رواية الأبله

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر الرواية من الروايات التي صدرت عن الفيلسوف العالمي الشهير فيودور دوستويفسكي، وهو من مواليد دولة روسيا، وقد برزت مؤلفاته الأدبية وخلدت على مر العصور، وقد لاقت الرواية انتشار واسع حال صدورها وهذا ما دفع بالعديد من المترجمين إلى ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية، كما تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية.

نبذة عن الرواية

كشفت دفاتر المذكرات الخاصة بالكاتب والفيلسوف دوستويفسكي عن الريبة العميقة فيما يتعلق بالاتجاه والمنحى الذي اعتمد عليه في سرد أحداث الرواية، حيث أنه كتب مسودات عديدة للحبكة وقد كانت تلك المسودات مفصلة ووضع بها مجموعة من المخططات التقريبية للشخصيات بأكملها، ولكنه سرعان ما تخلى عن كافة تلك الأمور واستخدم مخططات مغايرة وحبكات جديدة بدل تلك السابقة، وقد كانت الشخصية التي من المفروض أن تجسد شخصية الأمير في أحد المسودات الأولية، هي شخصية لإنسان شرير يرتكب الكثير من الفضائح والجرائم، ولكنه في وقت لاحق رجع إلى طريق الصلاح والصواب عن طريق اعتناقه للديانة المسيحية وبمساندة ومساعدة المسيح له، ولكنه بقيت هناك فرضيات أخرى حول تلك الرواية.

وقد أوضح الفيلسوف من خلال إحدى الرسائل التي كانت موجهة إلى أهم وأبرز الشعراء الروس الذي يعرف باسم أبولون مايكوف أن ظروفه اليائسة قد أجبرته على اغتنام إحدى الأفكار التي كان قد نظر فيها بتمعن وتمحص شديد لبعض الوقت، بالرغم من أنه كان يشعر بالخوف في الكثير من الأحيان كما شعر أنه غير مستعد لذلك الأمر من الناحية الفكرية والجاهزية الفنية، كما أوضح أن فكرة أن يتم تصوير إنسان جميل ومتكامل تماماً عوضاً من إحضار إنسان وتحويله من عالم بذيء إلى عالم الخير والهداية والإصلاح.

وقد أراد الكاتب أن يبدأ القصة بشخص من الأصل مسيحي، والإشارة إليه بأنه شخص بريء من الأساس وعاطفي للغاية، ثم بعد ذلك يختبره ضد التعقيدات النفسية والاجتماعية والسياسية السائدة في المجتمعات الروسية الحديثة، لم يكن الأمر في البداية يتمحور حول كيفية استجابة الرجل الصالح إلى هذا الجانب من العالم فقط، ولكن كيف تفاعل العالم معه كذلك، كما أشار إلى أنه قام بإجراء دراسة حول المشاعر والأحاسيس التي تكنها كل شخصية من الشخصيات، كما يقوم بتسجيل وتوثيق استجابتها نحو كامل الشخصيات الأخرى.

كما أشار الفيلسوف إلى أنه واجهته صعوبة كبيرة في اتباع هذا النهج وأوضح أنه هو ذاته لم يكن يعلم في السابق كيف سوف سيستجيب للشخصيات الأخرى في المجتمع، كما صرح بأنه لم يتمكن ويقوى في البداية على التخطيط المسبق لنسق حبكة الرواية أو هيكلها بالشكل المناسب والمفهوم للقارئ، ومع كل ذلك أُرسل الفصول الأولى من الرواية إلى مجلة الرسول الروسي في شهر يناير من عام 1868م؛ للقيام بنشرها.

رواية الأبله

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث حول الإشارة إلى إحدى الشخصيات الرئيسية، والتي كان يدور محور الحديث في كافة الرواية في الحديث عنها وحولها، وتلك الشخصية كان يشار بها إلى أحد الأمراء الذي يعرف باسم الأمير كنياز، وقد كان ذلك الأمير ما زال في مرحلة الشباب، وفيه العديد من الصفات المميزة والفضيلة، حيث أنه كان شاب عطوف ويمتلك الحنية وطيب القلب ومخلص ومحب للغير وللأعمال الخيرية، ويأسر قلب كل إنسان يلتقي به جراء بساطته الآسرة، وقد أراد الكاتب من خلال تلك الشخصية أن يصور شخصية الأمير كإنسان يبث بالطاقة الإيجابية والروح الحيوية وأنه رجل مثالي يطلق العنان إلى الأعمال الصالحة، حيث يسعى على الدوام إلى تحقيق السعادة إلى أصدقائه وأعدائه على حد سواء.

وقد كان هدف المؤلف من ذلك هو أن يتفحص من خلال الرواية والتي تم تصنيفها كرواية فلسفية، حيث أن وضع مثل تلك العواقب ومثل تلك الشخصية الفريدة من نوعها في وسط مجموعة من الصراعات والرغبات والعواطف والغرور والأنانية وغير ذلك من الأمور التي تسود في الغالبية العظمى من المجتمعات الدولية، وكان يتم دراسة كل تلك الأمور بالنسبة إلى وجهة نظر الشخصية بحد ذاتها ومن وجهة نظر الشخصيات الأخرى من حولها.

وقد تم اكتشاف من خلال المخطوطات التي كتبها المؤلف في البداية أن الشخصية التي كان من المفروض أن تكون شخصية الأمير، كانت في المخطوطة الأصلية شخصية لرجل أكثر أمر يبرز به هو أنه إنسان شرير والذي بدوره يرتكب سلسلة من الجرائم الفظيعة والمروعة، إلى أن وصل به الأمر إلى الاعتداء على شقيقته بالتبني، والذي تحول إلى إنسان محب للخير وطيب القلب، وقد كان ذلك من خلال الاهتداء إلى الديانة المسيحية، لكنه عدل عن رأيه وبدأ بشخصية الأمير كروح مسيحية حقيقية.

وأول حدث تم التطرق للحديث عنه في الرواية هو عودة الأمير والذي كان ينحدر من أحد السلالات العائلية العريقة إلى دولة روسيا، وقد كان ذلك بعد أن قضى ما يقارب الأربعة سنوات في دولة سويسرا؛ حيث كان السبب خلف بقائه كل تلك المدة في سويسرا هو تلقي العلاج من حالة ونوبة الصرع الشديد التي كان يعاني منها، وفي أثناء رحلته على متن إحدى الطائرات التقى مع أحد الشباب الذي كان يعمل في مهنة التجارة ويدعى بأفيون، وقد كان ذلك الشاب ورث عن أبية ثروة كبيرة وطائلة، وفي ذلك الوقت كان بأفيون يبعثر ذلك المال الذي يملكه من أجل بلوغ غايته بالوصول إلى فتاة كان يكن لها كل الحب والعشق، وفي غضون ذلك بدأ الأمير يهدي إليه في أن يحافظ على أمواله وأن يستثمرها في الطريق السليم والسوي.

وبعد مرور فترة من الوقت عزم الأمير على الذهاب في إحدى الرحلات إلى مكان بعيد بعض الشيء، وقد كان الهدف من تلك الرحلة هو الالتقاء بإحدى السيدات التي تقربه من بعيد؛ وذلك من أجل إجراء استفسارات حول التجارة والأعمال الخيرية، وقد كانت تلك السيدة ومجموعة من أقاربها دور خلالهم أحداث الرواية، وبين فصول الرواية وقع الأمير في حب فتاة تدعى ألايا والتي بدورها كانت في كثير من الأحيان تهزأ وتسخر منه كثيراً، كما كانت كذلك تعاتبه في العديد من الأمور ويعترها الغضب الشديد منه.

وقد كان السبب خلف ذلك العتاب هو أنها كانت تراه أنه إنسان تطغى عليه السذاجة والتواضع المفرط من وجهة نظرها، إلا أنها وعلى الرغم من تلك النظرة كانت مفتونه به إلى حد كبير، وقد كانت الغالبية العظمى من الشخصيات التي تدور بينهم الأحداث يشيرون إليه بأنه شخص أبله، وتناولت الرواية في مضمونها الحديث حول العديد من المواضيع مثل الإلحاد والمسيحية في دولة روسيا بالإضافة إلى موضوع الطهارة والإثم، وعقوبة الإعدام حيث يتطرق الأمير مرارًا وتكرارًا إلى الحديث عن كيفية الإعدام في دولة فرنسا، وقد كان يدور الكاتب كثيراً فيما إذا كان بالإمكان إلى مثل تلك الشخصية أن تعيش في مجتمعات تعيش بها الشرور المؤذية.

المصدر: Idiot Novel


شارك المقالة: