ماهي أدوات الكتابة على الطين في العصور القديمة؟

اقرأ في هذا المقال



لقد دُوّنت الكتابة المسمارية على الطين بالدرجة الأولى وهذا ما ميزها عن غيرها من الكتابات في العالم. وكانت على شكل ألواح “رُقم” مُختلفة الكُتل والحجوم بحسب النصوص وتبعًا لإختلاف العصور. هذا فضلاً عن أنواع الآجر ، بما فيه الآجر المُزجج.

أنواع الأقلام المُستخدمة على مر العصور:

هناك آثار لأربعة أشكال مما تركة القلم على سطح الرُقُم توحّي بأن هناك أكثر من قلم رُسمت به هذه الصور على الرُقم هي :

القلم المُدبب :

هو الأداة التي رُسمت به الخطوط الدقيقة التي أعطت الأشكال دلالاتها. والتي بلغت ما يقرب الألفي رسمة. وقد أثبت الفحص المجهري لبعض الرُقُم أثار القصب الذي صُنع القلم منه بملاحظة طبعات شعيرات شظايا القصب عليها.

وهذا يعني أن القلم الذي اُستعمل في هذه الرقم قد كان من قطعة من القصب عادية برأس مدبب. وهذا لا يمنع أن يكون القلم من مادة أخرى تؤدي نفس الغرض كأن يكون من الخشب أو الحجر أو المعدن. وقد انتهى دور هذا القلم بانتهاء الكتابة الصورية في فجر السلالات حين بدأ التحوإلى العلامات المسمارية.

القلم المدور المملوء :

هي أداة رسم الحفر الدائرية الفارغة أولاً والحفر المائلة والتي تأخذ شكلاً نصف اسطواني ثانياً. ويُمكن أنّ تُؤدّي هذه الرسوم القصبة الكاملة المقطوعة عند العُقدة فتُعطي الآثار المذكورة على شكل حفرة دائرية بالضغط العمودي والرصعة النصف إسطوانية. تتمّ بوضع القصبة بشكل مائل قريب من الأفقي وهذا ما نشاهد رسومه في ألواح هذا الدور .

القلم المُدّور الفارغ:

لقد وجدت بعض الأشكال الدائرية شبه المُنتظمة على بعض الرُقُم. ومن الواضح أنها نتيجه ضغط قصبة فارغة عمودياً وفي هذه الحالة يمكن استعمال القلم المُدور المملوء من الجهة الثانية. وبذلك يمكن تغطية أشكال الكتابة كاملة بقلمين فقط ، الأول المُدظبب والثاني هو هذا المزدوج الأداء. ولعل هذا يُفسر رمز الإله “نابو”إله الكتابة الذي يرمُز إليه بقلمين.

القلم المُثلث:

وجدت في بعض الرُقم رصعة مُثلثة هي نتاج قلم مُثلث الرأس. وقد كان هذا النوع من الأقلام مُستعملاً في الخط
بطريقة مُغايرة في العصور الإسلاميه الأولى. وقد يكون هذا القلم هو البداية التي أثرت في التغير الذي تحقق في الكتابة المسمارية ونقلها إلى العلامات المسمارية برؤوسها المُثلثة .

قلم العلامات :

أنّ العمل على رسم العلامات المسمارية بحاجة إلى قلم ذو رأس مُزَوَّى، قد يكون مقطع رأسه مُثلثًا أو مُربعًاً أو مُستطيلًا. وقد أثار ذلك التساؤلات عند عُلماء المسماريات لعدم توفير قلم في المخلفات الأثرية، فمنهم من يرى أنّ مقطعة كان مُثلثاً والقسم الآخر يرى أنه كان مُربعًا أو مُستطيلًا.

وبالتدقيق في رسوم القلم على الرسوم الجدرانيّة والمنحوتات البارزة من العصر الآشوري الحديث وكذلك الآثار الكتابيّة على الُرقم . يُرجّح أنّ الشكل الذي استقر علية القلم في العصور المُتأخرة هو الشكل المستطيل. لما يُحققه من انتظام العنصر المُثلث في العلامات. والتناسب في الأشكال وهذا ما كانت عليه كتابة العصر الآشوري.

يبدأ رأس القلم بعرض يُقارب طول العنصر العمودي من العلامة المسماريّة بعدها يقل عرضه حتى يستدق في
النهاية مما يُتيح السيطرة المُناسبة عليه. وفي الوقت نفسه يُمكن استعماله كمسطرة لرسم الخطوط الفاصلة بحافتة الحادة.

ويظهر أنّه من مادة الخشب كما هو واضح في الرسم الجداري من بورسيبا من القرن الثامن قبل الميلاد. يؤكد ذلك رسم القصبة الجدارية نفسها للكاتب الآرامي كما أنّ تلوينه بلون قهوائي داكن يدل بأنّه من الخشب الجاوي. ولعلّ ذلك يفسر استمرار استعمال القلم الجاوي في الخط العربي إلى عهد قريب . كما أنّ طوله يُقدر بحدود (25_30سم)، وتكون اليد مكبوبة في مسكته حين الكتابة ويعتمد على السبابة والإبهام في مسكتة باليد اليمنى.

ويكون الرقيم عادةً على راحة الكف اليُسرى، وبذلك يمكن رسم العلامات بداءًا من الزاوية العُليا اليُسرى للرقم بمسار يتجة إلى اليمين عكس مسار الكتابة العربيّة التي تبدأ من اليمين ثمّ تتجة إلى اليسار.

قلم الحفر :

لُوحظ أنّ هناك قسمًا من الكتابات وخاصة على الآجر ،لم تُستخدم فيها قلم العلامات في رسمها، وإنما استعملت أداة
حفر تعطي حفراًغائراً عريضاً عند رأس العلاقة ويستدق في النهاية.
ويبدو أنّ دواعي ذلك الحصول على علامات ذات أحجام كبيرة وفي الوقت نفسة تكون غائرة لكي لا تتآكل أو تتأثر
بمرور الزمن أو اثناء البناء ، وهذه تحتاج إلى قلم خاص . قد يكون نوعاً من الأزاميل الدقيقة والتي هي اقرب ما تكون إلى شكل السكين أو الشفرة المعروفة.

ومن أمثلة هذا الآجر، آجر يحمل اسم كوديا من القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد . ولا نستبعد أنّ نفيد هنا الأدوات الحجرية أو العظيمة.

القوالب:


هي طريقة استعملت في كتابات الآجر وتتم بإعداد الكتابة أولاً ومن ثم عمل قالب عليها من الطين أو الخشب. وبعد ذلك طبعها (ختمها)على أعداد كبيرة من الآجر . يُحقق اختصارًا في الزمن ووحدة في الأشكال، وطبيعي أنّ تكون أداة الحفر على الطين قلم الحفر الآنف الذكر. وأما حفر قوالب الخشب فإن لها أدواتها الخاصة ولعل ذلك كانت البدايات الأولى المعروفة للطباعة في العالم .

أداة كتابة الألوان:


إنّ المقصود هنا ألوان تزجيج الفخار (الأكاسيد والزجاج) وإن كان يشمل الألوان بصورة عامة، فقد عرف تزجيج الفخار في العصر الآشوري. وقد تطور في إغناء المنحوتات المقولبة بالآجر المُزجج مُتعدد الألوان ومن ثمّ الآجر المُزجج المستوي المُتعدد ألوانه وفيه كثير من الكتابات ولعل من أبرز أمثله في مدينة آشور :

جدارية الإله آشور: وهي تظهر الإله آشور وهي تُحيط به هالة عندما كان يسحب سهمه، وترجع إلى القرن التاسع قبل الميلاد. من المتعارف عليه أنّ طلاء التزجيج هو عبارة عن محلول سائل يحتاج إلى أداة في رسم العلامات عليه. ولما كانت الكتابات التي وصلتنا على هذه الجداريّة نظيفة ودقيقة ومُنتظمة لذلك نرجح أنها رُسمت بفرشاة من الشعر. أو مادة قريبة منها كالريش مثلاً.

ولعلها الأداة نفسها التي رُسمت بها العلامات باللون الأحمر على الصخور قبل حفر كتاباتها. وتبقى الاجابة مُعلقة إلى أنّ تُسعفنا الحفريات المستقبلية بما يفيد .

المصدر: 1- محمد علي العناسوة ، علم المرجعيات ، عمان: دار الياقوت ، 2000.2- مصطفى الرافعي ، فنون صناعة الكتابة .- بيروت: دار الجيل ، 1994 .علي سليمان ، الكتابة والمكتبات عبر العصور .- دمشق: مطبعة ابن حيان ، 1986 .


شارك المقالة: