تحسبها حمقاء وهي باخس

اقرأ في هذا المقال


كلّ الشّعوب في عالمنا تمتلك الموروثات الثقافيّة التي تميّزها عن غيرها، وهي بدورها تعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعلّ من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، إذ يقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصليّ الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبّرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “تحسبها حمقاء، وهي باخس”.

فيم يضرب مثل: “تحسبها حمقاء، وهي باخس”؟

مثل: “تحسبها حمقاء، وهي باخس” من الأمثال العربية القديمة التي وردت في كثير من كتب الأمثال، وفي حياتنا نجد بعض الأشخاص إذا نظرنا إليهم نعتقد أنه أشخاص حمقى أو لا يفهمون شيئًا في الحياة؛ بينما هم في منتهى الدهاء والذكاء الذي يخفونه خلف هيئتهم التي تبدو حمقاء، ولذلك قد يقع الإنسان في مشاكل مع هؤلاء الأشخاص الذي يُخفيه ذكاؤهم، وهذا ما  أورده العرب في أمثالهم الأصيلة، إذ ورد المعنى في قولهم: “تحسبها حمقاء، وهي باخس، وهو يُضرب فيمن يدّعي البلاهة والحماقة، بينما هو يمتلك في نفسه المكر والدهاء.

قصة مثل: “تحسبها حمقاء وهي باخس”

أمّا عن قصة مثل: “تحسبها حمقاء، وهي باخس”، فقد ورد أنّه كان هناك رجل من بني العنبر من تميم، والذي كان يجاور امرأة ظهرت له، وكأنّها حمقاء حينما نظر إليها ؛ فظنّ أنّها لا تعقل ولا تعرف مالها ولا تستطيع أن تحفظ شيئًا، ففكّر الرجل العنبري في نفسه، قائلًا: “أخلط مالي ومتاعي مع مال ومتاع هذه المرأة، ثمّ أقاسمها فأحصل على خير متاعها، وأعطيها الرديء من متاعي”.

تمّ للرّجل العنبريّ ما أراد بخلط ماله بمال المرأة جارته، غير أنّه عجز عن تحقيق هدفه الرئيسي من اختلاط الأموال، إذ إنّ المرأة اعترضت عند القسمة، ولم تقبل بمقاسمة الرجل حتى أخذت متاعها، ثم قامت بمنازعته وأظهرت له الشّكوى، حتّى تمكن من الافتداء منها بما رغبت، وتمّت معاتبته على ما فعل مع هذه المرأة.

عاتب النّاس الرّجل العنبريّ، إذ قالوا :”لقد اختدعت بامرأة ، وليس ذلك بحسن”، فقال الرجل العنبريّ: “تحسبها حمقاء، وهي باخس”، وهذه العبارة تحوّلت إلى مثل يُضرب في هؤلاء الأشخاص الذين يدّعون البلاهة والحماقة، بينما هم يمتلكون في نفوسهم المكر والدهاء، مثل تلك المرأة التي حسبها العنبري حمقاء، ثم أظهرت ذكاءها لتضعه في مأزق.

المصدر: حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010 الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000 أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009 الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011


شارك المقالة: