قصة الأسد الملك

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية الصادرة عن الأدب الإفريقي، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول الخيانة والغدر، وقد تم تجسيد تلك المواضيع من خلال مجموعة من الحيوانات.

قصة الأسد الملك

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في صباح أحد الأيام حينما أشرقت شمس الصباح وارتفعت السهول، وفي ذلك اليوم اجتمعت كافة الحيوانات والطيور في الغابة وهو يغمرهم الشوق واللهفة عند سفح الصخر وصاح أحدهم فجأة وقال: ها هو الأمير الصغير قد جاء، وهنا هلهل الجميع ورحبوا به، وقد كان يطلق على ذلك الشبل الصغير اسم سيمبا، ومن شدة فرحهم به أخذوا برفعه عاليًا في الهواء الطلق وبحركة بطيئة أخفض الجميع ذراعيهم وأعادوه إلى حضن والديه الملك والملكة الفخورين به.

ومع مرور الأيام كبر الشبل قليلًا، وقرر الملك أن يأخذ ابنه بجولة في كافة أنحاء المملكة؛ وذلك لأنه رغب في أن يعلمه بعض الدروس، وأول درس رغب في أن يتعلمه ابنه هو أن يتذكر على الدوام أن الملك من أجل أن يكون ناجح لا بد له أن يقوم باحترام جميع المخلوقات؛ وقد برر قوله ذلك لأنهم في الحقيقة يعيشون في دورة الحياة العظيمة، وبعد انتهاء تلك الجولة في وقت متأخر من ذات اليوم قابل الشبل عمه والذي يطلق عليه اسم سكار، وهنا صرح له الشبل بكل تفاخر أنه شاهد كافة أنحاء مملكته المستقبلية.

ولكن كان ما لم يعلمه الشبل الصغير هو أن عمه خبيث جداً، وهنا أخذ عمه بسؤاله وقال: وهل شاهدت ما يكمن خلف الحدود الشمالية للمملكة؟ فأجابه الأسد وهو يعتريه الحزن وقال: لا لم أشاهده فقد منعني والدي من الذهاب إلى تلك المنطقة، هنا أصيب عمه بنبرة من التعالي وقال: من المؤكد أنه يمنعك من الذهاب، فمن يتمكن من الوصول إلى تلك المناطق هم الشجعان فقط، ففي تلك المناطق تكمن مقبرة الأفيال، وأنت ما زلت صغير ولا يجدر بك الذهاب إلى تلك المناطق.

وفي تلك الأثناء خرج الأسد وهو يفكر في حديث عمه، وأول ما قام به هو التوجه نحو منزل إحدى صديقاته المقربات منه والتي تدعى نالا، وأول ما التقى بها طلب منها مرافقته من أجل رؤية مقبرة الأفيال، وفي صباح اليوم التالي اتجه إلى تلك المناطق، ولم يكن يعلم في ذلك الوقت أن عمه يطمع في ملك والده، وأنه خطط واتفق مع ثلاثة من الضباع الأشرار على أن يقوموا بقتل الشبل الصغير؛ وذلك من أجل أن يستولي على عرش المملكة وقد أراد أن يبعد الشبل من طريقه.

وفي تلك الأثناء كان الأسد الصغير يجري منطلقاً عبر السهول برفقة نالا إلى أن وصلا إلى كومة من العظام، وهنا أدرك أنه وصل إلى مقبرة الأفيال، ففكر في أن يقوم بفحص إحدى الجماجم، وفي تلك اللحظة شاهده الطائر الذي يعمل كمستشار لدى والده وقد قام بتحذيره من خطورة ذلك المكان وطلب منه الرحيل على الفور، ولكن كان تحذيره بعد فوات الأوان فقد أصبح الضباع الثلاثة محيطة به وبرفيقته من جميع الجوانب وأخذوا يتوعدونه ويسخرون منه.

وهنا فكر الأسد الصغير للحظات ووجد أن من الأفضل له أن يزأر حتى يسمعه أحدهم، ولكن كل ما صدر عنه هو صوت حاد رفيع جعلت الضباع تزيد من سخريتها عليه، ولكن حينما نظروا من حولهم شاهدوا عيني الملك، وهنا سرعان ما فرت الضباع هاربة، ثم بعد ذلك أرسل الملك كل من ابنه وصديقته في المقدمة وأخذ يمشي إلى جوار ابنه وأخذ بعتابه على عصيانه أوامره وتعريض حياته وحياة صديقته للخطر، هنا حاول الابن أن يبرر تصرفه فقال: لقد حاولت فقط أن أكون شجاعًا مثلك.

وهنا أجابه الملك وقال: ليس معنى الشجاعة هو أن تذهب بنفسك للبحث عن المشاكل، وهنا قدم الابن اعتذاره وقطع لوالده وعد أن لا يكرر هذا الخطأ الفظيع مرة أخرى، ولكن عمه لم يتوقف عند ذلك الأمر إذ بدأ يخطط إلى خطة جديدة من أجل الإيقاع بابن أخيه، وفي يوم من الأيام اصطحب العم ابن أخيه معه إلى أحد الممرات الضيقة بين الجبال، وهنا أشار له أن والده قادم إلى ذلك المكان وأن عليه أن ينتظره هنا، وفي تلك اللحظة كان العم متفق مع مجموعة من الضباع بأن تقوم بالجري ودب الرعب في وسط قطيع من حيوانات النو، وأن تسير بها باتجاه الأسد الصغير.

وفي تلك اللحظة كان والده الملك يسير مع أحد مستشاريه على حافة ربوة عالية جداً، وفجأة وقع نظره على ابنه، وسرعان ما اندفع إلى الممر الضيق وقام بإنقاذ ابنه، ولكنه وقع في ورطة كبيرة، إذ لم يتمكن من إنقاذ نفسه وسقط إلى الخلف مما جعله يتعلق بصخرة بارزة، وحينما نظر إلى أعلى شاهد شقيقه، وهنا صاح مستنجداً به، ولكن شقيقه لم يفعل غير أنه انحنى باتجاهه وصرخ بأعلى صوته وقال: عاش الملك، ثم دفع به ليسقط في طريق حيوانات النو المسرعة.

وبعد أن انتهى مرور قطيع الحيوانات جرى الابن نحو أبيه وقد حاول إيقاظه، ولكن دون جدوى، فقد فارق الملك الحياة، وهنا جاء العم وقال للابن بكل برودة أعصاب: لقد مات الملك بسببك، لقد كان ذلك الخطأ خطؤك هيا اهرب ولا تعود إلى تلك المملكة أبدًا، ثم بعد ذلك استولى العم على المملكة بينما سار الأسد الصغير متعثرًا في أنحاء الأرض وهو يشعر بالإثم والندم.

وبعدما كان يسير بخطوات بطيئة وقد خارت قواه إلى أن سقط مغمى عليه، وحينما استيقظ وجد نفسه إلى جوار نمس وبومبا وقد كانا يحملقان به وسكبا قطرات من الماء في فمه الجاف، وهنا قال له بومبا: مرحبا بك أيها الأسد الصغير، لقد عثرنا عليك وأنت على وشك الموت ونحن أنقذناك، وهنا قدم لهما الأسد شكره وأوضح لهم أنه لم يعد يهتم لحياته، فلم يعد له أحد في هذه الحياة وكما أنه لم يعد له أي مأوى يذهب إليه، وهنا عرضوا عليه أن يصبح صديقهم والبقاء معهم، وحينما وافق علموه شعارهم في الحياة وهو ما يشير إلى أنه لا داعي للقلق من أي شيء في الحياة.

ومع مرور السنوات وفي أعماق أحد الكهوف نظر القرد العجوز إلى حال المملكة وقد استعد إلى المغادرة وقال: لقد حان الوقت، وفي صباح اليوم التالي قام بإنقاذ الأسد الصغير بمساعدة لبؤة وهي من كانت ذاتها نالا رفيقة صباه، وأول ما تقابلا فرح الصديقان برؤية بعضهما البعض، وسردت عليه حياة المملكة في ظل حكم عمه الظالم ومدى تدني أوضاع المملكة، وطلبت منه أن يعود على الفور ويسترد حكم أبيه، لأن بوجوده لا يحق لعمه اعتلاء العرش، وهنا اعترى الأسد الحزن وقال: لا يمكنني العودة فأنا لا أصلح للحكم؛ وقد كان ذلك بسبب ظنه بأنه السبب بمقتل والده، وبعد عدة محاولات مع الأسد الصغير وافق على طلبهم.

أول ما وصل إلى المملكة حدق عمه به وهو تعتريه الدهشة واندفع متجهاً نحوه من أجل أن يقتله، ولكن الأسد الشاب كان أقوى من عمه، وتمكن من الانقضاض عليه وطرحه من فوق الصخرة، تماماً كما فعل عمه بوالده، وقامت نالا بالاتفاق مع باقي اللبؤات بمنع الضباع من التقدم  ومساعد العم وفي النهاية تمكن الأسد من استرداد عرشه بعد أن علم أن عمه هو قاتل أبيه، وعادت الحياة للمملكة من جديد.

المصدر: كتاب الأدب الأفريقي - علي شلش - 1957


شارك المقالة: