قصة القاتل نيلسون ذو الوجه الملائكي

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أحد المجرمين الذين ارتكبوا أعداد هائلة من الجرائم في الولايات المتحدة الأمريكية، ففي فترة ثلاثينيات من القرن التاسع عشر كانت الفترة الذهبية لظهور ملوك الجريمة وعصابات الإجرام الأمريكية.

قصة القاتل نيلسون ذو الوجه الملائكي

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في إحدى الولايات المتحدة وهي ولاية شيكاغو، حيث أنه في يوم من الأيام في بداية القرن التاسع عشر ولد الشاب نيلسون، وهو من الشباب الذي يحملون وجه ملائكي ويبدو أنه شخص بريء للغاية، ولكن حينما وصل نيلسون إلى مرحلة المراهقة أصبح من الأشخاص الذين يمتلكون ملف خاص لدى مكتب التحقيقات الفيدرالية، إذ بدأ في سن مبكر من تلك المرحلة السير في طريق الجريمة، وفي كل يوم كان يتجول مع واحدة من أشهر عصابات الأحداث في شوارع وطرقات المدينة.

وهذا الأمر أدى إلى دخوله إلى السجن للمرة الأولى في عام 1922م، وفي ذلك الوقت كان في سن الرابعة عشر من عمره، ثم انتهت حياته في عالم الجريمة من خلال تلقيه لرصاصات أودت بحياته وهو ما زال في سن الخامسة والعشرين من عمره، ولكن قبل أن ينتقل نيل إلى مثواه الأخير كان قد ترك بصمته وهو أنه من أشد القتلة قسوة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

إذ أوضح من خلال دفتر مذكراته الذي تركه خلفه أنه قبل أن يصبح شخص قاتل بدأ الخوض في عالم الجريمة من خلال القيام بسرقة إطارات السيارات ومن ثم تطورت معه الأمور حتى أصبح يقوم بسرقة السيارات، وكل ذلك كان حينما كان مبتدئ جديد في عالم الجريمة، إذ كانت تلك السرقات مجرد تمهيد لقيامه بأول عملية سطو مسلح صغيرة من وجهة نظره والتي قام بها في أوائل عام 1930م مع مجموعة من زملائه، وخلالها قام بمداهمة أحد المنازل التي تعود ملكيتها لواحد من أهم أصحاب المجلات الأثرياء وفي وقتها واستولوا على مجوهرات تبلغ قيمتها حوالي ثلاثة ملايين دولار.

كما أشار من خلال دفتر المذكرات أنه في وقت لاحق من ذات العام قام بعملية سرقة كمية كبيرة لكمية من المجوهرات التي كانت تعود ملكيتها إلى زوجة العمدة في المدينة، وفي ذات الفترة قام بأول عملية سطو مسلح كبيرة، وقد كانت على أحد البنوك في المدينة، ومنذ  تلك العملية بدأت عمليات السطو هي الشغل الشاغل لنيل، إذ تكررت عمليات السطو على البنوك عدة مرات بعد ذلك، ولكن كانت بصحبه عصابة تتضمن الخارجين عن القانون، وعلى الرغم من كثرة العمليات الإجرامية الكبيرة التي قامت بها تلك العصابة معه، إلا أن أفراد العصابة كانوا يطلقون عليه لقب صاحب الوجه الملائكي؛ وذلك بسبب مظهره الذي يظهره بمظهر رقيق وقامته القصيرة.

ومنذ ذلك اليوم الذي حصل به على ذلك اللقب سرعان ما بدأ بارتكاب العديد من الجرائم الأكثر دموية، ولكنه لم يكن بمفرده في تلك الجرائم، بل كانت معه سيدة شريكة في تلك الأعمال الإجرامية وتدعى هيلين، وهي ما كانت زوجته كذلك وبين تلك الجرائم كان هناك جريمة قام بها جراء لفت أنظار رجال القانون ومراسلي الصحافة والإعلام نحوه واعتباره واحد من أسوأ القتلة في الولايات المتحدة.

وبالفعل بعد مرور فترة من الوقت تم إصدار وثيقة بحق نيل أنه العدو رقم واحد في الولايات المتحدة حسب تصنيفات مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقد مرت العديد من السنوات وهو يحمل ذلك الرقم ولم يجرؤ أحد على القيام بما قام به نيل من بين المجرمين، وذات مرة تمكن وبرفقة مجموعة من أعضاء عصابته من قتل مجموعة من العملاء التابعين إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقد حدث ذلك خلال قيامهم بأداء مهامهم ووظائفهم، وبلغ عددهم ثلاثة عملاء لقوا حتفهم على يديه.

وذات مرة بعد أن ارتفعت أسهم سمعة المجرم الأول في عالم الجريمة جذبت سمعته تلك انتباه واحد من رجال العصابات ويدعى جون، فقد اتفاق بينه وبين نيل تتضمن الشراكة في الأعمال الإجرامية، وفي البداية كان يستخدمه من أجل القيام بسرقة مجموعة من البنوك مقابل منحه مبالغ مالية كبيرة، ولكن بالإضافة إلى تلك السرقات كان يقوم المجرم بالكثير من إسالة الدماء، فقد كانت هوايته التي تشغل فكره مدار الوقت.

فجون كل ما يطمح إليه هو السرقة والأموال، بينما نيل فقد كان يستمتع بإطلاق الرصاص ويقتل دون تردد، وفي يوم من الأيام وصل خبر إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي أن المجرم السفاح وصل برفقة زوجته ومجموعة من أفراد عصابة جون إلى واحدة من القرى التي تعرف باسم قرية ليتبل بوهيميا لودج، وتلك القرية كانت من القرى النائية التابعة إلى ولاية ويسكونسن، ولكن ما حدث هو أنه حينما وصل رجال مكتب التحقيقات إلى الموقع بدأت الكلاب بالنباح وهذا الأمر قد جعل رجال العصابة ينتبهون أن هناك أشخاص قد تسللوا من أحد الأبواب الخلفية تحت جنح الظلام.

وهنا شرع المجرم بالهرب إلى أحد المنازل القريبة وعلى الفور أمسك برهينتين من سكانه، وبعد لحظات وصل ثلاثة رجال من مكتب التحقيقات إلى المكان قبل أن يتمكن المجرم من الانتقال إلى مكان أخر، ففر نيل باتجاه سيارته والتي كان بجانبها سيارة المكتب وفي تلك اللحظة كان معه سلاحه وطلب منهم أن يغادروا سيارتهم على الفور، وقبل أن يمتثلوا للأمر بدأ في إطلاق الرصاص عليهم وقتل رجال ثلاثة منهم، ثم بعد ذلك هرب باستخدام سيارتهم.

وفي ذات الوقت واصل رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الآخرين إطلاق النار عليه، ولكن نجحوا رجال العصابة جميعًا في الهروب، وبعد مرور ما يقارب على اليومين تم إلقاء القبض على زوجة المجرم ولكنها تمكنت من الحصول على إفراج مشروط، وعلى الرغم من أن المجرم تمكن من الفرار من مدينة ليتل بوهيميا، إلا أنه تم الإمساك به وإلقاء القبض عليه بعد أشهر قليلة، ففي الساعات الأولى من صباح أحد الأيام وصل مجموعة من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى المكان الذي كان يمكث به وحاصروه من على بعد ستين ميلاً من مدينة شيكاغو، وكانت معه زوجته وأحد شركائه الذي يدعى بول.

وفي تلك الأثناء كان المجرم يقود واحدة من السيارات المسروقة على الطريق السريع، وفي ذلك الوقت بدأ رجال المكتب الفيدرالي في مطاردته، وتبادلوا إطلاق النار فيما بينهم وتمكنوا من إصابة ماتور السيارة التي يقودها فتعطلت سيارته، وحينما خرج منها وحاول رجال المكتب الفيدرالي اللحاق به فتح النار عليهم قبل أن يخرجوا من سيارتهم، مما جعله يصيب أحدهم وتوفي في اليوم التالي متأثرًا بجراحة، أما المجرم فقد تلقى سبعة وعشرين طلقة نارية في أماكن مختلفة في جسده وأخيرًا بعد مطاردة عنيفة لفظ المجرم ذو الوجه الملائكي أنفاسه الأخيرة في مساء ذات اليوم في مدينة ويلمين التابعة إلى ولاية إلينوي.

المصدر: كتاب ألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي - عباس محمود العقاد - 1963م


شارك المقالة: