فلسفة راسل الاجتماعية والسياسية والتعليمية

اقرأ في هذا المقال


على مدار حياته المهنية الطويلة قدم برتراند راسل مساهمات مهمة في مجموعة واسعة من الموضوعات المهمة، بما في ذلك الأخلاق والسياسة والنظرية التربوية والدراسات الدينية، متجاهلًا بمرح تحذير هوك للجمعية الملكية ضد التدخل في الألوهية والميتافيزيقيا والأخلاق والسياسة والقواعد والفصاحة والمنطق.

كما استفادت أجيال من القراء العامين من كتاباته الشعبية حول مجموعة متنوعة من الموضوعات في كل من العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبيعية، فتمت مقارنته بفولتير (Voltaire) الذي اشتهر بكتاباته وبأسلوبه وذكائه الذي كان له تأثير هائل على مستوى دولي.

فلسفة راسل الاجتماعية:

ينبع التأثير الاجتماعي المهم لبرتراند راسل من ثلاثة مصادر رئيسية وهي:

1- نشاطه الاجتماعي الطويل الأمد.

2- كتاباته العديدة حول القضايا الاجتماعية والسياسية في عصره، فضلاً عن المزيد من الاهتمامات النظرية.

3- تعميمه للعديد من الكتابات التقنية في الفلسفة والعلوم الطبيعية .

من بين العديد من عمليات النشر التي نشرها راسل كان له عملان يعدان من الأكثر مبيعًا وهما:

1- مشاكل الفلسفة في عام 1912.

2- تاريخ الفلسفة الغربية في عام 1945.

وكلا هذين الكتابين بالإضافة إلى كتبه العديدة التي تنشر العلم قد فعلت الكثير لتثقيف وإعلام أجيال من القراء العامين، ولا يزال تاريخه يقرأ على نطاق واسع وقد فعل الكثير لبدء أبحاث القرن العشرين حول مجموعة واسعة من الشخصيات التاريخية من بريسوقراطيين إلى لايبنيز.

ولا تزال مشاكله للكتابان أن تستخدم ككتاب تمهيدي على مدى قرن بعد نشره لأول مرة، ويمكن قراءة كلا الكتابين من قبل الشخص العادي بارتياح، ولديه كتب مشهورة أخرى خاصةً تلك المتعلقة بالتطورات في العلوم الحديثة مثل (The ABC of Atoms) عام 1923 و (The ABC of Relativity) عام 1925، والتي أصبحت الآن هذه العلوم ذات أهمية تاريخية أكثر، ومع ذلك استمروا في نقل شيء من الإثارة الفكرية المرتبطة بالتقدم في العلوم والفلسفة في القرن العشرين.

هذا بالإضافة إلى مساهمات راسل العديدة في السياسة في عصره، فقد ساهم أيضًا بشكل كبير في فهمنا للعالم الاجتماعي من حولنا، ومن بين أكثر مساهمات راسل النظرية توقعه لنظرية الخطأ لجون ماكي في الأخلاق، حيث أنّ وجهة النظر القائلة بأنّ الأحكام الأخلاقية معرفية، بمعنى أنّها إما صحيحة أو خاطئة، ولكن بسبب محتواها فهي في الحقيقة خاطئة دائمًا.

وظهرت مقالة ماكي بعنوان (تفنيد الأخلاق) في عام 1946، بينما ورقة راسل هل هناك خير مطلق؟ على الرغم من عدم نشرها حتى عام 1988 والتي تم تسليمها لأول مرة في عام 1922.

فلسفة راسل في التعليم:

وبطبيعة الحال رأى راسل صلة بين التعليم بهذا المعنى الواسع والتقدم الاجتماعي، وعلى حد تعبيره: “التعليم هو مفتاح العالم الجديد”، ويرجع هذا جزئيًا إلى حاجتنا إلى فهم الطبيعة ولكن على نفس القدر من الأهمية حاجتنا إلى فهم بعضنا البعض:

“الشيء قبل كل شيء الذي يجب أن يسعى المعلم إلى إنتاجه في تلاميذه وذلك إذا أريد للديمقراطية أن تستمر هو نوع التسامح الذي ينبع من محاولة لفهم أولئك الذين يختلفون عنا، وربما يكون دافعًا إنسانيًا طبيعيًا لمشاهدة كل السلوكيات والعادات المختلفة عن تلك التي اعتدنا عليها برعب واشمئزاز.

فالنمل والمتوحشون يقتلون الغرباء، وأولئك الذين لم يسافروا أبدًا جسديًا أو عقليًا يجدون صعوبة في تحمل الطرق الغريبة والمعتقدات الغريبة للدول الأخرى وأوقات أخرى وكذلك الطوائف الأخرى والأحزاب السياسية الأخرى، وهذا النوع من التعصب الجاهل هو نقيض النظرة الحضارية وهو من أخطر الأخطار التي يتعرض لها عالمنا المكتظ”.

في هذا السياق نفسه اشتهر راسل باقتراحه أنّ الاعتماد الواسع النطاق على الأدلة بدلاً من الخرافات سيكون له عواقب اجتماعية هائلة، وكما يقول راسل: “عقيدة قد تبدو كما أخشى متناقضة ومدمرة، والعقيدة المعنية هي أنّه من غير المرغوب فيه تصديق اقتراح ما عندما لا يكون هناك سبب مهما كان لافتراض أنّه صحيح”.

فلسفة راسل السياسية:

على عكس آراء راسل حول أهمية التعليم كانت العلاقة الدقيقة بين نشاط راسل السياسي وعمله الأكثر نظرية يعد أكثر إثارة للجدل، ويعود ذلك جزئيًا إلى أنّ راسل نفسه أكد مرارًا وتكرارًا أنّه لا يرى أي علاقة مهمة بين عمله الفلسفي ونشاطه السياسي، ورأى الآخرون الأشياء بشكل مختلف حيث أحد أفضل الملخصات قدمه آلان وود (Alan Wood):

“أكد راسل أحيانًا وجزئيًا على ما أعتقد بدافع الانحراف أنّه لا توجد علاقة بين آرائه الفلسفية والسياسية، ولكن في الحقيقة أعتقد أنّ هناك روابط واضحة تمامًا بين وجهات نظر راسل الفلسفية والآراء الأخرى، وبادئ ذي بدء من الطبيعي أن نجد فيلسوفًا تحليليًا مناهضًا للوحدة مثل راسل يؤيد الفرد ضد الدولة، وفي حين أنّ هيجل فعل العكس.

هذا بالإضافة إلى أنّ عقلية راسل الكاملة في الفلسفة كانت محاولة للقضاء على بداهة ولإبراز التجريبية، حيث كان هناك نفس الاتجاه تمامًا في تفكيره السياسي، وما لم يتم إدراك أنّ منهج راسل في الأسئلة السياسية كان عادةً تجريبيًا وعمليًا وبناءً على أدلة اللحظة وليس على مبادئ مسبقة وتصورات مسبقة.

فمن المستحيل تمامًا فهم لماذا بدت آرائه متباينة للغاية، وكان هذا شرعيًا تمامًا وحتى جدير بالثناء في عالم لا يبقى على حاله أبدًا، وحيث تغير الظروف المتغيرة باستمرار توازن الحجج على جوانب مختلفة”.

يبدو أنّ عدم الرضا هذا لم يمتد إلى عمله في النظرية السياسية، فهناك ركز راسل بشكل أساسي على مفهوم القوة أو ما أسماه (إنتاج التأثيرات المقصودة)، يكتب ماكجيل: “إنّ مفهوم القوة يطغى على جميع كتابات راسل السياسية والاقتصادية”، حيث يلخص راسل نفسه وجهة نظره بملاحظة أنّ “قوانين الديناميكيات الاجتماعية لذلك سأجادل لا يمكن ذكرها إلّا من حيث القوة بأشكالها المختلفة”، ونتيجة لذلك لا يفهم المرء العالم الاجتماعي من حوله إلّا من خلال فهم القوة في جميع أشكالها البشرية.

إنّ فهرسة راسل للشرور المتصورة في عصره معروفة جيدًا، وكما يلخص بوبر (Popper) بدقة نظرة راسل العامة: “نحن أذكياء وربما أذكياء جدًا، لكننا أيضًا أشرار حيث هذا المزيج من الذكاء والشر يكمن في جذور مشكلاتنا”، ومع ذلك يكمن وراء انتقاد راسل لكل من اليسار السياسي واليمين السياسي قلق مشترك وهو: التوزيع غير المتكافئ للسلطة.

وكما يلخص ماكجيل: “من الواضح أنّه أصبح مقتنعًا بأنّ التعطش للسلطة هو الخطر الأساسي للبشرية، وأنّ التملك هو الشر أساسًا لأنّه يعزز قوة الإنسان على الإنسان”، وتكمن مشكلة هذا التحليل ورغبة راسل في توزيع أكثر إنصافًا للقوة في أنّ أي حل مقترح يبدو أنّه يؤدي إلى التناقض:

“افترض أنّ بعض الرجال انضموا إلى حركة لإفساد السلطة أو لتوزيعها بشكل متساوٍ بين الناس! إذا نجحوا فإنّهم ينفذون أوامر السلطة ويصبحون أنفسهم أقوياء، ومن حيث تعريف السيد راسل مثل أي طاغية، على الرغم من أنّهم نشروا الحياة الجيدة للملايين فكلما زاد نجاحهم زاد اغتصابهم وخطورتهم”.

أعمال راسل في الفلسفة الاجتماعية والسياسية والتعليم:

مثل كتاباته عن الدين جذبت كتابات راسل في الأخلاق والسياسة انتباه أعداد كبيرة من القراء غير الأكاديميين، ومن أكثر كتبه تأثيرًا في هذه الموضوعات كتابه:

1- مبادئ إعادة البناء الاجتماعي عام 1916.

2- التعليم عام 1926.

3- الزواج والأخلاق عام 1929.

4- فتح السعادة عام 1930.

5- النظرة العلمية عام 1931.

6- القوة: التحليل الاجتماعي الجديد عام 1938.

المصدر: PORTRAITS FROM MEMORY and Other Essays, by BERTRAND RUSSELL, SIMON AND SCHUSTER NEW YORK,1956.The Philosophical Importance of Mathematical LogicAN OUTLINE OF PHILOSOPHY, By Bertrand Russell, LONDON GEORGE ALLEN & UNWIN LTD MUSEUM STREET, First published in Great Britain 1927 AMERICAN BINDERY TOPEKA, KANSAS MAY 21 195T, Printed in Great Britain ly R. & R. CLARK, LIMITED Edinburgh.THE AUTOBIOGRAPHYOF BERTRAND RUSSELL, 1914-1944, An Atlantic Monthly Press Book LITTLE, BROWN AND COMPANY BOSTON TORONTO, PRINTED IN THE UNITED STATES OF AMERICA.THE AUTOBIOGRAPHY OF BERTRAND RUSSELL, 1872-1914, An Atlantic Monthly Press Book LITTLE, BROWN AND COMPANY BOSTON TORONTO, FIRST AMERICAN EDITION. BERTRAND RUSSELL OUR KNOWLEDGE OF THE EXTERNAL WORLD AS A FIELD FOR SCIENTIFIC METHOD IN PHILOSOPHY, GEORGE ALLEN & U N WIN LTD RUSKIN HOUSE, 40 MUSEUM STREET, LONDONBertrand Russell


شارك المقالة: