قصة الرجل صاحب الشهية العجيبة

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول شاب كان لديه شهيه لم يسبق وأن وردت على ذهن بشر، فمن شدة شراهته بالطعام وصل به إلى أكل الحيوانات والرمال، بل إلى أكثر من ذلك، تابع معنا عزيزي القارئ القصة للنهاية لنرى ما أوصلت تلك الحالة بصاحبها.

الشخصيات

  • الفتى تشارلز
  • الرقيب الفرنسي
  • الطبيب ج. جونستون
  • الطبيب كوكورين

قصة الرجل صاحب الشهية العجيبة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في السبعينات من القرن السابع عشر في جمهورية بولندا، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك أحد الفتية ويدعى تشارلز، وقد كان ذلك الفتى ينتمي إلى عائلة مكونة من تسعة أبناء يتميزون بشيء لا يوجد في المخلوقات البشرية على الإطلاق، ألا وهي الشراهة في الأكل، وعلى الرغم من قيام أفراد تلك العائلة بالعديد من المحاولات من أجل الحد من تلك المشكلة، إلا أن كافة المحاولات باءت بالفشل ودون أي جدوى، فلم يتمكن أي فرد منهم من النجاح في  إسكات جوعه أبدًا، إذ يمتلكون شهية فضيعة وغريبة، وقد تفاقمت لديهم تلك الحالة إلى أن أوصل بهم الأمر إلى أكل كافة المخلوقات من الكائنات الحية.

ولم يتوقف الأمر هنا، فقد كانوا يقومون باستمرار بتفتيش الحاويات المخصصة للنفايات وتناول الطعام منها، وأكثر فرد من أفراد تلك العائلة كان تتغلغل به تلك الحالة هو تشارلز، ويوماً بعد يوم كانت تلك الحالة التي يعيشها تشارلز تلقى شهرة واسعة، حتى أن أخبار تلك الحالة الغريبة المصاب بها تمت الكتابة عنها كم من المقالات في واحدة من أشهر المجلات العالمية التي تُعنى بأمور الطب والصحة وتعرف باسم مجلة د.ج.جونستون، وقد تم تدوين مثل تلك الحالة العجيبة في سجلاتها.

ولم يكن تعلق تشارلز بالطعام من الأمور المتفاقمة فقط، وإنما كان يمتلكه شغف في تناول الطعام، ومن أكثر الأطعمة التي كان شغوفاً بها، هي تناول اللحوم وعلى وجه التحديد اللحوم النية منها أو غير المسلوقة بالكامل، وعلى إثر تلك الحالة المصاب بها هو وأشقاءه كان الأطباء في الكثير من الأحيان يحذرونهم من الاستمرار في العيش هكذا، حيث أن تلك الحالة سوف تجلب لهم العديد من الأمراض الخطيرة.

وفي فترة من الفترات بدأ يتفشى أحد أنواع الأوبئة وهو ما يعرف بمرض الجدري، وقد كان ذلك المرض الخطير قد حصد أرواح العديد من العائلات في كل مكان من مختلف أرجاء العالم، وقد وصل ذلك المرض إلى كامل أفراد عائلته، إلا أن تشارلز هو الناجي الوحيد من بين تلك العائلة، وفي ذلك الوقت أصبح يتيماً يعيش بمفرده، ومكوثه بمفرده في سن الثالث عشر وعدم مقدرته في الحصول على الطعام الذي يسد جوعه اضطر إلى الالتحاق في واحد من الجيوش والذي يعرف باسم جيش البروسي، ولكن من سوء حظ تشارلز أن أفراد وقوات ذلك الجيش كانوا يعانون من نقص في توفر إمدادات الطعام.

فمن الممكن أن يكون ذلك الأمر من الأمور التي يمكن احتمالها لأي فرد من أفراد الجيش، أما بالنسبة إلى تشارلز فقد كان ذلك الأمر يتسبب له بكارثة كبيرة وهو من الأمور التي لا يمكن تحملها والصبر عليها، وفي تلك الأثناء بدأ يفكر في طريقة يتمكن بها من الحصول على الطعام الذي يكفيه لإسكات جوعه، إلى أن توصل في النهاية إلى أفضل حل من وجهة نظره، وهو أن يقوم بالدخول إلى الصفوف الأولى من الجيش في مجابة القوات الفرنسية، وأول ما اتخذ مكانه في الصفوف الأمامية للجيش البروسي على الفور استسلم أمام القوات الفرنسية.

وهنا استغرب أفراد القوات الفرنسية ذلك الأمر واستلمه واحد من الجنود الفرنسيين والذي يحمل رتبة رقيب، ولغرابة الموقف قام الرقيب الفرنسي بأمره بالقيام بطهي البطيخ، ولكن ما تفاجأ به الرقيب الفرنسي هو أن تشارلز بعد أن قام بطهي فاكهة البطيخ قام بأكلها على الفور.

وبعد أن شاهد الرقيب الفرنسي مدى القدرة التي يتمتع بها ذلك الفتى على الطعام، ولذلك قرر الرقيب أن يقوم بتقديم له كافة أنواع الأطعمة المحببة له، وبعد أن انتهى من تناول أشهى أنواع الأطعمة التحق بالجيش الثوري الفرنسي، وفي كل يوم كان يقضيه تشارلز بين أفراد القوات الفرنسية كان رفقاءه يندهشون حينما يشاهدوه يتناول الطعام بتلك الطريقة النهمة والشرهة، فقد كانت بالنسبة لهم من الأمور غير المعهودة بين صفوفهم، ولم يروا مثلها طوال حياتهم، وعلى إثر ذلك قاموا زملائه في يوم من الأيام بالعزم على منعه من تناول طعام أكثر من تلك الحصة التي يتم تخصيصها له.

وفي تلك الأثناء اضطر تشارلز إلى القيام بشراء بكامل راتبه الشهري وجبات طعام إضافية، إذ كان يعاني من الجوع لدرجة أنه وصل به الأمر إلى مطاردة القطط من أجل قتلها والقيام بأكلها، وبعد فترة وجيزة تناول ما يقارب مئة وأربعة وسبعون قطة، إذ كان يتناول لحومها ويترك العظم والجلد فقط، وفي الكثير من الأحيان كان يضطر إلى تناول كميات كبيرة من الرمال بشكل يومي حتي يتمكن من سد رمقه، ويعادل ما يأكله من الرمال كيلو غرام في اليوم، وحينما كان يشاهد هنا وهناك أي من المواشي والبقر يقوم بذبحها وتناول لحمها نيء بدون طهي، وعلى وجه الخصوص لحمة كبد البقر، ومن شدة شغفه باللحوم كان لا يمانع من تناول أي لحم حتى ولو كان من لحوم البشر.

وفي التسعينات من القرن السابع عشر حدث وأن استطاع الأسطول البحري التابع للمملكة المتحدة من فرض سيطرته واحتجاز واحدة من السفن التي تشتهر باسم السفينة هوتش والذي كان على متنها تشارلز، وقد كانت تلك السفينة في تلك اللحظات ترسو على واحد من السواحل التابعة إلى الجمهورية البولندية، وأول ما تم التمكن من السفينة تم احتجازهم في واحد من المخيمات القريبة من إحدى المدن والتي تعرف باسم مدينة ليفربول، وحينما رأوه الحراس بتلك القدرات الخارقة على الطعام شعروا بالشفقة على حاله وتم تقديم له حصص طعام إضافية.

ولكن هناك أصبح يتناول حتى أدوية السجناء، ومن الغريب في الأمر أنه لم تكن تظهر عليه من أي آثار جانبية تذكر، وفي يوم من الأيام تم عرضه على واحدة من اللجان الطبية والتي يترأسها طبيب يدعى ج. جونستون وطبيب آخر يدعى كوكورين، وفي تلك الأثناء كانا يقوما بإجراء العديد من التجارب عليه، وفي صباح أحد الأيام حينما أفاق من نومه تناول وجبة الإفطار بأربعة أرطال من لحم البقر دون طهي، وفي تمام الساعة التاسعة أي بعد مرور خمس ساعات تناول اثنا عشر قطعة من الشموع بالإضافة إلى أربعة أرطال أخرى من لحم البقر الني، وفي وقت الظهيرة تناول خمسة أرطال من اللحم الميت، بالإضافة إلى رطل من الشمع.

ومن الغريب في الأمر هو أنه لم يحدث له أي من الأعراض الجانبية أو مشاكل صحية، وبعد أن تم إجراء فحوصات على نبضات القلب كانت منتظمة، كما أنه لم يطرأ عليه أي تغير في درجات الحرارة، ولا يزال نهمه وشراهته غير معروفين سببهما، وكل ما توصل إليه الأطباء بعد العديد من الأبحاث هو أنه مصاب بحالة من فرط نشاط الغدة الدرقية، ولم يتم تدوين أي معلومات أخرى في السجلات الطبية الخاصة به، وفي منتصف القرن الثامن عشر اختفى تشارلز تمامًا عن الأنظار.

العبرة من القصة هي أنه الإنسان ينبغي عليه تناول حاجته من الطعام فقط، وما دون ذلك فإنه يعتبر شراهة، والشراهة تقود صاحبها إلى الأمراض والمشاكل الصحية في الكثير من الأحيان.

المصدر: كتاب روائع الأدب العالمي في كبسولة - حسين عيد - 2012م


شارك المقالة: