني بشيء مخول من قبل دستور الولاية لاتخاذ إجراءات قانونية تسعى لإلغاء القانون الذي ينتهك أحكام الدستور. والرقابة هيئة قضائية عامة بدون أفراد، ومن الممكن أن يكون انتقاد الإلغاء بعد نشر القانون، بحيث يمكن الطعن في هذا القانون أمام الجهات القضائية المختصة لعدم دستوريته.

رقابة الامتناع:

وهذا يسمى الدفع، بحيث يكون هناك نزاع قائم بين الخصوم في دعوى أمام جهات القضاء، ويدافع أحد الخصوم عن عدم دستورية القانون الواجب تطبيقه على موضوع الخصومة. ومن ناحية أخرى يجب على القاضي إجراء فحص القضية والنظر في موضوع الدفع، وإذا كان متأكدًا من عدم دستوريته، فلن يتم تطبيقه على التقاضي المعروض، لكن هذا لا يعني أنه لن يتم يطبق على حادثة أخرى، وفي كل الأحوال يظل القانون ساري المفعول حتى يحل محله قانون آخر.

المصدر: نعمان أحمد الخطيب (2011)، الوسيط في النظم الساسية والقانون الدستوري (الطبعة السابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 555. هاني علي الطهراوي (2014)، النظم الساسية والقانون الدستوري (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 364-365. حسني بوديار (2003)، الوجيز في القانون الدستوري، عنابة-الجزائر: دار لعلوم للنشر، صفحة 109-110.خالد خليل الظاهر (2009) القضاء الإداري (الطبعة الأولى) الرياض - المملكة العربية السعودية: مكتبة القانون والاقتصاد ، ص 80-82.


شارك المقالة: