استراتيجية تحول مور

اقرأ في هذا المقال


بدأ خروج الفيلسوف جورج إدوارد مور من الفلسفة المثالية بنقد العلاقات الداخلية في التحليل الدقيق للحقيقة والخطأ في طبيعة الحكم عام 1899، وفي تفنيد المثالية عام 1903 رسم أيضًا تمييزًا حادًا بين الوعي وموضوعاته وجادل صراحةً ضد الاعتقاد المثالي الذي يعتبر (esse est percipi).

مور استمر في تطوير قناعاته الواقعية حتى جادل مور في دفاع عن الفطرة السليمة عام 1925 بأنّنا جميعًا نعرف بالتأكيد حقيقة العديد من الافتراضات حول أنفسنا وأجسادنا والأشخاص الآخرين، وعلى الرّغم من أنّنا قد نكون غير متأكدين من التحليل الصحيح لهذه المقترحات، فقد جادل مور بأنّ كلا من المثاليين والمتشككين ينكرون بشكل غير معقول هذه المعرفة اليومية البسيطة، وإنّ انشغال مور بهذه القضايا واضح حتى في بعض المشاكل الرئيسية في الفلسفة 1953.

مصطلح تحول مور:

يبدو أنّ القضية ليست ما إذا كانت الواقعية المنطقية صحيحة بالتأكيد والشكوكية خاطئة بالتأكيد، وبالأحرى المسألة هي ما يجب علينا تصديقه أو اعتباره صحيحًا بالنظر إلى أنّنا لا نستطيع إثبات أو دحض أي من الموقفين، وبناءً على هذا التفسير فإنّ ما يُطلق عليه: “تحول جورج إدوارد مور (the G. E. Moore shift)“، وهو مصطلح صاغه ويليام رو (William Rowe) والذي يعتبر من الأمور المركزية في النهج الموري، حيث فكّر في نوع قياسي من الحجة المتشككة:

1- إذا لم أتمكن من التمييز بين الاستيقاظ والحلم فلا يمكنني التأكد من أنّ لدي جسداً.

2- لا أستطيع التمييز بين اليقظة والحلم.

3- لذلك لا يمكنني التأكد من أنّ لدي جسدًا.

باستخدام تحول (G.E. Moore) نعيد ترتيب مقترحات حجة المتشككين وبالتالي:

1- إذا لم أتمكن من التمييز بين الاستيقاظ والحلم فلا يمكنني التأكد من أنّ لدي جسداً.

2- أنا متأكد من أنّ لدي جسد.

3- لذلك أستطيع أن أفرق بين الاستيقاظ والحلم.

ويمكن تعميم الاستراتيجية على النحو التالي، حيث تمثل الفطرة السليمة أي اقتراح للفطرة السليمة، مثل “أنا متأكد من أنّ لدي جسمًا”، والفطرة هو أي اقتراح متشكك، مثل “لا أستطيع التمييز بين الاستيقاظ والحلم“:

حجة المشككين:

1- إذا كانت الفطرة، ثم الفطرة السليمة.

2-الفطرة.

3- ليست الفطرة السليمة.

رد مور (باستخدام التحول):

1- إذا كانت الفطرة ثم ليست الفطرة السليمة.

2- الفطرة السليمة.

3- ليست الفطرة.

كلتا الحجتان صحيحتان لكن يمكن أن تكون واحدة فقط سليمة، ونظرًا لأنّ كلاهما يقبل الشرط (1) فإنّ مسألة السلامة تنزل إلى مسألة ما إذا كانت الفطرة أو الفطرة السليمة صحيحة، وهنا سيكون مور والمشككون في طريق مسدود باستثناء أنّه (وفقًا لمور) لدينا سبب أكبر لتصديق أي اقتراح للفطرة السليمة أكثر من أي اقتراح متشكك.

عمل مور الفلسفي بعنوان أربعة أشكال من الشك:

يبدو أنّه كل اقتراح متشكك يستحق الحد من هذا السباق، حيث سوف يُعتمد على بعض التفسير التأملي لأنطولوجيا الإدراك التي تضع بديلاً عقليًا (مثل الاقتراح أو المعنى) في مكان ما، بحيث نقول عادة أنّه موضوع تجربتنا، ولكن نظرًا للطبيعة غير المؤكدة للغاية للنظريات في أنطولوجيا الإدراك، فمن الحكمة أن نتعامل معها ومع الادعاءات القائمة عليها (كما هي جميع الادعاءات المشككة المشروعة) بشك، وأن نرفض السماح لها بتحمل الكثير من الوزن في قراراتنا حول ما نعتقد، وبالتالي يجب أن ينتهي بنا الحال دائمًا إلى جانب المنطق.

في الواقع يبدو أنّ هذا هو إجراء مور في ورقة بحثية حديثة بعنوان (أربعة أشكال من الشك)، مع الأخذ في الاعتبار ادعاء بيرتراند راسل بأنّه: “لا أعرف على وجه اليقين أنّ هذا قلم رصاص“، ويزعم مور أنّه يقوم على عدّة افتراضات، حيث أحدها هو إنكار الواقعية المباشرة، وعلى الرّغم من أنّه يعترف بالاتفاق مع راسل على أنّ الواقعية المباشرة خاطئة على الأرجح إلّا أنّ مور يؤيد رفض الفطرة:

“لا أحد من هذه الافتراضات المسبقة للفطرة، فهل أشعر باليقين الذي أعرفه على وجه اليقين أنّ هذا قلم رصاص؟ كلا، وأكثر من ذلك: لا أعتقد أنّه من المنطقي أن تكون على يقين من أي من هذه الافتراضات، كما هو الحال مع الافتراض القائل إنّني أعرف أنّ هذا قلم رصاص”.

من الواضح أنّ مور يستخدم استراتيجية (التحول)، وما هو غير واضح هو فقط ما هو مصدر التبرير المفترض أن يكون، وفي هذه الحالة على الأقل يبدو أنّ التحول ينطوي على استئناف لمعيار التبرير -والعقلانية– الذي لا يتأثر بحقيقة أنّنا نفتقر إلى تفسير مناسب للإدراك، ولكن مور لا يخبرنا أبدًا بالضبط ما هو هذا المعيار، ومنذ مور كان من المعتاد محاولة القيام بالمعايير بصرف النظر عن أنطولوجيا الإدراك ويظل السؤال حول المعيار (أو المعايير) للتبرير مسألة مركزية للنقاش.

المصدر: Chapter I: The Subject¬Matter of Ethics G.E. Moore, “Certainty” G.E. Moore’s Principia Ethica and the Complex of ArchitectureG. E. Moore – A Defence of Common SenseETHICS G. E. MOORE, HUMPHREY MILFORD OXFORD UNIVERSITY PRESS LONDON, NEW YORK, TORONTO, First published in 1912 and reprinted in 1925 (twice), 1927, 1928, 1930, 1936, 1939, 1944 and 1945.Philosophical Stiidies By G. E. MOORE, Litt.D. Hen. LL.D. fit. Andrew's, F.B.A. Lidurtr in Moral Science in the L'nrreisitv of Cambridge Author, NEW YORK HARCOURT, BRACE & CO. INC LONDON; KEGAN PAUL, TRENCH, TRUBNER & CO., LTD 1922.George Edward Moore (1873—1958)


شارك المقالة: