قصة رامي والشجرة

اقرأ في هذا المقال


الطبيعة من أجمل ما خلق الله، ولكن مع تقدّم الزمن بدأ الناس يقومون بقطع الأشجار، واستبدالها بالمباني والمصانع، سنحكي في قصة اليوم عن حكاية الشجرة المعطاءة مع صديقها رامي، وكيف أن الزمن قد غيّرها وغيّر رامي وأسباب سعادته.

قصة رامي والشجرة

في إحدى المزارع توجد شجرة كبيرة وشامخة، وأوراقها تميل مع الهواء، بالإضافة لأغصانها السميكة والطويلة، كانت تلك الشجرة مميّزة بحجمها وبجمالها؛ حيث تأتي كل الطيور وتقف على أغصانها، وتبدأ بالتغريد والزقزقة بكل مرح وسرور، وكان هنالك ولد اسمه رامي يبلغ من العمر عشرة أعوام، كان كلّما يعود من المدرسة يأتي ويجلس تحت تلك الشجرة ويأكل من ثمارها اللذيذة.

كان رامي يتحدّث مع تلك الشجرة لساعات طويلة، كان يسرد لها كل ما يحدث معه في المدرسة ومع أصدقائه، حتّى إنّه كان يحكي لتلك الشجرة عن أحلامه وطموحاته المستقبلية، وكانت تلك الشجرة سعيدة بحديث رامي كثيراً، وتشعر بأنّه صديق لها، وكان رامي عندما يكمل حديثه مع الشجرة يقوم بقطف الأوراق وصناع شكل التاج.

كان رامي يضع التاج على رأسه ويصعد فوق أغصان الشجرة ويبدأ ينظر للإطلالة الجميلة من فوق الأغصان، ويقول في نفسه: يا لها من إطلالة جميلة أراها من فوقك أيّتها الشجرة، فالبحيرة التي تلمع تحت أشعّة الشمس، ومنظر الغروب يجذب الناظرين، أتمنّى أن أبقى هنا، والشجرة الكبيرة كانت تردّ وتقول: أنا أشعر بسعادة كبيرة بتلك المناظر، وأشعر بسعادة أكبر لأنّك معي يا رامي.

مرّت عدّة سنوات ورامي والشجرة على هذا الحال؛ فكانا مثل الأصدقاء الأعّزاء الذين يتقابلون كل يوم، ولكن جاء يوم وكبر رامي وأصبح له العديد من الأصدقاء؛ لذلك قلّ ما كان يأتي ويزور تلك الشجرة، بل كان يقضي معظم أوقاته في اللعب مع أصدقائه، شعرت الشجرة بالحزن لهذا الشيء لأنّها افتقدت رامي الذي كان قد اعتاد أن يزورها ويقضي معها الأوقات كل يوم، حتى أنّه جاء وقت وصارت الشجرة تشعر بالوحدة.

وبعد مدّة من الزمن جاء رامي لزيارة الشجرة؛ فشعرت تلك الشجرة بالفرح الكبير لقدوم رامي لها، وكأنّها لم تره منذ دهر طويل، وعندما اقترب منها رامي ليطمئنّ عليها قال لها: هيا يا رامي اصعد فوق أغصاني كما كنت تفعل ذلك من قبل، وتأرجح وغني وحدّثني عن نفسك، قال رامي للشجرة: ولكن أنا الآن كبرت ولا أستطيع أن أصعد فوق أغصانك، قالت له الشجرة: انظر إلى منظر غروب الشمس الذي تحبّه، قال لها رامي: ولكن أنا منشغل بشيء آخر.

نظرت الشجرة لرامي وقالت له: لماذا أنت حزين هكذا؟ قال لها رامي: لقد كنت أنشغل بمنظر الغروب، أمّا الآن فيشغلني كيف سأجمع المال، المال هو ما يسعدني الآن، شعرت الشجرة بالحزن لحال رامي فقالت له: حسناً يمكنك أن تقطف ثمار التفاح وتقوم ببيعها في السوق، وبذلك ستحصل على المال الذي تريد، فرح رامي بهذا الاقتراح وبدأ بقطف التفاح كي يذهب ويبيعه في السوق.

حزنت الشجرة مرّةً أخرى لأنّ رامي غادر المكان ولم يعد، وظلّت تنتظر أن يزورها، وفي يوم من الأيام عاد رامي لزيارة الشجرة مرّةً أخرى؛ فاهتزّت الشجرة من شدّة فرحتها وقالت لرامي: هيا تعال وتسلّق أغصاني لكي ترى ما يسرّك، قال لها رامي: ليس لدي وقت؛ فأنا قد تزوّجت الآن ولدي زوجة وأطفال، قالت له الشجرة: ولماذا تبدو حزيناً؟ قال لها رامي: أنا أفكّر في كيفية بناء منزل لأسرتي، وهذا ما سيجعلني سعيداً.

شعرت الشجرة أنّها تريد مساعدة رامي، فقالت له: لا أملك منزلاً ولكن يمكنك أن تأخذ أغصاني وتكسرها وتبني منها منزلاً لك، فرح رامي بتلك الفكرة، وأخذ أغصان الشجرة ليبني منزلاً لأسرته، ظلّت بعد ذلك الشجرة وحيدة تنتظر زيارة رامي، وعندما تأتي الطيور تغرّد فوقها، كانت الشجرة تسألهم عن رامي، فيجبونها بأنّهم لا يعرفون عنه أي شيء.

ولكن مع مرور الوقت كانت المناظر الجميلة التي تراها تلك الشجرة قد بدأت تختفي عن الأنظار، وصار مكانها العديد من المباني والمصانع، فلم يعد هنالك مروج خضراء، ظلّت الشجرة وحيدة في المكان تنتظر رامي، وعندما كبر رامي كثيراً جاء لزيارة الشجرة وقال لها: أنا حزين وأريد أن أسافر لمكان آخر، أتمنّى لو أنّني أستطيع الحصول على مركب، قالت له الشجرة: قم بقطع الأخشاب مني واصنع منها مركباً لك.

قطع رامي الشجرة وصنع له مركباً وسافر إلى مكان بعيد، وبعد مدّة من الزمن عاد فلم يجد أي أشجار، ما عدا الشجرة التي أعطته خشبها كانت تجلس وحيدة تنتظر قدومه، عندما وجدها جلس واستند عليها وفرح بها وقال: أنا لم أجد السعادة إلى الآن أيّتها الشجرة، ليتنا نعود كما كنا، نستمتع بالخضار ومناظر الطبيعة، فليس هنالك أجمل من الهواء النقي، ظلّ رامي يتحدّث مع الشجرة عن ذكرياتهما القديمة وهم سعداء، ويتمنّون لو أن الزمن يعود.

المصدر: مدخل الى قصص وحكايات الاطفال/كمال الدين حسين/1996قصص الاطفال ما قبل النوم/ياسر سلامة/2018قصص أطفال عالمية مترجمة/توفيق عبدالله/2010قصص وحكايات/مجموعة مؤلفين/2021


شارك المقالة: