الفيلسوفة كافنديش كإمرأة رائدة في عصرها

اقرأ في هذا المقال


ولدت الفيلسوفة مارجريت لوكاس كافنديش عام 1623 لعائلة ملكية أرستقراطية، وكانت خاصة وإن كانت بشكل أساسي نسبيًا متعلمة في مرحلة الطفولة، ولكن يبدو أنّها قرأت على نطاق واسع في مجموعة من الموضوعات التي عادة ما تكون مخصصة للعلماء الذكور، وأصبحت كاتبة غزيرة الإنتاج بشكل ملحوظ في مجموعة متنوعة من الأنواع، وكانت غير معتادة للنشر باسمها عندما كانت معظم الكاتبات من النساء يكتبن دون الكشف عن هويتهن.

النهج الفلسفي لكافنديش:

صدر أول كتاب لكافنديش بعنوان قصائد وأوهام عام 1653، حيث كانت عبارة عن مجموعة من القصائد والرسائل والنثرية التي تستكشف أفكارها الفلسفية والعلمية والجمالية، وتعلق العديد من النصوص بوعي ذاتي على خجل المؤلف من تقديم عملها للجمهور، ورغبتها في أن تُقرأ بعيون متسامحة ومحبوبة، ورعايتها الأمومة تقريبًا للكتاب الذي ترسله إلى العالم.

كانت كافنديش فيلسوفة طبيعية جادة ففي وقت لم تكن فيه النساء متعلمات رسميًا في مثل هذه الموضوعات، ونشرت ملاحظاتها حول الفلسفة التجريبية في عام 1666، وعبر أعمالها الفلسفية تنتقل كافنديش من النظرية الذرية، وهي النظرية القائلة بوجود عوالم عديدة في هذا العالم.

وكما يقول عنوان إحدى قصائدها (الملايين من تلك الذرات قد تكون في رأس دبوس واحد صغير وضعيف واحد) بأنّه من خلال الحيوية، والاقتناع بأنّ هناك فرقًا جوهريًا بين حركي و كائنات غير حية وإلى عموم النفس، والاعتقاد بأنّ كل شيء في الطبيعة له روح، وبعد فترة وجيزة من نشر الملاحظات أصبحت كافنديش أول امرأة تُدعى لحضور الاجتماعات في الجمعية الملكية.

فلسفة كافنديش في الخيال العلمي والعالم الناري:

إلى جانب الملاحظات نشرت كافنديش على الأرجح أعمالها الأكثر شهرة ووصف عالم جديد المسمى بالعالم المشتعل، وهذا في الأساس عمل خيال علمي تدور أحداثه في عالم آخر يمكن الوصول إليه عن طريق القطب الشمالي، حيث تحطمت سفينة امرأة شابة وتصبح إمبراطورة على سكان العالم المشتعل ومعظمهم من الحيوانات المجسمة، والرواية خيالية وساخرة وطوباوية (مثالية)، والأهم من ذلك أنّها تتمحور حول المرأة.

كانت كافنديش امرأة أولى التي أظهرت بشكل خاص تألقها وحرية تفكيرها في أعمال الخيال العلمي مثل العالم المشتعل، وانعكس حماسها للعلم في الكتب والقصائد حيث تركز على أفكار مثل صغر الذرة وتتخيل كيف يمكن أن يكون هناك عوالم أخرى في هذا العالم، كما كانت أول امرأة في إنجلترا تكتب للنشر بشكل أساسي.

على الرغم من السياسة التقليدية الصارمة والموقف المبالغة في الاحترام تجاه زوجها كانت قادرة على التصريحات النسوية الجريئة، وكان النقد الموجه كافنديش يفوق الثناء ومع ذلك استمرت في الكتابة، ونشرت 22 عملاً خلال حياتها وسمعتها الحديثة لامرأة رائعة حقًا.

كما نشرت كافنديش سيرتها الذاتية وعلاقة حقيقية بميلادها وتربيتها وحياتها، وذلك في عام 1656 عن عمر يناهز 33 عامًا فقط، وتشمل أعمالها الأخرى الخطابات في عام 1662 والرسائل الاجتماعية في عام 1664 وهي مجموعة من الرسائل حول مواضيع معاصرة، وكتبتها كافنديش تحت ستار الشخصيات المختلفة والرسائل الفلسفية في عام 1664، كما كتبت أيضًا عددًا كبيرًا من المسرحيات والتي تم جمعها في مجلدين في عامي 1662 و 1668 على الرغم من عدم أدائها مطلقًا خلال حياتها.

سمعة وشهرة كافنديش:

لقد ذهب الرأي النقدي ذهابًا وإيابًا في السنوات التي تلت حياة كافنديش حول ما إذا كان يجب حقًا أن تؤخذ على محمل الجد ككاتبة وفيلسوفة، أم أنّها مجرد شخصية غريبة الأطوار أو شيء ما بينهما.

ولدت كافنديش في الوقت الذي كان يحدث فيه تغيير علمي كبير، حيث كان العلماء يستخدمون نظام التكهنات المنطقية للتعرف على الطبيعة، والآن بدأوا في استخدام مزيج من الفكر والتجربة الخاضعة للرقابة، كما كانت الطريقة العلمية الحديثة تتشكل، فالتغيير يجلب الفرص وقد ساعد كافنديش في ريادة دور جديد للمرأة في هذا العالم المتغير.

تروي المؤرخة لوندا شيبينجر كيف ابتكرت نسخة إنجليزية من الصالون حيث كانت المرأة الفرنسية تبني مكانها في العلم، وكانت الصالونات بالفعل مجموعات دراسة محلية رسمية، وكانت أدارتهن نساء مؤثرات واستقطبن الكثير من المفكرين الذكور، وهؤلاء النساء عادة ما يتصرفن كمحكمين ومستجوبين، وذلك كمحكمين للفكر، والذي من الممكن القول أنّه يعد دورًا غريبًا، فقد كانا كلاهما مرؤوسين ووسطاء قوة فكرية في نفس الوقت.

أرادت كافنديش الشهرة ولم تصنع درسًا في ذلك فقد كانت غير مدربة، ولكنها أشارت إلى أنّ ذلك يأتي مع النظام الاجتماعي، ولم ينعكس ذلك على قدرتها على التفكير، ولقد أنشأت ما أسمته (نصف دائرة)، وكانت مجموعة دراسة مستمدة إلى حد كبير من أسرتها، ولقد حاولت بنجاح محدود للتوافق مع العقول العظيمة في عصرها، وبدأت في كتابة كتب عن الفلسفة الطبيعية.

كانت العديد من مواقفها تقليدية جدًا ولم تعجبها العلوم التجريبية الجديدة، وقالت إنّ الحس البشري معيب والآلات البشرية أسوأ، ثم وجدنا أنّ زوجها جمع التلسكوبات الجديدة والتي كانت تغير الرؤية البشرية بشكل جذري والتي كان يمتلك سبعة منهم، وإذا كانت على خلاف مع زوجها في هذا الأمر فليس من الممكن أن تخبرنا بذلك من كتاباتها، ووصفته بأنّه راعي الذكاء وأخذت نظرة تقليدية إلى دور المرأة المنزلي، كما كتبت في البداية أنّ عقول النساء رخوة لدرجة يصعب معها التفكير، ثم أضافت وكأنها تعطي لنفسها مكاناً على المائدة في بعض النساء أحكم من الرجال.

ووجدت طرقًا لتكون درامية وصريحة بما يكفي ليتم ملاحظتها، فلقد افترضت أنّ المادة مكونة من ذرات ذكية ووجدت أسبابًا لتحدي رينينه ديكارت، وأزعجت بذلك المحمية العلمية الذكورية (الجمعية الملكية) بزيارتها للجمعية في عام 1667، ولم تكن كافنديش واحدة من كبار المفكرين ولا واحدة من كبار الثوار، وقصتها هي قصة نساء يبحثن عن مكان جديد، ويذكرنا ذلك بمدى صعوبة السفر عندما لا يكون لدينا طرق، وفقط عندما نرى ذلك نبدأ في رؤية جرأة وأصالة مطالبتها بمكانة في حياة العقل.

الإرث الفكري لكافنديش:

بعد استعادة النظام الملكي في عام 1660 عادت كافنديش من المنفى، وبدأ ويليام في استعادة عقاراته بما في ذلك قلعة بولسوفر في ديربيشاير، وشاركت كافنديش بنشاط في إدارة أراضيه، وخلال ستينيات القرن السادس عشر بدأت مارجريت كافنديش في كتابة كتب فلسفية، وتوقعت العديد من أعمالها المشهورة المنشورة في هذا العقد بعض الحجج المركزية التي سيقدمها الكتاب لاحقًا بشأن الفلسفة الطبيعية والسياسية ودراسات النوع والدين.

ربما كانت كافنديش أكثر النساء المشهورات في القرن السابع عشر، حيث قامت بنشر المسرحيات والمقالات والنقد والشعر بالإضافة إلى بعض أقدم قصص الخيال العلمي، وفي عام 1667 أصبحت أول امرأة تحضر اجتماع الجمعية الملكية وهي خطوة جريئة لم تتكرر لقرون، وغالبًا ما يميل النقد والكتابة المحيطان بحياتها إلى التركيز على شخصية كافنديش الغريبة أكثر من عملها، ومع ذلك فقد صمدت كتابات كافنديش أمام اختبار الزمن حيث لا تزال العديد من كتبها مطبوعة ومتاحة اليوم.

المصدر: Margaret Cavendish (1623—1673)Margaret Lucas CavendishMargaret Cavendish, Duchess of Newcastle-upon-TyneAugustine, On Free Choice of the Will, Thomas Williams (ed. and trans.), Indianapolis and Cambridge: Hackett Publishing Company, 1993.Cavendish, Margaret, Philosophical Fancies, London: printed by Thomas Roycroft for J. Martin and J. Allestrye, 1653.Cavendish, Margaret, The World’s Olio, London: printed for J. Martin and J. Allestrye, 1655.Cavendish, Margaret, The Description Of A New World, Called The Blazing World And Other Writings, ed, Kate Lilley. London: William Pickering, 1992.Battigelli, Anna, 1998, Margaret Cavendish and The Exiles of the Mind, Lexington: The University Press of Kentucky.


شارك المقالة: