رواية اليد - Hand Novel

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر المؤلف والأديب غاي دي موباسان وهو من مواليد دولة فرنسا من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن الثامن عشر، حيث اندرج اسمه في قائمة آباء الأدب، كما أنه وصف بأرقى الكُتاب الذين قاموا بكتابة الروايات والقصص القصيرة، ومن أكثر الروايات التي اشتهر بها هي رواية اليد.

رواية اليد

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في مدينة باريس، حيث في أحد الأيام كانت قد وقعت جريمة قتل مرعبة، وأخذت سيدة تدعى برموتير والتي تعمل في سلك القضاء على عاتقها التحقيق في تلك القضية، حيث أنه في أحد الأيام كانت القاضية تتناقش في موضوع القضية أمام مجموعة من النساء، إذ مضى على الجريمة شهر كامل ولم يتم التوصل للفاعل، وقد كانت تلك الجريمة حديث باريس ولا يجد أحد أي تفسير لها.

وفي اللحظة التي كانت القاضية تقف وتتحدث بالقضية، إذ كانت تستشهد بالأدلة وتتطرق إلى جميع النظريات، لكنها لم تصل إلى أي تفسير أو نتيجة، وبينما كانت تتحدث عن الجريمة كانت النساء يقفن وينظرن بأعينهن إليها، وهي تتفوه ببعض الجمل الغريبة، لكن تلك النساء كانت من الداخل يعتريهن الشعور بالخوف والشغف والفضول لمعرفة القاتل، وهنا قالت إحداهن وهي شاحبة اللون من الخوف: إنه لأمر فظيع، فلا يمكننا الوصول إلى الحقيقة.

التفتت نحوها القاضية وقالت: نعم من الممكن ألا يتم التوصل للحقائق الفعلية، ولكن هذا الأمر يبدو أنه يدخل به أشياء خارقة للطبيعة، ونحن بحضورنا نناقش فكرة تم استخدامها بكل ذكاء وحنكة في تنفيذ الجريمة، و لا يمكننا على الإطلاق فصلها عن الظروف المحيطة التي تحيط بها، ولكن حينما يكون القاضي يحقق في مسألة تتداخل بها أمور خارقة للطبيعة، فإن هذا الأمر يجعل المسألة أكثر تعقيداً، ولربما أنه يضطر المسؤول في بعض الأحيان إلى التخلي عن القضية، وهنا صاحت النساء سوياً: أخبرينا عن مثل تلك القضايا.

وفي تلك الأثناء بدأت القاضية تتودد إلى النساء من حولها وتسرج لهم إحدى القضايا التي حدثت معها حيث قالت: كنت في أحد الأيام أعمل كقاضية في مدينة أجاكسيو، وفي تلك المدينة لا تعرف سوى قضايا الثأر، وكان لدى الأشخاص في تلك المدينة أساليب متعددة ومتنوعة في القتل، وهناك قسم كبير من القضايا التي كانت تصل إلى حد المجازر، وبقي الحال في تلك المدينة لمدة سنتين متتاليتين، وفي أحد الأيام قدم إلى المدينة رجل من أصول إنجليزية واستأجر فيلا على حافة الخليج الذي تقع عليه تلك المدينة، ذلك الرجل الإنجليزي لم يكن معه أحد سوى خادم فرنسي، ولم يكن الرجل الإنجليزي يختلط بأحد، فقط يقوم كل يوم بقضاء ساعة كاملة في الصباح في الصيد.

وفي ذلك الوقت بنيت حول الرجل العديد من الأقاويل والأحاديث، ولكن تم التوصل إلى أنه الأمر المؤكد الذي كان السبب في مجيئه ومكوثه في تلك المنطقة هو قيامه بارتكاب جريمة قتل بغيضه، وفي تلك الأثناء رأت القاضية بالنسبة إلى مكانتها القضائية أنه من الضروري الحصول على بعض المعلومات عن هذا الرجل الإنجليزي، لكن كان من الصعب معرفة أي شيء عنه، فكل ما استطاعت معرفته هو أنه أطلق على نفسه اسم السيد جون رويل، وحاولت مشاهدته مرات عدة عن قرب، لكننها لم تلاحظ أي شيء مشبوه من تصرفاته وسلوكياته.

وفي أحد الأيام قررت القاضية مراقبته لفترة طويلة، لكن دون جدوى، إذ لم تجد أي شيء غريب عنه، وفي لحظة ما شاهدت أمر غريب، إذ قام بإطلاق النار على طائر كان يطير فوق القاضية، وهنا سرعان ما جاء كلبه وتناول الطائر، وذهب فوراً إلى السيد جون، وهنا قدم  السيد جون اعتذاره منها عما حدث وطلب منها العفو، وقد كان رجل كبير له شعر أحمر ولحية، كما أنه طويل القامة وضخم، وبدا من أسلوبه أنه شخص لطيف للغاية ومهذب.

لم يكن الرجل يتصف بأي شيء مما يعرف بالصلابة والتي يتميز بها الأشخاص البريطانيين، ومن هنا دارت بينهم العديد من المحادثات البسيطة، وفي إحدى الليالي بينما كانت القاضية تتمشى أمام باب منزله شاهدته في الحديقة يجلس على مقعد، وعندما شاهدها دعاها إلى الجلوس وتناول كأس من الشاي، وهنا سرعان ما وافقت القاضية، إذ كانت تسعى لمثل تلك الفرصة.

وهنا قالت القاضية: استقبلني السيد جون أجمل استقبال كما أشاد بمدينة كورسيكا وأعلن أنه يعشق هذه البلدة، وبعد ذلك وبكل حذر سألته بعض الأسئلة عن حياته الخاصة ومخططاته، فأجاب: إنني كنت أسافر كثيرًا إلى أمريكا ودول أفريقيا وإلى جزر الهند، وفي لحظة ما ابتسم وأكمله قوله: لقد كان لدي العديد من المغامرات هناك، ومن هنا سرعان ما حول حديث عن مغامراته في صيد الحيوانات الخطيرة والرجال أيضاً.

ومن ثم حول الرجل حديثه عن الأسلحة، ودعا القاضية إلى مشاهدة أنواع الأسلحة المختلفة التي يمتلكها، وحينما دخلت رأت طائر جناحه ملفوف بقطعة من الحرير المطرزة بالذهب، وكانت هناك ورود ذات لون أصفر كبيرة جميلة، كما شاهدت في وسط لوحة مجموعة من الأشياء الغريبة والتي جذبت انتباه القاضية، حيث أنه في تلك اللحظة برز جسم من الجرانيت الأحمر، فصعدت نحوه لترى ما هو وقد كانت يد بشرية من هيكل عظمي مجففه ومثبته بمجموعة من المسامير صفراء، كما كان بقايا دم على العظام، وكانت تبدو وكأنها قطعت باستخدام فأس.

وقد كانت مثبته وملحومة على الحائط بحلقة قوية كافية لتثبيت فيل، وهنا اندهشت القاضية من المنظر وسألته عن السبب؟ فأجاب بهدوء: إنها يد عدو لي، إذ قمت بتقطيع عظامه باستخدام سيف كما قطعت جلده باستخدام حجر حاد وتركته ينشف في الشمس لمدة أسبوع بأكمله، ثم بعد ذلك قمت بتثبيتها بتلك السلسلة، لكن من ضخم السلسلة كانت تشك القاضية أن ذلك العدو كان ضخم جداً، وهنا أخبرته القاضية أنه لا حاجة للسلسلة الآن فقد توفي العدو ولا يمكن أن تقوم اليد بفعل شيء.

وفي تلك الأثناء التزم الرجل بالصمت ولم يرد عليها، وهنا شاهدت القاضية أيضاً أنه محتفظ بثلاثة مسدسات مجهزه في الغرفة، كما لو كان يعاني من خوف مستمر، ثم بعد ذلك لم تعد تذهب إلى بيت الرجل أبداً، وبعد مرور سنة وفي صباح أحد الأيام شاع خبر مقتل جون رويل أثناء الليل، وسرعان ما توجهت إلى بيت القتيل، مع الشرطة، وفي تلك اللحظة كان خادمه يبكي، في البداية شكت القاضية في الخادم، لكنه كان من الواضح أنه إنسان بريء.

وعند رؤية القاضي للجثة أدركت أنه كان قد تعرض لصراع عنيف وأنه تعرض للخنق أيضاً، وحين انضم الطبيب الشرعي وقام بفحص علامات الأصابع الموجودة على رقبة القتيل، ثم أقر أنه يبدو كما لو أنه تم خنق الرجل من قِبل هيكل عظمي، وهنا شعرت القاضية برعشة في جسدها وسرعان ما نظرت إلى المكان الذي فيه اليد المرعبة، لكنها لم تكن بمكانها كما أنها السلسلة كانت مكسورة، وهنا نظرت إلى الجثة فوجدت واحدة من أصابع هذه اليد المختفية مقطوعة في فم الجثة، ثم بدأت في التحقيق، إذ ما أكد شكوكها أنه لم يتم كسر أي باب أو شباك في منزل القتيل.

وفي إحدى الليالي بعد مرور ما يقارب ثلاثة أشهر على الجريمة، كان كابوس فظيع يتردد على القاضية، حيث بدا لها أن هناك يد مرعبة تدور حول ستائر منزلها وجدران بيتها تشبه العنكبوت الضخم، وذات مرة شاهدت جسم بشع يسير حول غرفتها ويحرك بأصابعه، وقد كان ذلك بسبب علم اليد أن القاضية أخبرت الشرطة عن قصة صاحبها، وفي تلك اللحظة كانت النساء يرتعشن من شدة الخوف ثم صرخ إحداهن: لكن هذا ليس تفسير، فلن نستطيع النوم ما لم تعطينا رأيك حول تلك الحادثة وتقدمي لنا النهاية، هنا التزمت القاضية الصمت وبقيت الحقيقة غامضة.

المصدر: Hand Novel


شارك المقالة: