سُرق السارق فانتحر

اقرأ في هذا المقال


الأمثال هي عبارات ذات مغزىً وتحمل بين طياتها العظة والفائدة، والإيجاز من غير حشو أو إطالة هو أهم مميزات الأمثال، مع عمق في المعنى وكثافة في الفكرة، وقد توارثتها الأمم مشافهةً من جيل إلى آخر، والمثل عبارة محكمة البنية بليغة، شائع استعمالها عند طبقات المجتمع كافة، وإذ يلخّص المثل حكاية عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامة، فصدّقوه ذلك أنّه يُهتدى به في حلّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من معضلة قديمة، وتلك المعضلة القديمة آلت إلى عبرة لا تُنسى، وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تُغني عن رواية ما جرى هي الأمثال، وفيما يلي بين يدينا مثل عربي مشهور هو: “سُرق السّارق فانتحر”.

فيم يضرب مثل: “سُرق السّارق فانتحر”

أمّا مثل: “سُرق السّارق، فانتحر”، فيُضرب مثلًا للإنسان الذي يسلب ما ليس له، والذي يصفه النّاس باللصّ أو السّارق الذي يحصل على شيء ليس ملكًا له بطرق غير مشروعة، فيكون هذا السّارق صائدًا ماهرًا، ولكن عندما يقع الصّائد فريسة لغيره، فإنّه يعاني بشدّة، ذلك أنّه يرى في نفسه القدرات الخارقة التي لا يمكن اختراقها، غير أنّ هذا قد يحدث في الواقع، إذ إنّ السّارق نفسه قد يتعرّض للسّرقة ممّن هو أمهر منه، ومعنى المثل أنّ اللصّ الذي يتعرّض للسّرقة والسّلب سينحر نفسه من شدّة الحزن على ما فقده، رغم أنّه ليس لمالكه الأصليّ.

قصة مثل: “سُرق السارق فانتحر”

جاء في أمّهات كتب الأمثال العربيّة أن أصل مثل: “سُرق السّارق، فانتحر” يرجع إلى حكاية قديمة لرجل استطاع من سرقة شيء ما من أحد الأشخاص، وكان بذلك يعتقد أنّه فاز بالغنيمة الكبرى، فذهب بهذا الشّيء إلى السّوق؛ ليبيعه ويحصل على ثمنه، غير أنّ الذي حدث كان غير متوقع إطلاقًا، إذ إنّ السّارق نفسه  قد سُرق منه الذي سرقه، فكان اللصّ أكثر احترافيّة منه، الأمر الذي جعل السّارق الأوّل في حالة من الأسى الشّديد.

حينذاك أقدم السّارق الأوّل بنحر نفسه أسىً على ما فقده من شيء ليس ملكه، ومنذ ذلك الحين ذُكر مثل: “سُرق السّارق، فانتحر”، ليصبح المثل تعبيرًا عن مدى جزع من يُنتزع من يده شيء لا يملكه من الأساس.

المصدر: الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000 أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009 حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010 الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011


شارك المقالة: