تأثير الفيلسوف مور على فلسفة راسل

اقرأ في هذا المقال


كان مصير برتراند راسل كمفكر أخلاقي يهيمن عليه كتاب واحد وهو جورج إدوارد مور المبادئ الأخلاقية عام 1903، فقبل عام 1903 كرس راسل بعضًا من الطاقة التي كان بإمكانه توفيرها من الديمقراطية الاشتراكيةالألمانية، وأسس الرياضيات وفلسفة لايبنيز لوضع أخلاقيات خاصة به.

فبعد عام 1903 أصبح متحمسًا ولكن نقديًا للتحول إلى مذاهب المبادئ الأخلاقية (Principia Ethica)، على الرغم من وجود بعض الأدلة على أنّ عملية التحويل لفكر راسل قد بدأت في وقت مبكر من عام 1897.

حجة السؤال المفتوح وعواقبها على فلسفة راسل:

اشتهر الفيلسوف مور بالادعاء الذي يعتقد أنّه يثبت من خلال ما أصبح يُعرف باسم حجة السؤال المفتوح، حيث أنّ هناك خاصية غير طبيعية للخير، وهي ليست متطابقة أو قابلة للاختزال مع أي خاصية أخرى أو تجميع الخصائص، وأن ما يجب علينا فعله هو تعظيم الخير وتقليل السيئ.

وافق راسل على هذه الأطروحة ولكن مع بعض التحفظات المهمة حتى عام 1913، وبعد ذلك استمر في الاعتقاد بأنّه إذا كانت الأحكام المتعلقة بالخير والشر صحيحة موضوعياً فإنّ الخصائص غير الطبيعية للخير والشر مطلوبة لجعلها صحيحة.

كل ما في الأمر أنّ راسل توقف عن الاعتقاد بوجود مثل هذه الممتلكات، فهل يعني هذا أنّ أحكام الخير والشر كلها باطلة؟ الجواب هو ليس بالضرورة، على الرغم من أنّ راسل وافق على هذا الرأي لفترة وجيزة خلال عام 1922.

والنظرية البديلة هي أنّ الأحكام الأخلاقية ليست صحيحة ولا خاطئة، لأنّ دورها لا يتمثل في ذكر الحقائق أو وصف الطريقة التي يكون عليها العالم ولكن للتعبير عن المشاعر أو الرغبات أو حتى الأوامر، فكان هذا على الرغم من بعض التذبذبات وجهة نظر راسل السائدة لبقية حياته، على الرغم من أنّ الأمر استغرق 22 عامًا لتطوير نسخة جيدة الإعداد من النظرية.

كان يميل إلى تسميتها الذاتية أو ذاتية القيم الأخلاقية على الرغم من أنّها تُعرف في الوقت الحاضر باسم اللادراكية أو التعبيرية أو العواطف، ولقد توصل إلى الاعتقاد أنّه على الرغم من مظهرها الدلالي فإنّ الأحكام الأخلاقية وذلك على الأقل الأحكام حول ما هو جيد أو سيئ في حد ذاته هي حقًا في مزاج اختياري، بحيث تكون الجملة في الحالة المزاجية الاختيارية إذا كانت تعبر عن مطلب أو رغبة.

فما تعنيه عبارة (X) جيد هو (هل يرغب الجميع في X!)، لذلك فهو يعبر عن الحالة الذهنية للمتحدث ولا يصفها ولا سيما رغباته، وعلى هذا النحو لا يمكن أن يكون حقيقة ولا يمكن أن يكون خطأ.

فإذا قال المرء: “أود أن أكون في إنجلترا الآن في شهر نيسان هنا!”، يمكنه أن يستنتج أنه يرغب في أن يكون في إنجلترا الآن في شهر نيسان هنا، ونظرًا لعدم وجود نية للتضليل فلن يقول ذلك ما لم يرغب في أن يكون في إنجلترا ويعتقد أن شهر نيسان كان هنا، ولكنه لا يقول إنّه يرغب في أن يكون في إنجلترا لأنّه لا يفصح عن أي شيء على الإطلاق (باستثناء ربما شهر نيسان هنا).

على الرغم من أنّ هذه كانت وجهة نظر راسل السائدة منذ عام 1913 حتى وفاته إلّا أنّه لم يهتم بها كثيرًا: “لا أستطيع أن أفهم كيف أدحض الحجج المتعلقة بذاتية القيم الأخلاقية، لكنني أجد نفسي غير قادر على تصديق أنّ كل ما هو خطأ في القسوة الوحشية هو أنني لا أحبها”.

المورانية وفلسفة راسل:

لا بد أنّه ليس من الواضح تمامًا ما الذي اعتبره راسل بالحجج المتعلقة بذاتية القيم الأخلاقية الساحقة، ولكن يبدو أنّ أحدهم انطلق من فرضية مورانية (نسبة إلى الفيلسوف مور)، حيث اعتبر راسل أنّ مور قد دحض المذهب الطبيعي وهو الرأي القائل بأنّه على الرغم من وجود حقائق أخلاقية فلا يلزم أي شيء خارج عن المألوف ميتافيزيقيًا لجعلها صحيحة.

على العكس من ذلك أخذ راسل مور لإثبات أنّه إذا كانت هناك حقائق أخلاقية حول الأشياء الجيدة أو السيئة كغايات بدلاً من كونها وسيلة فإنّ الحقائق المعنية تتطلب خصائص غير طبيعية مخيفة من الخير والسوء وما إلى ذلك، حيث هذا على عكس الطبيعي والخصائص التي يفترضها العلم والمنطق وذلك لجعلها صحيحة.

في الغياب المفترض لمثل هذه الخصائص كان مدفوعًا إلى استنتاج مفاده أنّ الأحكام الأخلاقية وذلك على الأقل الأحكام المتعلقة بالصلاح والشر كانت إما كلها خاطئة أو ليست صحيحة أو خاطئة، وهكذا ظل راسل مورانيًا منشقًا حتى بعد أن توقف عن الإيمان بالصالح الموري.

ولكن إذا كان مور له تأثير حاسم على راسل فيبدو أنّ راسل كان له تأثير مهم على مور، وربما كان مور مدفوعًا لابتكار أكثر حجته شهرة لخاصية غير طبيعية للخير (حجة السؤال المفتوح) من خلال الحاجة إلى التعامل مع نظرية طبيعية لرسل.

المصدر: PORTRAITS FROM MEMORY and Other Essays, by BERTRAND RUSSELL, SIMON AND SCHUSTER NEW YORK,1956.The Philosophical Importance of Mathematical LogicAN OUTLINE OF PHILOSOPHY, By Bertrand Russell, LONDON GEORGE ALLEN & UNWIN LTD MUSEUM STREET, First published in Great Britain 1927 AMERICAN BINDERY TOPEKA, KANSAS MAY 21 195T, Printed in Great Britain ly R. & R. CLARK, LIMITED Edinburgh.THE AUTOBIOGRAPHYOF BERTRAND RUSSELL, 1914-1944, An Atlantic Monthly Press Book LITTLE, BROWN AND COMPANY BOSTON TORONTO, PRINTED IN THE UNITED STATES OF AMERICA.THE AUTOBIOGRAPHY OF BERTRAND RUSSELL, 1872-1914, An Atlantic Monthly Press Book LITTLE, BROWN AND COMPANY BOSTON TORONTO, FIRST AMERICAN EDITION. BERTRAND RUSSELL OUR KNOWLEDGE OF THE EXTERNAL WORLD AS A FIELD FOR SCIENTIFIC METHOD IN PHILOSOPHY, GEORGE ALLEN & U N WIN LTD RUSKIN HOUSE, 40 MUSEUM STREET, LONDONBertrand RussellRussell’s Moral Philosophy


شارك المقالة: