قصة أسطورة الملك إيريك ويذرهات

اقرأ في هذا المقال


انتشرت عبر العصور العديد من الخرافات والأساطير، منها ما كان حقيقي وواقعي، ومنها ما كان من نسج الخيال، وفي قصتنا لهذا اليوم سوف نسرد لكم واحدة من الأساطير الحقيقية والتي تجسدت في قصة ملك خاض العديد من الحروب والمعارك التي نجح بها بسبب قبعة سحرية، وبعد أن خسر قبعته خسر قدراته الخارقة.

قصة أسطورة الملك إيريك ويذرهات

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الملوك الذين تولوا حكم دولة السويد لفترة طويلة من الحكم والذي يعرف باسم إريك، وما اشتهر به ذلك الملك بين العديد من البلدان أنه كان من أنجح الملوك في شن الغارات والحروب، وقد كان الكثير يشيرون إلى أن سبب نجاحه هو امتلاكه لقبعة سحرية، ولكن لم يتم ذكر من أين حصل على تلك القبعة، وقد كان ذلك الملك حينما يرتدي تلك القبعة يتمكن من اكتساب خصائص سحرية تجعله قادر على السيطرة والتحكم بأحوال الطقس من خلال قيامه بتحريك القبعة في اتجاه معين، وهذا الأمر كان من أهم الأمور التي ساعدته في عصر الفايكنج؛ وذلك لأنه كانت السفن هي وسيلة النقل الرئيسية، كما كانوا يشنون هجماتهم المدمرة المفاجئة من خلال البحار.

كما كانت تلك القبعة قد زادت من هيبته ووقار الملك أكثر من أي ملك آخر، حتى أنهم كانوا يطلقون عليه لقب ملك قبعة الطقس، وبالنسبة إلى ملك لديه مثل تلك القبعة السحرية كان من الطبيعي أن لا تتوقف أحلامه وطموحاته على غزو مناطق الشرق فقط، وإنما يسعى إلى إنشاء مملكة كبيرة خاصة به، وبالفعل وضع العديد من الخطط من أجل توسيع مملكته باتجاه الغرب من خلال ضم بعض الأراضي التي حدث حولها تنازع إلى مملكته، مثل تلك المناطق الواقعة غرب السويد ودولة النرويج.

وأول ما بدأت حملته الغربية كانت الأمور تسير بشكل جيد بالنسبة إليه، إذ استطاع أن يقوم على إخضاع عدد من المناطق الواقعة غرب السويد وجنوب النرويج، وبقي يسير على هذا النهج إلى أن وصل إلى واحدة من المناطق والتي تعرف باسم منطقة فايكن والتي كان يحكمها ملك يدعى هارالد وأول ما تمكن من تلك البلاد أجبر السكان المحليين على قبوله كحاكم لهم، وحينما وصلت تلك الأخبار إلى ملك النرويج والذي بدوره كان يسعى في تلك الأثناء إلى توحيد البلاد، وهنا توجه على الفور نحو الجنوب وعاقب كل من خانوه من السكان وخضعوا لذلك الملك، كما تمكن من استعادة الأراضي التي استولى عليها ملك السويد.

وفي يوم من الأيام بينما كان إريك يتناول طعامه مع مجموعة من أتباعه في واحدة من تلك المناطق التي سيطر عليها حديثًا والتي تعرف باسم مدينة فارملاند اقترب منه رجل معروف بأنه من أغنى المزارعين في المنطقة ويدعى آكي، وفي تلك اللحظة دعاه إلى بيته من أجل حضور احتفالهم بأحد الأعياد التي تقام في تلك المدينة، وكانت تلك الدعوة يراها الملك أنها مناسبة له من أجل اللقاء مع السكان، ولكن لم يكن يعلم أن هذا المزارع قد دعا الحاكم ملك النرويج كذلك إلى ذات الاحتفال.

ولكي يتمكن المزارع من استقبال الحاكمين سوياً قام ببناء بيت طويل جديد، وكان ذلك البيت أكبر بكثير من بيته القديم، كما قام بتزيين هذا البيت واشترى مجموعة من المفروشات الجديدة وأواني وأطباق جديدة تليق بالملوك، وفي ذات الوقت قام بوضع المفروشات البالية والأواني والأطباق القديمة في البيت القديم.

وأول ما وصل الملكان طلب المزارع من ملك النرويج الدخول إلى بيته الجديد، بينما دعا ملك السويد إلى بيته القديم، وبعد انتهاء من الاحتفال سار إلى جانب ملك النرويج وعرض منه أن يتخذ ابنه الذي يدعى أوبي كخادم مخلص له، وافق الملك على طلبه وقد كان مسرور بذلك وأخبره أنه أصبح من الأشخاص المقربين منه.

وفي اليوم التالي علم ملك السويد بما فعله المزارع وأنه فضل ملك النرويج عليه بشكل واضح، وهنا شعر أن ذلك الأمر إهانة كبيرة له، فاستدعى المزارع وقام بالسير معه باتجاه الغابة وبعد الحديث معه حول الأمر وسؤاله عن السبب الذي دفع به إلى ذلك التصرف أوضح المزارع أن اختار وضع ملك النرويج في البيت الجديد لأنه ما زال شاب صغير في السن، بينما هو رجل كبير في السن.

لم يعجب ذلك الرد ملك السويد، ولذلك قرر أن يقوم بقطع رأسه بسيفه، وبالفعل قام بذلك وترك جثته مرمية في الغابة، وحينما وصل خبر مقتل المزارع إلى مسامع ملك النرويج عزم على الانتقام والثأر لصديقه المزارع وقام بإشاعة الفوضى في الأراضي التي يمتلكها ملك السويد، حيث أنه قام بمطاردة إريك إلى أن أخرجه خارج أراضي مدينة فارملاند، ثم بعد ذلك قام بإخضاع المنطقة بالكامل لحكمه، وهنا رجع إريك إلى مملكته، لكنه أصيب بحالة من نوبات الغضب الشديدة من ذلك المزارع وذلك الملك النرويجي الشاب، وهنا عزم على المعركة، وقد كان لديه ثقة كاملة من قدرته على الفوز بتلك المعركة كما فاز في جميع معاركه السابقة.

ولكن ما لم يدركه الملك السويدي هو أن رجال الملك النرويجي كانوا يتبعونه بشكل سري وخفية بعد أن عاد إلى موطنه، ومن المؤكد أن ملك السويد لم يكن لديه أدنى شك في أن هناك أي شخص يمكن أن يتبعه أثناء وجوده في قلب مملكته الأصلية، وفي يوم من الأيام خرج الملك السويدي من منزله دون أي حراسه وعزم على السفر إلى إحدى الجزر الصغيرة التي تقع في وسط بحيرة مالارين، وهذه الجزيرة يطلق عليها في الوقت الحالي اسم قبعة الملك، وبينما كان ملك السويد يستمتع برحلته المنفردة كان الجنود النرويجيون يتجهزون.

وفي يوم من الأيام تبعوا ملك السويد إلى تلك الجزيرة وقد حاولوا أن يمسكوا به، لكنه سرعان ما لاحظ وجودهم في الوقت المناسب، واستطاع الهروب بعيدًا عنهم، وحينها طاردوه حتى وصلوا إلى أحد المنحدرات الشاهقة في أعلى قمة على تلك الجزيرة، وفي تلك اللحظة أصبح ملك السويد محاط بالأعداء من جميع الجوانب ومن خلفه منحدر شديد الانحدار، فلم يعد أمامه سوى خيارين، وهما إما أن يقوم بتسليم نفسه لهم أو أن يقوم بالقفز من على المنحدر.

فاختار الملك القفز، وبالفعل قام بتحفيز حصانه وقفز من المنحدر المرتفع وتمكن من السقوط في الماء وعلى الرغم من صعوبة القفزة، إلا أنه تمكن من النجاة بنفسه وبحصانه، ثم بعد ذلك تمكن من السباحة هو والحصان حتى وصلا إلى بر الأمان، لكنه فقد قبعته أثناء تلك المجازفة المثيرة.

وفي النهاية أصبح الملك مجرد من قبعته، وبذلك يكون فقد قدراته الخارقة، وأصبح من الطبيعي أن تسير تلك الفترة المتبقية من معاركه على عكس توقعاته في البداية؛ وذلك لأنه أصبح حاله كحال أي ملك عادي، فخسر كل الأراضي ومعظم مناطق غرب السويد، ولم يمضي وقت طويل حتى توفي وترك خلفه ابنه الذي يدعى بيورن، والذي بدوره حكم السويد لفترة طويلة.

المصدر: كتاب الأدب الأوروبي من منظور آخر - فرانكا سينوبولي - 2007


شارك المقالة: