تاريخ نظرية الترجمة الأدبية

اقرأ في هذا المقال


إنّ الترجمة الأدبية هو فن مبتكر منذ العصور القديمة جدّاً، وتم عمل الكثير من الدراسات والنظريات من حوله؛ فوضع الجاحظ نظريات للترجمة الأدبية وقام أدباء آخرون بعمل دراسات ومقارنات، سنتحدّث عزيزي القارئ في هذا المقال عن نظريات الترجمة الأدبية والتي بدأ وضعها منذ الزمن القديم.

تاريخ نظرية الترجمة الأدبية

إنّ الترجمة هي تعتمد اعتماد كلّي على قدرة المترجم على التأثير على السامعين، وهو ينقسم إلى نوعين، نوع يعتبر ترجمة لخطاب كامل، أمّا النوع الآخر فهو ترجمة كلمة بكلمة وهو ما يسمّى بالترجمة الحرفية، ووجدت الترجمة الحرفية في اليونان أوّلاً؛ حيث كانت الترجمة تتم كلمة بكلمة من اليونانية إلى اللاتينية.

بعد ذلك اعترض الرئيس الروماني على هذ النوع من الترجمة؛ حيث كانت الكتب المقدسّة لديهم يتم ترجمتها حرفيّاً، ولا يتم نقل المعنى الكامل بشكل صحيح، وإنّ الأهم في تلك الكتب الدينية هو المعنى الجوهري لها الذي سيمتد أثره للقرون القادمة، وكذلك الصينيون اعترضوا على ترجمة الكتب البوذية المترجمة إلى اللغة السنسكريتية بشكل حرفي.

وكان هنالك خلاف على ما يسمّى بالترجمة الحرفية والترجمة الحرّة، وكان أوّل مثال على الاجتهاد بالترجمة الحرّة هي ترجمة الكتاب الشهير (كليلة ودمنة)، للمترجم الشهير ابن المقفّع من الفارسية إلى عدّة لغات، وكان العرب قديماً أوّل من اجتهد في مجال الترجمة الصحيحة للنصوص؛ حيث قاموا بترجمة الكثير من الكتب الفلسفية والعلمية، بالإضافة لوضعهم نظم فكرية فيما يختصّ الترجمة الأدبية، وكانوا قد استفادوا كثيراً من المصطلحات اليونانية واللاتينية التي كان يتم نحتها في الصخر أو المصطلحات المعرّبة.

بدأ الخلاف بين الترجمة الحرفية والحرة منذ القديم؛ حيث كان القدّيسون في الكنائس الكاثوليكية يعترضون بشكل كبير على ترجمة كتبهم المقدّسة بشكل حرفي، حتى أنّها كانت تحظ أي ترجمة حرفية تخل بالمعنى الصحيح لكتبها، وكانت كذلك تقوم بتطبيق عقوبات في حق كل من يقوم بتحريف أي كتاب من كتبهم، ومن هنا بدأ التشجيع على الاهتمام بروح النص الأدبي في الترجمة.

بدأ بعد ذلك ظهور متعدّد للترجمات الإبداعية أو ما يسمّى بلغة بعض الكتّاب بالترجمة الصادقة، وانتهى الاهتمام بالترجمة الحرفية تماماً في القرن السابع عشر، وبدأ الاهتمام بشكل أكبر في الترجمة الإبداعية، وظلّت تلك النظريات موضوعة وامتدّت لغاية القرن الثاني عشر؛ حيث لم يتحقّق الاهتمام بالموازاة بين المعنى والمضمون إلّا في هذا القرن، وبدأت تظهر أنواع جديدة من الترجمة وهي: الترجمة الحرفية التي كادت أن تختفي، والترجمة بتصّرف وهي ترجمة المعنى والمضمون، وترجمة المحاكاة وهي التي لا تركّز على المعنى ولا المضمون، بل تعتمد على الاقتباس أو الاستلهام.

وكان يتم وقتها تسمية الترجمة الحرفية بالترجمة الذليلة، وكان يتم رفضها بشكل قطعي، ومنذ ذلك الوقت وضعوا نظريات جديدة للترجمة الأدبية تشتمل على الشروط الواجب توفّرها في المترجم، بالإضافة لاعتماد مجموعة من القواعد التي تختصّ بالترجمة الأدبية، وفي القرن التاسع عشر تم مناقشة مصطلح قابلية الترجمة أو عدمها، وكانت هذه النظرية تسمّى بالدراسة الرومانسية؛ والسبب في ذلك هو أنّها تعتبر الترجمة الحقيقية تنبع من إحساس المترجم الداخلي أكثر من فهمه لمعنى النص.

وكان هنالك خلاف على التمييز بين المترجم النمطي أو التجاري، والمترجم الحق، وبرأي بعض الأدباء أن المترجم حتى يكون من المترجمين الحق فيجب عليه فعل واحد من اثنين وهما: إمّا أن يبتعد عن القارئ ويركّز على المؤلّف الأصلي للنص، أو أن يبتعد عن المؤلّف الأصلي للنص ويقترب من القارئ، وكلا الحالتين تهدف إلى التقريب بين الكاتب الأصلي للنص وبين القارئ.

أمّا المصطلح الذي يختص بنظرية الترجمة الحديثة لم يظهر إلّا عند اتصال بلدان الشرق الأوسط ببلدان الغرب، وهو الوقت الذي خرجت منه البلدان العربية من تحت سيطرة الدول المحتلّة لها كحكم المماليك والأتراك، وبدأ يظهر الاهتمام بالترجمة بشكل أكبر وظهور بعض الأدباء المعروفين مثل: رفاع الطهطاوي والشدياق وغيرهم الكثير.

كما أن الاهتمام باللغة العربية في ذلك الحين كان اهتماماً كبيراً؛ حيث أصبحت اللغة العربية موازية للغة التراثية، وهذا الأمر زاد من قدر الترجمة الأدبية، ومن بعض النظريات الحديثة في القرن العشرين هي: تقريب اللغة العربية من اللغة التراثية قدر الطاقة وإكسابها مزايا الأدب الأصيل المكتوب بلغة القارئ بغض النظر عن لغة المصدر، لأن الهدف إرضاء القارئ ولكن بالابتعاد عن اللغة العاميّة.

المصدر: فن الترجمة الأدبية/محمد عبد اللطيف/1989الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق/محمد محمد/1997دليل المترجم الأدبي/ماجد سليمان/2002الترجمة الأدبية حلول ومشاكل/أنعام،بيوض/2002


شارك المقالة: