أسطورة فايثون

اقرأ في هذا المقال


كان فايثون (Phaethon) اسمًا أُطلق على شخصيات مختلفة في الأساطير اليونانية ولكن أشهرها كان ابن حورية (Oceanid Clymene) أو الإله أبولو (Apollo) أو هيليوس (Helios)، وكلا هذين الإلهين كما ورد في النسخة اليونانية والرومانية كانا مرتبطين بالشمس، وتنسب بعض المصادر شخصيات مختلفة مثل والديه، وكان فايثون شابًا طويل القامة ووسيمًا بعيون مشرقة وروح حازمة، وكان معروفًا بأنّه الأكثر شجاعة بين أصدقائه لأنّه لم تكن هناك مهمة مهما كانت متهورة فأنّه سيقوم بتقديم نفسه لفعلها، ومهما كانت خطيرة ما كان من فايثون ما يمنعه من القيام بها، ومع ذلك فقد كان بكل شجاعته متفاخرًا عظيمًا وغالبًا ما كان يجلب السخرية على نفسه بسبب كبريائه.

فايثون وعربة الشمس

وفقًا للأساطير القديمة تم وضع الشمس في عربة وكان إله هيليوس حسب ما  ورد في الأساطير القديمة يقودها يوميًا على طول السماء وهكذا تشرق الشمس وتغرب، كان فايثون هو ابن هيليوس الذي أخذ العربة سرًا ذات يوم لقيادتها، ومع ذلك نظرًا لأنّه كان صغيرًا وعديم الخبرة فقد السيطرة على الخيول وقُتل.

فايثون يبحث عن والده

وفقًا للأساطير اليونانية فإنّ فايثون الذي يعني اسمه الساطع، كان ابن إله الشمس هيليوس وامرأة من البشر تدعى كليمين حسب ما قيل في الحكايات الأسطورية، ومع ذلك كان يعيش مع والدته فقط لأنّ والده كان لديه مهمة صعبة لأدائها فقد كان مسؤولاً عن قيادة عربة الخيل مع الشمس من جانب إلى الأرض إلى الجانب الآخر خلال النهار.

ذات يوم سخر زميل مدرسة لفايثون من ادعائه أنّه ابن إله وقال إنّه لا يصدقه، وذهب فايثون باكيًا إلى والدته وطالب بإثبات أبوته، فأكدت كليمين لإبنها أنّه بالفعل ابن الإله العظيم هيليوس ولكن أخبرته كليمين بمدى صعوبة العثور على الرحلة، وأرسلته في طريقه إلى قصر والده لإثبات شرعيته، ولكن فايثون كان على استعداد للتغلب على جميع الصعوبات وبدأ على الفور، فسافر فايثون وهو مبتهجًا والأمل يملأه إلى الهند، وفي الطريق خاض العديد من المغامرات ولكنه وجد نفسه أخيرًا في بلد من الشرق الأقصى حيث يوجد على حدوده سور من الجبال العالية، حيث كان هناك قصر والده الذي كان من المفترض أن يبدأ كل يوم مساره من الشرق.

وعلى قمة أعلى جبل كان هناك قصر إله الشمس وهو قصر يتمتع بجمال أكبر بكثير من أي قصر رآه فايثون على الإطلاق وقد أذهله بريقه، وعندما وصل إلى قصر هيليوس اندهش من روعته ورفاهيته، وكادت عيناه أن يصابوا بالعمى بسبب انبهار الضوء من حوله، وكان القصر مدعومًا بأعمدة ضخمة مزينة بالذهب والأحجار الكريمة المتلألئة بينما كانت الأسقف والأبواب مصنوعة من العاج والفضة المصقول، وشاهد فايثون برهبة التمثيل الرائع للأرض والبحر والسماء على جدران القصر.

فايثون داخل قصر هيليوس الفخم

مندهشًا من كل الرفاهية التي واجهها جاء فايثون إلى الحضور المهيب لوالده الشهير هيليوس جالسًا على عرش مرصع بالألماس محاطًا بحضور اليوم والشهر والسنة والساعة، وكان من بين الحاضرين الآخرين الربيع مزين بالورود الصيف مع إكليل من الحبوب الناضجة الشبيهة بالرمح، والخريف مع احمرار القدمين بعصير العنب، وفصل الشتاء مع الصقيع في شعره، فأخبر فايثون هيليوس عن الإذلال الذي كان عليه أن يعاني منه بسبب اتهامه بعدم شرعيته، وناشد هيليوس أن يعترف به باعتباره ابنه وأن يثبت بما لا يدع مجالاً للشك شرعية ولادته، فتأثر هيليوس بشدة وأكد بحزم أبوة وشرعية فايثون، وفي الواقع أعلن بحضور جميع الحاضرين أنّه سيسعد ابنه بكل سرور من كل ما يطلبه منه.

قرر فايثون الذي كان سعيدًا لأنّ هيليوس العظيم قرر أن يعترف على أنّه ابنه وأن يختبر حدود حب والده وإحسانه، وطلب الصبي المتهور أن يُسمح له بقيادة عربة الشمس الرائعة ليوم واحد، وكان هيليوس خائفًا من طلب ابنه غير العقلاني، الذي حاول أن يشرح لابنه أنّه حتى زيوس العظيم لا يستطيع أن يفترض أنّه يقود عربة الشمس ناهيك عن كونه مجرد بشري، وكانت هذه المهمة الشاقة مخصصة له فقط أي لهيليوس.

لسوء الحظ بمجرد أنّ وعد الآلهة معروفًا ولم يتمكنوا من الانسحاب أو رفضه، واستخدم هيليوس كل مهاراته في الإقناع لمناشدة فايثون المتهور لسحب طلبه الفاحش ولكن دون جدوى، فأصر الصبي على أنّ هيليوس أوفى بوعده ولم يكن بإمكان إله الشمس فعل أي شيء سوى الاستسلام.

تسبب فايثون للدمار الكبير

كانت الرغبة في قيادة عربة الشمس الرائعة شيئًا واحدًا ولكن القيام بذلك في الواقع لم يكن بهذه البساطة التي تخيلها فايثون الساذج، وحاول هيليوس الذي لا حول له ولا قوة أن يحذر ابنه من المخاطر التي ينطوي عليها قيادة العربة بخيلها النارية التي وجد الإله العظيم نفسه صعوبة في السيطرة عليها في مناسبات عديدة، ونصح فايثون بتوجيه العربة خلال مسار متوسط وألّا تذهب مرتفعًا جدًا أو منخفضًا جدًا، وفرك هيليوس وجه ابنه تعبيرًا عن القوة والغطرسة.

بمجرد أن أقلع أدرك فايثون أنّه قد تحمل أكثر مما يستطيع تحمله، ووجد نفسه عاجزًا تمامًا عن السيطرة على الخيول النارية، وعندما أدركت الخيول ضعف وعدم خبرة سائقها الصغير بدأت في توجيه مسار وحشي وخطير، وقيل إنّ عربة الشمس قد اشتعلت النيران في السماء والتي من المفترض أنّها أصبحت مجرة درب التبانة وهي مجرة حلزونية، ثم بدأت العربة مع الشمس التي لا يمكن السيطرة عليها في توجيه مسار منخفض للغاية حيث ضربت الأرض وأطلقت العنان لدمار هائل بما في ذلك حرق القارة الأفريقية وتحويلها إلى صحراء، مما جعل الشعب الإثيوبي أسود البشرة حيث تم حرقهم من حريق الشمس وحتى التسبب في أضرار جسيمة لنهر النيل.

أثار خطر حدوث دمار أكبر غضب رئيس الآلهة زيوس الذي ضرب الصبي بصعقته، وسقطت جثة فايثون الميت في نهر إريدانوس الذي عُرف لاحقًا باسم نهر بو (Po) في إيطاليا، كانت نهاية حزينة ليوم فايثون العظيم، ولكن والأكثر حزنًا أنّ الفتاتان اللتين كانتا تقفان على ضفة النهر رأتا في الصبي المذنب شقيقهما فايثون، ولم يستطيعوا مساعدته، وكان بإمكانهم فقط الوقوف والبكاء وبكوا طويلًا حتى ترسخت أقدامهم في الأرض وتحولوا إلى أشجار حور، حيث قيل أنّه إذا كان المرء يستمع بالقرب من إحدى هذه الأشجار فقد يستمر في سماع التنهد اللطيف لأخوات الحور لأخيهن.

وحزن فايثون المؤسف بشدة على أخواته الهلياديس (Heliades) الذين تحولوا إلى أشجار حور للوقوف بجانب النهر وحماية أخيهم إلى الأبد، كما رأى سيجنوس (Cygnos) صديق فايثون السقوط وكان يتألم بشدة، ويومًا بعد يوم يبكي وكل يوم تطول رقبته وهو يقترب من الماء وينظر إلى أمواجها، وأصبح بجعة وقضى وقته عائمًا على النهر دائمًا يبحث عن فايثون ولكنه لم يجده أبدًا، ومرة واحدة فقط اتصل بفايثون وكان ذلك عندما كان يحتضر، وبعد وفاته تم وضع فايثون بين النجوم كوكبة العجلة (Auriga) أو تحول إلى إله النجم الذي سماه اليونانيون فايثون، حيث اسم فايثون (Phaethon) يعني الساطع أو المشع من الفعل اليوناني (phaethô) أي التألق.

المصدر: E. M. Berens, The Myths & Legends of Ancient: Greece and Rome, MetaLibri, October 13, 2009.- LILIAN STOUGHTON HYDE, FAVORITE GREEK MYTHS: YESTERDAY’S CLASSICS, CHAPEL HILL, NORTH CAROLINA, 2008.JESSIE M. TATLOCK, GREEK AND ROMAN MYTHOLOGY, NEW YORK, THE CENTURY Copyright, 1917.ALEXANDER S. MURRAY, MASTUAL OF MYTHOLOGY: GREEK AND ROMAN, NORSE, AND OLD GERMAN, HINDOO AND EGYPTIAN MYTHOLOGY, NEW YORK: CHARLES SCRIBNER'S SONS, 1893.


شارك المقالة: