ويل للشجي من الخلي

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر الأمثال من أصدق أنواع النثر، ذلك أنها تحتوي في مضامينها أخلاق الأمم وتفكيرها وعاداتها و تقاليدها، كما أن الأمثال تصور حياة المجتمع بكافة جوانبها، وتعكس شعور قائلها ومن يتمثل بها بشكل دقيق، وتُعتبر الأمثال مرآة الحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية، وفي الحقيقة تُعدّ الأمثال أقوى دلالة من الشعر في ذلك؛ لأن الشعر لغة طائفة ممتازة، أما هي فلغة جميع طبقات المجتمع.

معنى مثل “ويل للشجي من الخلي” وفيم يضرب

أما مثل “ويل للشجيّ من الخليّ” هو مثل عربي يُقال في عدة أمور، منها لوم الذي لم يعشق للعاشق، وسرقة وقت امرئ مشغول بأمر هام، أو الضحك في حضرة المحزون، أو عند استنكار التوجع على من به مرض شديد، والشجيّ هو الذي في داخله همٌّ كبير، والخليّ هو الذي لا همّ لديه، إذ لا شيء يهمه أو يشغل باله، فهو مرتاح خالي البال، أما الشجي فهو مشجوج من الداخل، محزون في الأعماق، مهموم إلى حد الانكسار، وهي مقولة أصبحت من الأمثال العربية الشهيرة، في تراثنا العربي الأصيل، ويروى أن أول من قال ذلك هو: أكثم بن صيفي التميمي.

قصة مثل “ويل للشجيّ من الخليّ”

ورد أعلاه إلى أن صاحب مثل “ويل للشجيّ من الخليّ”، هو حكيم العرب “أكثم بن صيفي”، “إذ إنه لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، وقام بدعوة الناس إلى الإسلام، بعث أكثم بن صيفي ابنه حبيشًا، فأتاه بخبره، فجمع بني تميم، وقال: “يا بني تميم، لا تحضروني سفيهًا، فإنه من يسمع يخل، إن السفه يوهن من فوقه، ويثبت من دونه، لا خير فيمن لا عقل له، كبرت سني ودخلتني ذلة، فإذا رأيتم مني حسنا فاقبلوه، وإن رأيتم مني غير ذلك، فقوموني أستقم”، وتابع قائلًا: “إن ابني شافه هذا الرجل مشافهة وأتاني بخبره، وكتابه يأمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأخذ فيه بمحاسن الأخلاق، ويدعو إلى توحيد الله تعالى، وخلع الأوثان، وترك الحلف بالنيران، وقد عرف ذوو الرأي منكم أن الفضل فيما يدعو إليه، وأن الرأي ترك ما ينهى عنه، إن أحق الناس بمعونة محمد صلى الله عليه وسلم ومساعدته على أمره أنتم، فإن يكن الذي يدعو إليه حقًا فهو لكم دون الناس، وإن يكن باطلاً كنتم أحقّ الناس بالكف عنه، وبالستر عليه” وقد كان سفيان بن مجاشع يحدث به قبله، وسمى ابنه محمدًا، فكونوا في أمره أولاً، ولا تكونوا آخرًا.

وكان من كلام أكثم بن صيفي في دعوة قومه إلى اتباع دين نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-: “ائتوا طائعين قبل أن تأتوا كارهين، إن الذي يدعو إليه محمد، لو لم يكن دينًا كان في أخلاق الناس حسنًا، أطيعوني واتبعوا أمري أسأل لكم أشياء لا تنزع منكم أبدًا، وأصبحتم أعزّ حيّ في العرب، وأكثرهم عددًا، وأوسعهم دارًا، فإني أرى أمرًا لا يجتنبه عزيز إلا ذل، ولا يلزمه ذليل إلا عز، إن الأول لم يدع للآخر شيئًا، وهذا أمر له ما بعده، من سبق إليه غمر المعالي، واقتدى به التالي، والعزيمة حزم، والاختلاف عجز”، بعدما سمع مالك بن نويرة كلام أكثم بن صيفي، قال: قد خرف شيخكم، فقال أكثم: “ويل للشجيّ من الخليّ، وا لهفي على أمر لم أشهده ولم يسعني”، فكأنه قصد أيضًا أن الله جعله بين من لا همّ لهم إلا معاشهم وقوتهم، ولا يتطلّعون للأمور العظيمة، فهو يدعوهم إليها، غير أنه يخاطب أمواتًا؛ فلا يُسمع نداؤه، فصارت مقولته مثلاً بعد ذلك.

معنى كلمات مثل “ويل للشجيّ من الخليّ”

  • الشجي: هو الشخص المهموم الذي تكالبت عليه المصائب والمشاكل وضيق العيش.
  • الخلي: هو الشخص الفارغ الخالي الذي يتعامل مع الواقع باللامبالاة وعدم الاهتمام.

أمثلة على استخدام مثل “ويل للشجيّ من الخليّ”

  • ويل للشجي من الخلي، اشتكيتُ همي لِصاحبي فَزادَهُ همّاً”.
  • “لا تَشْكُ همّكَ إلّا لِمَنْ يَفْهَمُهُ، فَكَمْ مِنْ خَلِيٍّ يَزيدُ همّكَ همّاً”.
  • “وَيلٌ لِلشّجِيّ مِنَ الخَلِيّ، وَيلٌ لِلْمُحِبّ مِنَ العَدُوّ”.

الدروس المستفادة من مثل “ويل للشجيّ من الخليّ”

  • يجب علينا اختيار أصدقائنا بعناية، وأن نبحث عن أشخاص يُشاركوننا مشاعرنا وهمومنا.
  • لا يجب علينا أن نتوقع من الجميع أن يفهموا ما نمر به، فهناك بعض الأشخاص الذين لا يملكون القدرة على التعاطف مع الآخرين.
  • يجب علينا أن نكون أقوياء وأن نتحمل مسؤولية مشاعرنا، وأن لا نعتمد على الآخرين لجعلنا سعداء.

ملاحظة: لا يُعد هذا المثل قاعدة عامة، فهناك بعض الأشخاص الذين قد لا يُظهرون مشاعرهم بشكل واضح، ولكنهم قد يكونون متعاطفين مع الآخرين في داخلهم.

أرجو أن يكون هذا الشرح مفيدًا.


شارك المقالة: