قصة الوفاة الغامضة لالسا لام

اقرأ في هذا المقال


تناولت القصة في مضمونها الحديث حول أشهر القضايا التي أثارت الرأي العام لفترة طويلة، والتي شابها الغموض ونسجت حولها عدد كبير من الأساطير ولم يتم التوصل إلى حل جذري ونهائي بها حتى يومنا على الرغم من مرور عدة سنوات على وقوعها والتطور الكبير في أدوات البحث الجنائي والطب الشرعي، وعلى وجه الخصوص بين هؤلاء الأشخاص الذين يؤمنون بالخوارق والأمور الخارجة عن الطبيعة، وربما السبب في الاعتقاد بأن وراء هذه الحادثة هو ظاهرة غير طبيعية، بسبب المكان الذي وقعت به الحادثة.

قصة الوفاة الغامضة لالسا لام

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى وجه التحديد في مدينة لوس أنجلوس، حيث أنه في تلك المدينة كان هناك عدد من الفنادق، ولكن واحد من بين تلك الفنادق كان مميز عن غيره؛ ولك لأنه استضاف عدد من المتسللين المجرمين، والذين قاموا بالعديد من الجرائم التي أثارت ضجة في البلاد وشغلت الرأي العام من شدة بشاعتها ووحشتها، وفي يوم من الأيام كانت هناك فتاة تدعى السا، وتلك الفتاة كانت على مقاعد الدراسة الجامعية قادمة من دولة كندا وقد التحقت في إحدى الجامعات في مدينة لوس أنجلوس، كما كانت تلك الفتاة تعود جذورها إلى دولة الصين، وهذا ما جعل قضيتها تشغل رأي ثلاثة من الدول العظمى في البلاد.

وأول ما وصلت السا إلى تلك المدينة رغبت ذات يوم في القيام برحلة وجولة سياحية إلى المناطق الجميلة في الولايات المتحدة وأول ما بدأت رحلتها السياحية كانت إلى عدد من مدن الساحل الغربي للولايات، وفي تلك الرحلة كانت بمفردها ولا يوجد أحد إلى جانبها لا من عائلتها ولا من زملائها، وبعد أن مضت السا في تلك المناطق ما يقارب خمسة أيام كان من المقرر أن تقوم بمغادرتها والتوجه إلى مدينة أخرى تعرف باسم مدينة سانتا كروز.

وفي أحد الأيام بينما كان والداها ينتظران مكالمتها الهاتفية اليومية المعتادة للاطمئنان عليها ومعرفة ما قامت به وجرى معها من أحداث في ذلك اليوم، ولكن ما أثار قلق عائلتها أنها لم تتصل معهم كعادتها في ذلك اليوم وحينما حاول والداها الاتصال بها فشل اتصالهما، وبعد عدة ساعات من المحاولة قامات والداها بالاتصال بالمركز الأمني التابع إلى مدينة لوس أنجلوس وقد أبلغا عن اختفاء ابنتهما.

وأول ما قامت به عناصر المركز الأمني هو أنهم توجهوا إلى الفندق الذي كانت تقيم به السا، وحينما سألوا عنها العاملين به أخبروهم أن تلك الفتاة كانت بمفردها في صباح يوم اختفائها، ومن ثم تم التوجه إلى أقرب متجر من ذلك الفندق، والذي بدوره أخبرهم صاحب المتجر أنها جاءت إليه في صباح اليوم وكانت مفعمة من شدة الحيوية والنشاط، كما أنها كانت سعيدة للغاية وقامت بشراء العديد من الهدايا لكافة أفراد عائلتها.

وفي لحظة من اللحظات عادت عناصر الشرطة من أجل النظر إلى كاميرات المراقبة وفحصها في كافة أرجاء الفندق، ومن خلالها ظهرت السا لآخر مرة، وقد كانت حينها داخل أحد المصاعد وبدت أنها تتحدث إلى شخص ما، ولكن ذلك الشخص لم يكن موجود من الأصل، وقد تم تفقد الكاميرات لمرات عدة، ولكن لم يكن هناك أي شخص، ثم تبين أنها خرجت من المصعد وقامت بعمل إشارات وحركات غير مفهومة، وبعد ذلك عادت ودخلت مرة أخرى إلى المصعد واستمرت في الكلام والقيام بحركات وإشارات لم يفهموا منها أي شيء على الإطلاق، وفي النهاية خرجت من المصعد واختفت عن الأنظار تماماً ومنذ تلك اللحظة لم تظهر في أي مكان أبداً.

وفي تلك الأثناء ما كان أمام عناصر الشرطة سوى أن تلجأ إلى استخدام الكلاب البوليسية والبحث في كافة الأماكن القريبة من الفندق من جميع الاتجاهات لدرجة أنهم صعدوا إلى سطح الفندق، ولكن كافة محاولات البحث باءت بالفشل، إذ لم يتم التوصل إلى أي اثر لها، وبعد مرور ما يقارب على الأسبوعين على اختفاء السا قدم إلى الفندق اثنان من السياح من دولة بريطانيا، وبعد لحظات من تواجدهم في الفندق اتصلوا بالإدارة وأخبروهم أن هناك مشكلة موجودة في صنابير المياه في غرفتهما، وحينما قامت الإدارة بالتواصل مع المختصين بأعمال الصيانة في الفندق وتوجه مجموعة منهم إلى تلك الغرفة أشاروا لهم البريطانيون أن المياه في الصنابير تخرج منها مياه ملوثة وبشكل متقطع.

وحينما توجه أحد عمال الصيانة إلى خزانات المياه التابعة إلى تلك الغرفة والموجودة على أعلى السطح صدم عامل الصيانة بما رأته عيناه، إذ شاهد فتاة موجودة داخل خزانات المياه، وقد كان يبدو أن تلك الفتاة متوفية ولا يوجد بها أي أنفاس، وهنا على الفور قام بإبلاغ الإدارة والذين بدورهم قاموا بإبلاغ المركز الأمني، وبعد وصول عناصر الشرطة تم استدعاء سيارة الإسعاف وسرعان ما تم نقل الجثة إلى المستشفى، وبعد تشريح الجثة وفحصها من قِبل أطباء الطب الشرعي تبين أن مواصفاتها تتطابق مع مواصفات الفتاة الجامعية المفقودة.

ولكن ذلك الأمر قد أثار دهشة واستغراب الجميع؛ وذلك لأن خزانات المياه الخاصة بالفندق كانت مغلقة بشكل محكم للغاية باستخدام مسامير خاصة، كما أنه لم يكن هناك أي سلم موجود يسمح لأي شخص بتسلق الخزان؛ وذلك لأنه ذات حجم ضخم يفوق ارتفاعه المترين والنصف، وهذا الأمر قد يجعل من الصعب على أي شخص الصعود أعلى الخزان وفتحه، فقد كان من يمكنه الوصول إليه هم فقط عمال الصيانة، إذ أن كافة الأدوات الخاصة بهذا الأمر موجودة في حوزتهم، وقد تفقدوها جميعهم ولم يكن قد نقص شيء منها.

وفي ذلك الوقت رأوا عناصر الشرطة أن يتوجب اللجوء إلى الطب الشرعي وتشريح الجثة؛ وذلك خوفاً من وجود شبهة جنائية لتلك الفتاة، وبعد أن تم تشريح جثة السا توصل الأطباء إلى أن الوفاة قد حدثت جراء التعرض لحادثة غرق، ولا يوجد ما يشير إلى وجود أي شبهة جنائية بالأمر، وفي تلك اللحظة دارت الشكوك حول أن السا كانت تحت تأثير الكحول وقت وقوع الحادثة، وما زاد من تلك الشكوك هو الفيديو الذي ظهرت به السا في المصعد، وبعد أن تم إجراء الفحص تبين أنه لا يوجد هناك أي أثر للمخدرات أو الكحوليات في جسدها، وهذا الأمر زاد من حدة الغموض في القضية.

وفي النهاية تم إنهاء التحقيقات وإغلاق القضية وتم تدوين سبب الوفاة على أنه حادثة غرق أو حادثة انتحار، ولكن في تلك الأثناء كانت قد أثارت تلك القضية وشغلت الرأي العام لفترة من الوقت، وقد أشار ممن يؤمنون بوجود الخوارق الطبيعية أن هناك شيئًا خارج عن الطبيعة وراء مقتل الفتاة الجامعية.

المصدر: كتاب ألوان في القصة القصيرة من الأدب الأمريكي - عباس محمود العقاد - 1963م


شارك المقالة: