الطبع غلب التطبع

اقرأ في هذا المقال


لا يوجد هناك أدنى شك أنّ للأمثال دورها الكبير في إبراز مدى فصاحة الشخص المتكلم أو الكاتب، وفي تمكينهما من أن يعبّرا ويبيّنا بعبارة موجزة عن الكثير الأفكار، فما يكاد يسمع أهل اللغة مثلًا أو يقرؤونه، حتى تتداعى المعاني في أذهانهم فتغني المتحدث والكاتب عن كثير من الكلمات والألفاظ.

فيم يضرب مثل “الطبع غلب التطبع”

يعتبر مثل “الطبع غلب التطبع” من الأمثال المشهورة والتي تداولها الناس على مر العصور، وهو يُضرب في المواقف الذي يظهر فيها أي إنسان مخادع على حقيقته، فيغلب طبعه الأصلي ما يحاول أن يظهره من حلو الصفات.

بعض الأمثلة على ذلك:

  • شخصٌ نشأ في بيئةٍ مُحبةٍ وهادئة، لكنه يُظهر سلوكًا عدوانيًا بشكلٍ مفاجئ.
  • شخصٌ تلقى تعليمًا ممتازًا، لكنه يُمارس سلوكياتٍ خاطئةً تُخالف ما تعلمه.
  • شخصٌ يُحاول التخلص من عادةٍ سيئة، لكنه يُفشل في ذلك بشكلٍ متكرر.

وهناك العديد من الأمثلة الأخرى التي تُشير إلى أنّ “الطبع” قد يكون أقوى من “التطبع” ولكن من المهم أن نُدرك أنّ هذا المثل لا يُشير إلى أنّ “التطبع” لا يُفيد.

فمن خلال التربية والتعلم، يمكن للإنسان أن يُطور نفسه ويُحسّن من سلوكه، حتى لو كان ذلك يتعارض مع طبعه الأصلي ولكن ذلك يتطلب جهدًا كبيرًا ومثابرةً وقدرةً على التحكم بالنفس.

وإليك بعض المواقف التي يُمكن أن يُساعد فيها “التطبع” على التغلب على “الطبع”:

  • شخصٌ يُعاني من الخجل، لكنه يُشارك في أنشطة اجتماعية تُساعده على التغلب على خجله.
  • شخصٌ يُعاني من الغضب، لكنه يتعلم تقنيات التحكم بالغضب.
  • شخصٌ يُعاني من الكسل، لكنه يُضع خطةً لتنظيم وقته وزيادة إنتاجيته.

إنّ مقولة “الطبع غلب التطبع” هي مقولةٌ تُشير إلى أنّ الصفات الأساسية للإنسان تبقى موجودةً بغض النظر عن التربية والتعلم.

ولكن من المهم أن نُدرك أنّ “التطبع” يمكنه أن يُساعد في التغلب على “الطبع” في بعض الأحيان فذلك يعتمد على العديد من العوامل مثل:

  • قوة “الطبع” لدى الفرد.
  • نوعية “التطبع” الذي يتلقاه الفرد.
  • إرادة الفرد في التغيير.

قصة مثل “الطبع غلب التطبع”

تدور أحداث المثَل الشهير “الطبع يغلب التطبع”، في واحدة من البلدان العربية، في زمان قديم، في عصر الملوك والأمراء، حين أراد أحد هؤلاء الملوك، أن يأتي بشخص يثبت له أن التطبع هو الذي يغلب الطبع، وليس العكس، فتقدم أحد الأشخاص وقدم له دليل، غير أن ما حدث جعل الملك يقول جملته الشهيرة وهو متأكد منها أنه بالفعل “الطبع غلب التطبع”، والتي أصبحت مثلًا شهيرًا فيما بعد، يطلق في المواقف المختلفة.

أما بداية الحكاية فيُحكي أن واحدًا من الملوك في زمان غابر، كان يتساءل وبشكل دائم: “هل الطبع يغلب التطبع، أم لا؟”، وكان لهذا الملك وزير حكيم، يقول له على الدوام، إن الطبع يغلب التطبع، ولكن الملك في قرارة نفسه، كان يتمنى وجود أي شخص يثبت له عكس ذلك، فقام الملك بأمر المنادي أن يعلن في البلاد أن الملك يرغب في أن يجد شخصًا يثبت له بالدليل القاطع، أن التطبع يغلب الطبع، إن وُجد هذا الشخص، فسوف يمنحه الملك مكافأة مجزية وكبيرة.

في يوم من الأيام جاء رجل إلى الملك، وأخبره بأن لديه الدليل على أن التطبع يغلب الطبع، وأما دليله فهو أن عنده مجموعة من القطط، تقف على قدميها، وهي تحمل الشموع، حين يمر الملك من أمامها، وهذا أكبر دليل على أن التطبع يغلب الطبع، فما كان من الملك إلا أن أمر الرجل، بأن يحضر القطط في اليوم التالي، ووعده بالجائزة، وبالفعل وفي اليوم التالي وأثناء مرور الملك جاء الرجل بالقطط وهي على الحالة التي وصفها الرجل، فقال الملك لوزيره: هل رأيت أن التطبع يغلب الطبع؟

أما الوزير فتقدم من أحد الخدم في حاشية الملك، وطلب إليه أن يجمع عددًا من الفئران، ويقوم بإطلاقها أثناء مرور الملك، وفي اليوم التالي، بينما مرّ الملك من أمام تلك القطط التي تحمل للشموع، وفي ذات الوقت قام الخادم بإطلاق الفئران، فلما رأتها القطط، ألقت بالشموع، وصارت تجري وراء الفئران وتطاردها، حينها نظر الوزير إلى الملك، وقاله له: ما رأيك يا جلالة الملك، فيما ترى الآن؟ فردّ عليه الملك، وهو حزين: نعم، “الطبع غلب التطبع”، وتلك الإجابة أصبحت مثلًا، يتم تداوله بين الناس حتى وقتنا الحالي، في المواقف الذي يظهر فيها أي إنسان مخادع على حقيقته.


شارك المقالة: