وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه

اقرأ في هذا المقال



وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه :

قال تعالى : ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ﴾ صدق الله العظيم – [إبراهيم ٤].

قُرب الداعية من قومه أنفع لدعوته؛ فمعرفةُ طبائعهم وتاريخهم ولسانهم وأعرافهم وعاداتهم، ومخالطتهم في غير ما منكر، أجدر في التأثير والإقناع قال تعالى: ( وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ) صدق الله العظيم.

وقد يتسلل في المفاهيم الدعوية الرغبةُ في تمايز الداعية عن قومه، والتمايز هذا قد يجعله أكثر هيبةً واحتراماً، لكنّه يُضعف قربه من قلوبهم، والتأثير عليهم، مع بُعده عن سمت الأنبياء.

إنّ مخالطة الناس في شؤونهم وحياتهم حسنةٌ لا ينبغي أن يتنزه عنها الداعية، قال تعالى: (وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ إِلَّاۤ إِنَّهُمۡ لَیَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشُونَ فِی ٱلۡأَسۡوَاقِۗ وَجَعَلۡنَا بَعۡضَكُمۡ لِبَعۡضࣲ فِتۡنَةً أَتَصۡبِرُونَۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِیرࣰا) صدق الله العظيم.

وفكر التمايز ذهب بها الكفار إلى الغاية، وافترضوا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم من الملائكة، قال تعالى : ﴿بَلۡ عَجِبُوۤا۟ أَن جَاۤءَهُم مُّنذِرࣱ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَیۡءٌ عَجِیبٌ﴾ صدق الله العظيم [ق ٢] قال الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (ما كذّبك يا محمد مشركو قومك أن لا يكونوا عالمين بأنك صادق محقّ، ولكنهم كذّبوك تعجبا من أن جاءهم منذر ينذرهم عقاب الله).

 منهم، يعني بشراً منهم من بني آدم، ولم يأتهم مَلك برسالة من عند الله.

فهذا رأي الكافرين، أما اختيار الله فأمر آخر، اختار سبحانه أن يكون الأنبياء ( منهم)، وكذلك ما جاء في آية أخرى عند قوله تعالى : ﴿وَقَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ مَلَكࣱۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكࣰا لَّقُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا یُنظَرُونَ ) فجاء الرد عليهم بقوله تعالى : (وَلَوۡ جَعَلۡنَـٰهُ مَلَكࣰا لَّجَعَلۡنَـٰهُ رَجُلࣰا وَلَلَبَسۡنَا عَلَیۡهِم مَّا یَلۡبِسُونَ﴾ صدق الله العظيم. [الأنعام ٩].

وكثيراً ما ينص القرآن على الأخوة عند قوله تعالى: ﴿إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ صدق الله العظيم [الشعراء ١٢٤] ونحو ذلك.

إنّ الدعوة إلى الله تأثير، وفي القلوب مفاتيح التأثير، والقرب منهم، ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، وتلمُّس حاجاتهم، وإجابة دعوتهم أدعى لحبهم وقربهم واستجابتهم.

المصدر: تفسير الشعراوي - الشعراوي تفسير الطبري - الطبرياحياء علوم الدين - الغزالي لعلهم يتدبرون - ابراهيم القرشي


شارك المقالة: