فلسفة كريسيبوس الأنطولوجية

اقرأ في هذا المقال


بالنسبة لكريسيبوس فإنّ الوجود الإلهي في الأشياء الأرضية يأتي في شكل النَفَس من نوع ناري من الهواء أو الأثير، والذي يعطي شكلاً ونوعية لما هو في حد ذاته خالي من الجودة، وعلى الرغم من أنّ الأبيقوريين الذين يتبعون تقليد ديموقريطس وليوكيبوس كانوا يجادلون بأنّ كل شيء يتكون من منفصل وغير قابل للتجزئة (ذرة)، فقد أكد الرواقيون أنّ المواد الأولية التي يمارس عليها المبدأ النشط تأثيره مستمر، ويعمل على أنّه الركيزة لكل شيء من الاستمرارية الأساسية مثل الأرض والماء والهواء والنار إلى الكائنات الحية الفردية مثل سقراط.

علم الوجود:

كما يقول سيمبليسيوس في تعليقه على فئات أرسطو بأنّه يرى الرواقيون أنّهم من المناسب تقليل عدد الأجناس الأولية، والآخرون يتولون المسؤولية مع التغييرات في القائمة المصغرة، وذلك لأنّهم يجعلون تقسيمهم تقسيمًا رباعيًا إلى ركائز والمؤهلين والمتخلصين والمتخلصين نسبيًا، وهكذا يدرك سيمبليسيوس بأنّ الرواقيون لديهم أربعة مستويات رئيسية للوجود، وكما جادل لونج وسيدلي هناك سبب للاعتقاد بأنّ هذه الفئات نشأت مع كريسيبوس:

1- الفئة الأولى هي فئة الركيزة (hupokeimenon)، حيث إنّ تحديد موقع كيان في هذه الفئة الأولى يعني تعيين وجوده دون الرجوع إلى صفاته، وهذه المادة عديمة الخصائص هي الوجود أو (ousia) بمعناها الأساسي.

2- المستوى التالي من الوجود هو مستوى الجودة، لنكون أكثر دقة هذا المستوى من الوجود هو شيء مؤهل من قبل الإله أو العقل أو الروح الذي لا ينفصل، والذي يسود الركيزة وعلى حساب كريسيبوس يأخذ هذا شكل النَفَس، وفي الفئة الثانية وضع الرواقيون تعديلات أو ركائز مؤهلة (poia) للمادة الأولية، ومن المثير للاهتمام أنّه في هذه الفئة من الصفات أو (poia)، ويشمل الرواقيون الناس والكائنات الحية بشكل عام، ولذلك فإنّ الكائنات الحية هي بمعنى هام صفة في الوجود.

3- الفئة الثالثة تتعلق بالتصرف في الأشياء المؤهلة والتي يتم التخلص منها بطريقة ما (põs echonta)، على سبيل المثال المعرفة النحوية ستكون تصرف النحوي.

4- في الفئة الرابعة وافق الرواقيون على التصرفات التي تكون نسبيًا أو إيجابيات الصدى، وتشبه هذه التصرفات ما يسمى بخصائص كامبريدج التي قد تتغير دون أي تغيير في العنصر قيد الدراسة، على سبيل المثال قد يحدث وجودك على يميني دون أن أغير موقفي.

الكينونة والشيء وطبيعة الخواص:

علاوة على ذلك كان الرواقيون ماديين، وفقط الجثث أو الأجسام أو (somata) موجودة، ومع ذلك فإنّ الوجود ليس هو أعلى فئة وجودية، وفي كتاب السفسطائي اقترح أفلاطون أنّه من أجل أن يكون شيء ما هو شيء ما يجب أن يكون هناك (x) موجودًا، ولكن الرواقيين يرفضون اقتراح أفلاطون مؤكدين أنّ هذا الواقع يمكن تقسيمه من ناحية إلى مادية (somata)، والتي يمكن القول أنّها موجودة، ومن ناحية أخرى إلى المعنويات (asomata) والتي يمكن أن يقال أنّها موجودة.

اعتقد الرواقيون أنّ الفئة الأخيرة تتكون من أشياء مثل الزمان والمكان والفراغ ويمكن قوله (lekta)، ومن المؤكد أنّ سبب الرواقيين لقولهم بأنّ ما هو غير صحيح هو خاتم (Meinongian)، ولكي تكون موضوعًا لفكر المرء يجب أن تكون (lekta) على سبيل المثال شيئًا ما، وخلاف ذلك لا يوجد شيء يفكر فيه المرء من قبل فرضية.

كريسبوس ووجودية أفلاطون وأرسطو:

وبهذه الطريقة فإنّ التصنيف الأنطولوجي الرواقي يستبعد ضمنيًا خصائص من نوع معين، على سبيل المثال يتمتع كل من سقراط وجلوكون بخاصية كونهما رجلًا، وهذا يدعو إلى التساؤل: هل هذا ما يسمى بالكيان الإنسان والذي يقال أنّه يوجد تحته كلاهما؟ فأفلاطون حول وجهة النظر المتلقاة، وأرسطو اعتبروا أنّ:

1- خاصية كون الإنسان موجودة بشكل مستقل عن اعترافنا بها.

2- أنّ الملكية ملكية كونك رجلًا والتي تنتمي بالنسبة لسقراط، ومطابق عدديًا للممتلكات الموصوفة بالمثل والتي تنتمي إلى (Callias).

على الرغم من أنّ الأدبيات الفلسفية حول الخصائص أقل من أحادية، وفي المصطلحات والمعايير فإنّ أولئك الذين يقبلون وجهة النظر المتلقاة المنسوبة هنا إلى أفلاطون وأرسطو كثيرًا ما يشار إليهم بالواقعيين، وأولئك الذين يؤكدون أنّ الخصائص الموصوفة بهذه الطريقة غير موجودة كثيرًا ما يطلق عليهم اسم (Nominalists).

يرفض كريسيبوس بحزم آراء أفلاطون وأرسطو فيما يتعلق بالممتلكات ولكن يجب أن يقول الاسمي الملتزم شيئًا ما عن الافتراضات التي تعتبر صحيحة، والتي بشكل مهم يبدو أنّها تشير إلى مثل هذه الكيانات ويدعوها للأغراض الحالية المسلمات، فعند وضع في الاعتبار الاقتراح التالي في عبارة بأنّ:

1- الإنسان حيوان بشري عاقل.

يعتمد كريسيبوس على حقيقة هذا الافتراض في فلسفته الأخلاقية، ومع ذلك يبدو أنّ المدافع عن هذا الاقتراح ملتزم بالإنسان الكوني، ومن أجل تجنب هذا الالتزام الوجودي، ويفهم كريسيبوس الادعاء على أنّه مشروط وليس وجوديًا في الشكل جملة:

2- إذا كان الشيء إنسانًا فهذا الشيء هو حيوان فاني عاقل.

على الرغم من أنّ جملة رقم 2 كما قد يجادل المرء متطابقة في المعنى لجملة رقم 1، وجملة رقم 2 لا تستخدم المصطلح المجرد إنسان، وإذا 2 لا تتطلب استخدام المصطلح المجرد إنسان، لا يحتاج كريسيبوس إلى تأييد أي كيان قد يشير إليه المصطلح من أجل حساب 2 ليكون صحيحًا، ولأنّه يأخذ معنى 1 و 2 ليكونا واحدًا فيمكنه اعتبار 1 صحيحًا أيضًا، وبالطبع هناك اقتراحات بالإضافة إلى 1 يمكن للمرء أن يعتبرها أرثوذكسية والتي يبدو أنها تشير إلى كيانات مجردة، فكريسيبوس متفائل بأنّ نوعًا مشابهًا من إعادة الصياغة سيطبق على هؤلاء مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال.

بعد أن جادل بأنّ المرء لا يحتاج إلى افتراض وجود المسلمات لتفسير بعض الافتراضات الخاصة بالتنوع الأرثوذكسي، طور كريسيبوس حجة لدعم الادعاء بأنّ الحساب الأفلاطوني غير مفهوم، والحجة انطباعية قليلاً ولكننا قد نبدأ في إعادة بنائها على النحو التالي:

1- إذا كان شخص ما (أو شيء ما) في أثينا فهو (أو حيوان) ليس في ميغارا.

2- الرجل في أثينا.

إذن النتيجة:

3- الإنسان ليس في ميغارا.

يبدو أنّ الحجة عبارة عن اختزال إعلان سخيف مبني على فكرة أنّ الأفلاطوني سيقبل الادعاءات جملتي رقم 1 و 2، ومع ذلك فإن قبول جملتي رقم 1 و 2 مع تطبيق طريقة بونينز يستلزم شيئًا لن يقبله الأفلاطوني عن طيب خاطر، وفي هذه المرحلة قد يشعر الأفلاطونيون بأنّهم مدفوعون للادعاء بأنّ الإنسان لا يجب أن يصنف حسب المصطلحات أي شخص أو شيء ما في المقدمة الأولى.

ومع ذلك فإنّ هذا يقترب بشكل خطير من الاعتراف بنقطة لا يحق للأفلاطونيين أن تصل إليها، أي أنّ الإنسان ليس شيئًا، وربما تكون الخطوة الأكثر جاذبية بالنسبة إلى الأفلاطوني هي التخلي عن جملة رقم 1 والحفاظ على أنّ المسلمات شيء، وأنّها أشياء يمكن العثور عليها في أشياء موجودة في أماكن مختلفة مثل أثينا وميغارا في نفس الوقت، وهذا بالطبع يزيل الطبيعة الشاذة للعالميات.

ويبدو أنّ الكيانات العالمية المتوافقة تقابل الكيانات التي قد توجد في وقت واحد في عدد من الأماكن وإذا كانت موجودة أصلاً، وبالطبع من الممكن أن يجادل الأفلاطونيون في أنّ الخصائص المعنية لا توجد في الفضاء لذلك من الخطأ القول إنّها تقع في عدد من الأماكن في نفس الوقت.

المصدر: Chrysippus (c. 280—207 B.C.E.)ChrysippusJosiah B. Gould, The Philosophy of Chrysippus, Albany, SUNY Press, 1970.Susanne Bobzien, Determinism and Freedom in Stoic Philosophy, Oxford: Oxford University Press, 2001.


شارك المقالة: