قصة جريمة الأخوات بابين

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول شقيقتان ارتكبن جريمة قتل لعائلة سيد المنزل بأكملها، وتلك العائلة قد احتوتهن وقدمت لهن كافة سبل الراحة في فترة عملهن عندهم، وقد بررت تلك الجريمة بأنه بسبب وقوع علاقة بين كل من سيد المنزل وإحداهن وأن العائلة تقف كعائق بينها وبين سيد المنزل.

قصة جريمة الأخوات بابين

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة فرنسا وعلى وجه التحديد في المناطق الشمالية الغربية في واحدة من المدن التي تعرف باسم مدينة لومان، وتلك المدينة كان معروف عنها بأنه يجري بها العديد من السباقات لسيارات الرالي، وقد كان ذلك السباق من السباقات الشهيرة التي يشيع صيته في كافة أرجاء المنطقة وهو يحدث مرة في كل عام، وعند النظر إلى تاريخ المدينة كان ما هو معروف عنها أنها قد مر عليها وسكن فيها مجموعة من الطبقات الأرستقراطية والكهنة الموسيقيين المشهورين حول العالم، ولهذا كانت تتمتع المدينة بسمعة طيبة.

ولكن ما حدث في يوم من الأيام وصل إلى تلك المدينة فتاتان شقيقتان، الأكبر تدعى كريستين والثانية تدعى ليا، وقد كانت تلك الفتاتين بمثابة نذير شؤم للمدينة؛ وذلك جراء أنهن قمن بجريمة قتل بحق عائلة صاحب المنزل الذي كنّ يعملان به في الربع الأول من القرن التاسع عشر، وقد كانت الشقيقتان لإحدى العائلات المصابة بحالة من الاضطراب وتقيم في مدينة لومان، والدتهما تدعى كليمانس ديري وكان والدهما يدعى غوستاف.

في بداية حياة تلك العائلة كان هناك العديد من الشائعات التي انتشرت حول السيدة كليمانس، إذ أنها قبل زواجها من السيد غوستاف كانت على علاقة عاطفية مع رئيسها في مكان عملها والذي كان في ذات المدينة، ولكن على الرغم من كافة تلك الشائعات إلا أن السيد غوستاف قد وقع في حبها، وفي أحد الأيام طلب يدها للزواج، وبعد فترة وجيزة من إقامة حفل الزفاف في تلك المدينة حملت السيدة كليمانس على الفور وأنجبت الطفلة إيميليا.

وبعد مرور عامين بدأ السيد غوستاف في الشك حول أن العلاقة بين زوجته ومديرها في العمل قد عادت من جديد، ولذلك قرر على التقدم في طلب وظيفة خارج المدينة؛ وذلك حتى يبتعد بزوجته عن مسؤولها في العمل وقطع علاقتها به، وبعد أن جاءته الموافقة على الفور قام بتجهيز أغراضه وطلب من زوجته أن تحزم أغراضها من أجل الانتقال بشكل أبدي من تلك المدينة.

وفي ذلك الوقت حينما سمعت زوجته بذلك القرار والذي كان مفاجئ لها ونزل على مسامعها كالصاعقة أشارت إليه أنه سوف تقوم بالانتحار في حال أصر على قراراه في الانتقال، وهنا بدأت الشكوك تزداد في ذهن السيد غوستاف، وعلى إثر ذلك قام بتهديد زوجته بأنه سوف يقوم بقتل نفسه معهم جميعاً في حال لم تستجيب إلى طلبه وتنتقل معه إلى المدينة الأخرى، وهنا استسلمت السيد كليمانس إلى أمره وخشيت من أن يقدم على ذلك وشعرت بالخوف على ابنتها، فقامت بحزم أغراضها وأغراض طفلتها وانتقلت معه للبدء في حياة جديدة.

ولكن في تلك المدينة الجديدة أصبحت العلاقة متوترة ومتقلبة وفي كل يوم كانت المشاجرات والخلافات تزاد أكثر فأكثر، ومن شدة تأثير تلك الحياة المضطربة على السيد غوستاف لجأ إلى تناول الكحول يوماً بعد يوم، إلى أن أصبح من المدمنين عليها ولا يقوى على الابتعاد عنها، وبعد مرور عدة سنوات وأصبحت ابنته إيميليا تبلغ عامها التاسع قام والدها بإرسالها إلى إحدى دور الأيتام، والتي كانت تشتهر باسم دار بون باستور الكاثوليكية، وأول ما التحقت إيميليا في تلك الدار تم إجراء عدة من الفحوصات لها وقد تبين أنها تعرضت إلى حادثة اعتداء، وحينما تم الاستفسار حول الأمر تبين أن من اعتدى عليها هو والدها، ومن هناك انتقلت إلى الدير لتصبح راهبة، وخلال تلك الفترة كانت والدتها قد أنجبت طفلتين.

كانت الطفلة الأولى هي كريستين، وحينما وُلدت كانت حياتهم صعبة للغاية؛ وذلك قررت أن تبعثها لتقيم في منزل عم والدها والذي لم يرزق بأطفال، وقد بقيت كريستين في ذلك المنزل لمدة تقارب السبع سنوات، ثم بعد ذلك تم إرسالها إلى دار الأيتام كذلك حالها كحال شقيقتها السابقة، ومن هناك أرادت كريستين أن تلتحق بالدير من أجل أن تصبح راهبة، إلا أن والدتها عارضت ذلك الأمر وبشدة، وأشارت إليها أنه ينبغي عليها أن تقوم بالعمل ومساعدتها في مصاريف الحياة.

لقد كانت شخصية كريستين مختلفة تماماً عن شخصية شقيقتها الأصغر حيث أنها أكثر انفتاحاً وتتمتع بشخصية أقوى، وفي الكثير من الأحيان كان يصفونها الناس الذين تعمل لديهم أنها فتاة وقحة على العكس تماماً من شقيقتها ليا التي كانت لطيفة على الرغم من أن فارق السن بينهم كبير، ومن المفروض أن تكون كريستين أوعى وأدرك للأمور، إلا أن على الرغم من ذلك كانت ليا على الرغم من أنها قليلة الذكاء، إلا أنها فتاة خجولة وهادئة ومنطوية ونشأت في دار أيتام حتى بلغت الخامسة عشر من عمرها.

وفي يوم من الأيام بدأت كل من كريستين وشقيقتها العمل بوظيفة في أحد المنازل في تلك المدينة، وفي ذلك المنزل كانت الفتاتان محظوظتين في الحصول على تلك الوظيفة، حيث أنه يعود إلى عائلة السيد لا نسلان، وتلك العائلة مكونة من الأب وهوما يعمل في مجال المحاماة لدى إحدى الشركات الكبيرة وتقاعد منها منذ فترة وجيزة وزوجته وابنتيه، وأول عملهن لدى تلك العائلة كانت كريستين تهتم بأمور الطعام والطهي وليا تهتم بأمور تنظيف وترتيب المنزل، كانت الفتاتان تذهبان للكنيسة باستمرار ولكن كان مما هو معروف بأنهن غير اجتماعيتين.

وفي كل يوم كان لدى الفتاتين استراحة لمدة ساعتين بعد وجبة الغداء يذهبن بها إلى أي مكان يردن، ومضين على تلك الحال سنوات عدة، ولكن في يوم الجريمة بدل من أن يخرجن إلى الأسواق والتجول في المدينة قررن المكوث في غرفتهن المخصصة لهن، وفي ذلك الوقت كان يبلغ كرستين من العمر السابعة والعشرين من عمرها وليا الواحد والعشرون، وحينما عادت صاحبة المنزل وجدت أن المطبخ غير نظيف على الإطلاق.

وحينها قامت بتوبيخ كريستين، وجراء توبيخها شعرت كريستين بالإهانة وعلى الفور توجهت إلى المطبخ وأحضرت مطرقة وسكين حادة وضربت صاحبة المنزل وابنتيها بكل حدة وتوحش، وأول ما وصل السيد لا نسلان المنزل كان باب المنزل مغلق كما كانت الإضاءة مغلقة والظلام في كل مكان باستثناء وهج خافت بسيط، بدأ الأمر وكأن هناك شيء مريب يحدث، وهنا اتصل السيد لا نسلان على الفور بمركز الشرطة.

وبعد أن وصلت عناصر الشرطة ودخلت إلى المنزل صعدت السلالم وكان المنظر الذي شاهدوه مريب للغاية، إذ أن الإصابات في منطقتي الرأس والوجه وكانت الساقين ممزقة بالسكين والعينين مقتلعة من مكانها، وقد كانت تلك الجريمة مروعة جدًا وتم إلقاء القبض على الشقيقتين، وفي النهاية أشارت كريستين إلى أنها كانت تربطها علاقة غرامية مع السيد لا نسلان، وهذا ما دفعها للانتقام من زوجته وابنته اللواتي كن يقفن كعائق في طريق زواجها منه.

المصدر: كتاب قصة الأدب الفرنسي - أمينة رشيد - 2015م


شارك المقالة: