قصة اختفاء حراس جزيرة فلانون

اقرأ في هذا المقال


هنالك الكثير من الأحداث العجيبة التي تمر على الإنسان يوميًا، منها ما عرفت نهايته ووجد لها تفسيرات، ومنها ما بقي غامضاً دون للتوصل إلى نهايته أو أي تفسير له، فبقي هكذا عالقاً في الأذهان مثل تلك القصة الغريبة

قصة اختفاء حراس جزيرة فلانون

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة اسكتلندا، حيث أنه في يوم من الأيام كان قد حدثت حادثة اختفاء لمجموعة من الأشخاص، وقد كانوا هؤلاء الأشخاص يعملون كحراس لفنار، إذ أن في الجهة المقابلة لأحد السواحل الموجودة في الجهة الغربية من اسكتلندا كانت هناك إحدى الجزر التي تعرف باسم جزيرة فلانون، وتلك الجزيرة هي واحدة من الجزر التي تعرف بمساحتها الصغيرة، كما أنها كانت غير مأهولة للعيش والسكن فيها، وكل ما تتكون منه هو مجموعة من الصخور، ولم تكن تلك الصخور من الصغيرة الحجم، وإنما كانت تعرف بأنها من أكبر وأضخم الأحجام الموجودة في العالم.

وتلك الصخور كان يخرج من بينها ينابيع من المياه، وفي أعلى تلك الينابيع كان هناك منحدر سهلي، وذلك المنحدر كان مميز إلى درجة كبيرة حيث أنه يغطيه الأعشاب الخضراء التي تشرح بلونها القلب والصدر، ولم يكن بين تلك العشاب أي من الشجيرات، وما يزيد من جمال وإبداع ذلك السهل هو أنه يمتد لعدة أميال طويلة، وفي تلك الجزيرة لم يكن هناك أي أصوات صادرة، سوى ذلك الصوت الذي يخرج من الأمواج وخرير المياه، وفي كل تلك المساحة كان لا يوجد أي نوع من أنواع الأبنية على الاطلاق، وكل ما هنالك هو مبنى واحد فقط وهو عبارة عن فنار، وهذا الفنار كان مشهور في كافة أرجاء المنطقة ويطلق عليه اسم فنار إلين مور، وكما ذكر أنه تم بناءه في نهاية القرن الثامن عشر.

وفي فترة من الفترات كان هناك ثلاثة من الأشخاص يقومون بحراسة ذلك الفنار، وكانوا يقومون بحراسته من أجل عدم حضور أحد من المارين بسفنهم والقيام بهدمه أو إحداث أي تهكم عليه، فقد كان من الأمور التي تعني الكثير لسكان المنطقة، وفي يوم من الأيام اختفوا هؤلاء الحراس ثلاثتهم بشكل مفاجئ، وقد كان اختفائهم من دون وجود أي أثر يذكر حولهم، ولكن ما كان يتميزوا به هؤلاء الحراس أنهم أذكياء لدرجة كبيرة جداً، إذ قاموا بترك بعض من الأدلة الغريبة والتي تشير إلى أمور قد حدثت قبل حادثة اختفائهم، وتلك الأدلة كانت تشير إلى أن اللحظات الأخيرة التي قضها قبل اختفائهم كانت مليئة بالخوف والرعب.

ففي صباح أحد أيام من شهر ديسمبر من عام 1900م قام أحد الأشخاص ممن يعملون كقبطان على إحدى السفن والذي يدعى القطبان جيمس بإيقاف سفينته إلى أحد جوانب تلك الجزيرة النائية، وكان برفقة ذلك القبطان أحد الأشخاص الذين كان لهم باع طويل في حراسة ذلك الفنار ويدعى جوزيف مور، وقد كان السبب في قدومهم هو أن السيد جوزيف كان يريد أن يبدل ورديته مع الثلاث حراس المتواجدين على متن الجزيرة.

وأول ما وصلا إلى ذلك الفنار قام القبطان جيمس بطرق البوق من أجل أن يحضروا العمال الثلاثة، وبعد انتظار القبطان والحارس الذي معه للحظات لم يجيبهم أي من الحراس، ثم بعد ذلك قام القبطان بإطلاق طلقة إغاثة، ولكن في هذه المرة كذلك لم يجيبه أحد منهم، وأخيراً قرر القبطان أنه أفضل حل هو أن يقوم بإرسال الحارس جوزيف على متن قارب صغير إلى الجزيرة.

وأول ما وصل الحارس جوزيف إلى تلك الجزيرة وجد أن هناك شيء غريب قد حدث، وبدأ وكأنه يوجد شيء يثقل على صدره، وبعد أن سار قليلاً ووصل إلى باب الفنار وجد أن الباب مفتوح، وفي تلك الأثناء اعتقد أن الحراس الثلاثة موجودون في الداخل، وحينما دخل وتجول في كافة أركان الفنار لم يعثر على أي أحد منهم، وبعد أن حاول إلى دخول تلك الغرفة الخاصة بهم والتي كانوا يستريحون بها واحد تلو الآخر، لم يتم العثور سوى على معطف واحد فقط معلق على الشماعة.

وحينما توجه نحو المطبخ وجد وجبة غداء واحدة متعفنة موضوعة على طاولة المطبخ وواحد من الكراسي مقلوب على الأرض، وهنا استنتج أن الحراس الثلاثة قد قاموا من على مائدة الطعام بشكل سريع ومفزع، كما أدرك الحارس جوزيف أن كافة الساعات المتواجدة في الفنار متوقفة على ذات التوقيت، وهنا قام بالبحث في كل مكان في الجزيرة بأكملها، ولكنه لم يعثر على أي من الحراس الثلاثة.

وفي تلك اللحظة رجع على الفور إلى القارب واعتلاه وتوجه نحو سفينة القبطان جيمس، وأول ما وصل إلى المكان الذي ينتظره به القبطان سرد عليه كامل ما حصل معه في تلك الجزيرة، وحينما سمع القبطان بذلك قرر أن يقوم بإرسال رسالة إلى الإدارة العليا في مدينة إد نبرة، وفي تلك الرسالة قام بشرح الموقف لهم بالكامل، وبعد مرور عدة أيام من تلك الحادثة حضر رئيس إدارة الفنار والذي يدعى السيد روبرت بذات نفسه إلى الجزيرة؛ وذلك حتى يقوم بالتحقيق في تلك الحادثة.

وأول ما وصل إلى تلك الجزيرة رأى أنه الحال كما وصفها الحارس، ولكن ما زاد على ذلك هو أنه عثر على دفتر يوميات كان يعود إلى أحد حراس الفنار، وحينما قام بفتحه من أجل الاستدلال على أي شيء يشير إلى ما حصل معهم، وجد أنه تاريخ الثاني عشر من شهر ديسمبر كتب الحارس الذي يدعى توماس أنهم تعرضوا إلى عاصفة رياح قوية جدًا، كما كان مكتوب أن أحد الحراس معهم والذي يدعى ويليام كان شخص دائم البكاء دون أي سبب يذكر، بينما الحارس الذي يدعى جيمس كان شخص دائم الانفراد بنفسه ومبتعد عنهم.

وعلى الرغم أنه في ذلك الوقت كانت أحوال الطقس هادئة جداً ولا يوجد أي عواصف في أي مكان في اسكتلندا بأكملها، إلا أنه تابع الكتابة وأشار إلى أن تلك العاصفة القوية استمرت من تاريخ الثاني عشر حتى الرابع عشر، وفي تاريخ الخامس عشر تم كتابة أن العاصفة انتهت والبحر أصبح هادئ، وبعد التجوال هناك وهناك في الجزيرة توصل السيد روبرت إلى أن هناك مجموعة من الحبال التي كانت مربوطة في واحدة من صخور الفنار، ولكن الشيء الذي كان يثير الغرابة والتعجب لدى كافة القائمين بعمليات البحث هو اختفاء الجثث.

وقد أوضح السيد روبرت حتى لو كان هناك عاصفة قوية وذرفت بهم فأين الجثث؟! إذ أن كان الموج سوف يقوم برفع الجثث وبالتالي سوف يذرف بها على الشاطئ، وبعد تلك الحادثة تم إغلاق الفنار بالكامل، ومنذ ذلك اليوم وقد أشار العديد من العمال الذين يعملون بالقرب من ذلك الفنار أنهم على الدوام يسمعون أصوات استغاثة.

المصدر: كتاب الأدب الأوروربي - فرانك سينوبولي - 2002


شارك المقالة: