قصة قصيدة قرعت العصا حتى تبين صاحبي

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة قرعت العصا حتى تبين صاحبي

أمّا عن مناسبة قصيدة “قرعت العصا حتى تبين صاحبي” فيروى بأن سعد بن مالك الكناني أراد في يوم من الأيام الدخول إلى مجلس الملك النعمان بن المنذر، فتوجه إلى قصره، ودخل إلى مجلس الملك، فسأله الملك عن أرضه، فقال له: أما مطرها فغزير، وأما نبته فكثير، فعرف الملك بأنه يجيد الكلام، وقال له: إنك لقوال، وإن أردت جئتك بما لا تستطيع الإجابة عليه، فقال له سعد: نعم.

وكان النعمان يريده أن يطيل بالكلام فيضرب له عنقه، فأمر النعمان أحد غلمانه أن يضربه على وجهه، فقام إليه وضربه، فقال له: ما جوابك عن هذه؟، فقال له: إنه سفيه مأمور، فأمر النعمان الغلام أن يضربه مرة أخرى، ومن ثم قال له: وما جوابك عن هذه؟، فقال له: لو أنه أخذ بالأولى لم يعد للثانية، فأمر النعمان الغلام أن يضربه مرة ثالثة، فضربه، ومن ثم قال له: وما جوابك عن هذه؟، فقال له: ملك يربي عبده، ومن ثم أمره أن يضربه الرابعة، فضربه، وقال له: وما جوابك عن هذه؟، فقال له: ملكت فتكرمت، فأعجب النعمان بما سمع منه، وقربه منه، وأمكثه عنده.

وفي يوم من الأيام بعث النعمان بعمرو بن مالك وهو أخو سعد، لكي يتقصى له عن أرض، ولكنه أبطأ في العودة، فغضب النعمان بسبب ذلك غضبًا شديدًا، وأقسم بأنه إن جاء وذم بتلك الأرض أو قام بحمدها فسوف يقوم بقتله، وكان سعد حاضرًا عنده.

وعندما عاد عمرو، ودخل إلى الملك، قال سعد للملك: هل يمكنني أن أكلمه؟، فرفض الملك وقال له: إن كلمته قطعت لك لسانك، فطلب منه أن يشير له، فرفض الملك، وقال له: إن أشرت له فسوف أقطع لك يدك، فقال له سعد: إذن اسمح لي أن أضرب له بالعصا، فسمح له.

فأمسك سعد بعصا، وضرب بها مرة واحدة على الأرض، فعرف عمرو أنه يخبره: مكانك، فقام سعد بضرب العصا بالأرض ثلاث ضربات، ومن ثم قام برفعها إلى السماء، ومن ثم مسحها على الأرض، فعرف عمرو أنه يقول له: لم أجد أرضًا جدباء، ثم ضرب بالعصا مرات عديدة، ومن ثم رفعها قليلًا، ومن ثم أشار إلى الأرض بعينيه، فعرف أنه يقول: ولا نباتًا، ومن ثم ومن ثم ضرب بالعصا ضربة واحدة، ونظر تجاه الملك، فعرف أنه يقول له: قم وتكلم معه، فتقدم عمرو حتى قام بين يدي النعمان، فقال له النعمان: أخبرني بما رأيت؟، هل تحمد خصوبتها أم تذم جفافها؟، فقال له: لا هذه ولا تلك يا مولاي، إن تلك الأرض مشكلة، فلا يعرف خصبها، ولا جدبها يوصف، من يأتيها واقف، ومن ينكرها عارف، ومن يأمنها فهو خائف، فقال له النعمان، أولى لك، وقد أنشد سعد بن مالك في خبر ذلك قائلًا:

قَـرَعـتُ العَـصـا حَـتّـى تَبَيَّنَ صاحِبي
وَلَم تَـكُ لَولا ذاكَ لِلقَـومِ تُـقـرَعُ

فَـقـالَ رَأَيـتُ الأَرضَ لَيـسَ بِـمُـمحِلٍ
وَلا سارِحٍ مِنها عَلى الرَعيِ يَشبَعُ

سَـواءٌ فَـلا جَـدبٌ فَـيُـعـرَفُ جَـدبُهـا
وَلا صـابَهـا غَـيـثٌ غَـريـرٌ فَـتُـمرِعُ

فَـنَـجّـى بِهـا حَـوبـاءَ نَـفـسٍ كَريمَةٍ
وَقَـد كـادَ لَولا ذاكَ فـيـهِم يُقَطَّعُ

نبذة عن سعد بن مالك

هو سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وهو شاعر بكر بن وائل في حرب البسوس.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: