فن الرواية بين الإبداع والصنعة

اقرأ في هذا المقال


مع انتشار فن الرواية ازداد عدد المؤلفين للروايات، من هؤلاء المؤلفين من استطاع أن يخلّد اسمه بخلود أعماله، ومنهم من حصل على جوائز عالمية ومنهم من يحاول مازال يمشي بخطوات التدريب على الكتابة، لكن للأسف هنالك بعض المؤلفين استغلوا انتشار المواقع والمصادر وسهولة الوصول إليها واتجهوا لكتابة الروايات كصنعة، بمعنى أنّ هدفهم الأساسي للكتابة هو بيع سلسلة المؤلفات وربح المال، الرواية فن سهل لمن يريد أن يؤلّف ويكتب لكن ليست كل رواية تعتبر رواية جيّدة وترسخ بذهن القارئ، وبحسب مقولة مشهورة للروائي ستيفن كنج يقول (إن لم يكن لديك وقت للقراءة، يعني أنّك لا تملك الوقت وأدوات الكتابة)، ومن أجل إتقان كتابة الرواية ووصول المؤلف إلى مرحلة الإبداع يجب التركيز على الأمور والخطوات التي سنذكرها في هذا المقال.

خطوات الإبداع في فن الرواية:

الخطوة الأولى:

تحديد الهيكل العام للرواية بحيث أن أغلب الكتّاب يمضون وقتاً طويلاً قبل البدء بالكتابة، يمكن للكاتب أن يضع هيكل عام للرواية من خلال كتابته جملة الموضوع الأساسية ثم يقوم ببناء باقي الرواية على هذه الجملة، وأيضاً القيام بالبحوث المتعددة وعملية العصف الفكري والذهني، مع ممارسة أحلام اليقظة مثل أن يتخيل المؤلف شخصيات القصة وسماع أصواتها، وبعد ذلك يرتّب الكاتب أفكاره ويملأ الفجوات فيما بينها، ويتتبّع باقي الخطوات بطريقة أن يضع نفسه مكان القارئ.

الخطوة الثانية:

كتابة جملة الوصف للرواية، وهي جملة واحدة ويفضّل أن تكون قصيرة بمعنى أن لا تزيد عن 15 كلمة؛ وهذا من أجل وضع الفكرة العامة للرواية تجمع بين المشهد العام والخاص بدون أي ذكر للشخصيات، هذه الجملة العريضة تستخدم بالرواية بشكل جيّد.

الخطوة الثالثة:

في هذه الخطوة يجب على الكاتب أن يبدأ بتحويل هذه الجملة إلى فقرة بما لا يزيد عن خمسة أسطر تصف ملامح الرواية، وما هي أبرز الأحداث والبداية والنهاية وتصف الحبكة والفصول الأساسية للرواية، في الغالب الحدث الأول في الرواية يكون سبب خارجي أو مسبب واقعي وحقيقي مثل حدوث كوارث طبيعية أو حرب أو موت، بعد ذلك تكون باقي الأحداث خاصّة بأبطال الرواية حيث يقومون بمحاولة تجاوز هذه المشكلة، وبالتأكيد هذه الفترة سيكون فيها الكثير من المواجهات والتحديات وهذا ما يصنع الرؤيا العامة للرواية.

الخطوة الرابعة:

في هذه الخطوة يجب على الكاتب أن يبدأ برسم ملامح الشخصيات من خلال وضع أسطر، وبما أنّ الشخصيات عنصر أساسي ومهم بالرواية فيجب على الكاتب أن يكرّس لها الوقت الكافي، ولكل شخصية يجب أن يحدّد لها الكاتب الأمور التالية:

  • اسم هذه الشخصية.
  • جملة مختصرة عن هذه الشخصية.
  • ما هي رغبات ودوافع هذه الشخصية.
  • هدف الشخصية الأساسي
  • ما هي العوائق والتحديّات التي ستواجه هذه الشخصية.
  • ما هي التحوُّلات التي ستمر بها هذه الشخصية، وتجعلها تتغيّر لاحقاً.
  • كتابة فقرة كاملة تلخّص هذه الصفات الأساسية للشخصية.

وبعد تحديد معالم هذه الشخصيات من الممكن أن يكتشف الكاتب شيئاً يحتاج للتعديل، لذلك هذه الخطوة تعتبر خطوة مفيدة جداً للكاتب.

الخطوة الخامسة:

في هذه الخطوة يكون الكاتب غالباً  قد أسّس وبنى الهيكل العام للرواية، وأصبح بإمكانه اكتشاف مواطن التعديل؛ لذلك يجب عليه أن يصنع كل فقرة عن كل ملخص قام به، ما عدا الخاتمة أي الفقرة الأخيرة؛ فهي تحتاج إلى وقت جيّد عادةً ما تكون درامية ويجب حبكتها بشكل متقن.

الخطوة السادسة:

يبدأ الكاتب كتابة نصف صفحة عن الشخصيات العادية، وصفحة ونصف عن أهم الشخصيات؛ حتى يتسنّى له اكتشاف الأخطاء الموجودة في بينة الرواية والشخصيات وتعديلها.

الخطوة السابعة:

في هذه الخطوة يجب على الكاتب البدء بتفصيل الملخصّات العامة للأحداث، فيبدأ بالكتابة ويحدّد ما هو التوجه الأساسي لأحداث الرواية، ويجب على الكاتب أن يكون موضوعي بهذا المجال، ويستغرق هذا العمل أحياناً أسبوع أو أكثر.

الخطوة الثامنة:

هذه الخطوة هي تفصيل أكثر للخطوة السادسة، حيث يفصّل فيها الكاتب ويدرس الشخصيات بشكل موسّع أكثر، من خلال معرفة تاريخ ميلاد الشخصية وصفاتها الداخلية والخارجية ودوافعها وكل شيء يخصها، هذا العمل يستغرق وقت طويل من الممكن أن يستغرق من الكاتب شهر كامل يدرس فيه أيضاً أهم التغييرات التي ستتعرّض لها شخصيات الرواية.

الخطوة التاسعة:

في هذه الخطوة تتبلور الصورة الأساسية للكاتب، وهي الخطوة الأجرأ للكاتب حيث يبدأ بكتابة المشاهد الأساسية على مسودة خارجية، حيث تبنى هذه المشاهد على الخطوات السابقة، فيكتب الكاتب المشهد وما هي الشخصيات المرتبطة به ونص الحوار أيضاً.

الخطوة العاشرة:

في هذه الخطوة يتوسّع الكاتب بالمشهد ليصبح فقرتين مع إضافة أي فكرة جديدة للحوار، وكتابة الحبكة والعقدة للمشهد، وهذه العقدة إمّا أن تكون موجودة أو من وحي خيال الكاتب، وإذا لم يتناسب المشهد مع وجود عقدة يمكن للكاتب أن يلغي المشهد، في هذه المرحلة يستطيع الكاتب تعديل المشاهد أو تبديلها وإعادة ترتيبها؛ حيث يمكنه الرجوع إلى المسودة الأولى بأي وقت وعندما يخطر بذهنه أيّة أفكار جديدة للمشاهد.

الخطوة الأخيرة:

وهذه الخطوة تعتبر مؤرّق أساسي للكاتب؛ حيث أنّ أغلب الكتّاب يعتقدون بأنّ هذه الخطوة غير مهمة فهي تركز على ملئ الفراغات الصغيرة لنص الرواية بعد ملئ الفراغات العريضة، ولكنّ هذا الأمر غير صحيح لأنّ هذه المرحلة يمكن للكاتب أن يبدع أيضاً بعد تحررّه من الخطوط العريضة وتفرّغه للتفاصيل الصغيرة.

وأخيراً نصيحة عامة لكل كاتب بأن يبدأ بتأليف كتاب آخر قبل نشره لروايته؛ وهذا من أجل عدم اكتراثه لآراء النقاد بعد نشر روايته، لأنّ آراء النقاد تحطّم الروح المعنوية لدى الكاتب أحياناً، لكن عند انشغاله بعمل آخر هذا سيحميه من هذا التحطّم المعنوي، فيجب عليه أن يكون مجهّزاً تماماً قبل نشرة لروايته.

المصدر: تقنيات فن الرواية/نانسي كرس/2009الرواية العربية/يمنى العيد/2011تاريخ الكتابة/د.سليمان أحمد ظاهر/2004فن الكتابة/أحمد حماد/2013


شارك المقالة: