قصة زفاف الأميرة

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أميرة كان يسيطر عليها الطمع والجشع، مما جعلها ترفض الشخص الذي اختاره لها والديها للزواج ولم تأخذ بنصيحتهما، وسارت خلف جشها وطمعها الذي قادها نهاية مأساوية.

الشخصيات

  • الأميرة
  • الملك
  • الملكة
  • زوج الأميرة
  • الخادمات

قصة زفاف الأميرة

في يوم من الأيام في إحدى المدن كان يقام هناك احتفالات من أجل حفل زفاف أمير وأميرة، وكانت تلك الاحتفالات مستمرة على مدار ثلاثة أيام، كانت في ذلك الوقت الأميرة وتدعى يا متحمسة للغاية لهذا الزواج من الأمير، حيث أنها في ذلك الاحتفال سوف تكون مركز الاهتمام المطلق.

ومن أجل الاستعداد لاحتفالات الليلة الأولى قامت الخادمات بتزيين أميرتهن بمجوهرات ذهبية وخرز ورسومات دقيقة بالحبر على بشرتها، وفي لحظة من اللحظات ناشدت إحدى الخادمات الأميرة العروس وقالت لها: من فضلك قل لنا كيف تشعر حيال زوجك المستقبلي، وهنا ردت الأميرة وقالت: إنه رجل لطيف يمكن التنبؤ به وسوف يكون زوجاً صالحاً، وهو أكثر ميلاً إلى المغامرة، كما أنه لديه مظهر لائق، وأضافت الأميرة بابتسامة يعلوها الشر وقالت: من يدري قد ينتهي بي الأمر في حب زوجي المسكين يومًا ما، يسعدني الآن أن أوافق عليه لأنه سوف يهتم بي، إنه لأمر مؤسف أنه لن يكون قادرًا على تحقيق جميع رغباتي؛ وذلك لأن عائلته ليست بنفس ثراء عائلتي.

وهنا سألت خادمة أخرى وقالت: يا أميرتي ماذا سوف تفعلين بدون ذهبك وخرزك وأحجارك الكريمة؟ وهنا ضحكت الأميرة وقالت: سوف أجد معجبًا ثريًا من المدينة، فهناك الكثير من الحياة المملة ليس ممكن أن تعيشها فتاة جميلة مثلي، وفي تلك اللحظة بدأت جميع الخادمات في الضحك؛ وذلك لأنهن كن يعرفن أن أميرتهن كانت بالفعل شقية للغاية وسوف تفعل بالتأكيد كما قالت من وراء ظهر زوجها المسكين.

وفي اليوم الثالث جاء موعد حفل الزفاف، وفي ذلك اليوم كانت الأميرة لا تزال مستاءة قليلاً من محادثة أجرتها مع والديها في الليلة السابقة، إذ طلبت من والدها أن يدعم زوجها الجديد بالأموال حتى يتمكن الشاب من شراء المزيد من المجوهرات لها، ولكنه رفض، وأكد لابنته أن الثروة ليست أهم شيء في العالم.

وفي لحظة من اللحظات نظرت الأميرة في المرآة إلى تزيينها بأرقى الجواهر، ثم نظرت من حولها إلى غرفتها الفاخرة ذات الحرير الناعم والمفروشات باهظة الثمن، وقد اتضح لها أنها سوف تضطر إلى ترك كل هذا الترف خلفها، ولم يكن زوجها المستقبلي فقيرًا، لكنه لم يكن ثريًا بشكل كبير إلى درجة أنه بإمكانه الاحتفاظ بها في الرفاهية التي اعتادت عليها في قصر والدها، وهنا أخذت تفكر الأميرة الجشعة وقالت في نفسها: لو أنه جاء رجل ثري وأنقذني من تلك الحياة المملة التي تنتظرني.

وفي ذلك اليوم بدأ القرويون يتجمعون لرؤية الأميرة الجميلة تتزوج، كان بعض القرويين سعداء لأنهم علموا أن الملك والملكة كانا يزوجان ابنتهما الوحيدة لسبب وجيه وليس فقط من أجل الثروة، وآخرون لم يكونوا سعداء جدًا؛ وذلك لأنهم رأوا أن الأميرة يجب أن تتزوج رجلًا مهمًا وثريًا من شأنه أن يساعد في وضع قريتهم على الخريطة والاعتراف بها دوليًا.

ساد الصمت والترقب بين الحشود حيث بدأت الأميرة الجميلة في السير في الممر نحو زوجها المستقبلي، ثم انكسر الصمت بفعل صوت اقتراب الخيول، إذ نظرت القرية بأكملها نحو الخيول عندما توقفت، وعلى الحصان الرئيسي كان يجلس هناك شاب وسيم ويرتدي مجوهرات لامعة ويتزين بأجود أنواع الأقمشة، كما أن حذائه كان مصنوع من الحرير الخالص، وسترته مصنوعة من المخمل الغني المرصع بالألماس والياقوت الثمين.

سار ذلك الغريب الوسيم باتجاه الحشود وعرّف عن نفسه بأنه أمير من قرية بعيدة، وقال جئت لأطلب من الأميرة يدها للزواج، لقد سافرت لمدة يومين وليلتين فقط لأصل إلى هنا قبل منحها لشخص آخر، وهنا تقدم الملك وفحص الغريب عن كثب، وقال الملك: أنا متأكد من أنك ما تقوله أنت أيها الشاب صحيح، ولكن لا يمكنني إعطاء يد ابنتي لشخص غريب تمامًا، لقد وُعدت بآخر وسوف تتزوج منه هذا اليوم.

وفي تلك الأثناء حينما رأت الأميرة ذلك الغريب الوسيم يرتدي كل تلك الأشياء الثرية، سألت الأميرة على الفور عما إذا كان بإمكانها الحديث مع والديها على انفراد، وهنا ترك القرويون يفكرون فيما قد سوف يحدث، إذ لا أحد يعرف كيف سوف ينتهي هذا الحفل، أخيرً عادت الأميرة والملك والملكة، وحينها أعلن الملك أن الأميرة تعتزم الزواج من الغريب الوسيم بدلاً من الزوج المختار لها، وفي تلك الأثناء احتج عدد من زعماء القرية على مثل هذا القرار، كما أعلن الملك أنه إذا غيرت ابنته رأيها ووافقت على الزواج من الرجل الذي اخترناه لها، فسوف يتم ذلك بمباركة منه والقرية بأكملها، لكن إذا كانت عنيدة وأصرت على قرارها في الزواج من هذا الغريب الذي لا نعرف عنه شيئًا، فسوف يتم طردها من المملكة وتجبر على تكوين ثروتها بنفسها.

وفي تلك اللحظة شعرت الملكة بالحزن الشديد وناشدت ابنتها أن تتراجع عن قرارها والزواج من الرجل الذي اختاره لها، لكن الأميرة كانت قد اتخذت قرارها وعقدت العزم على الزواج من الغريب الوسيم، معتقدة أنه كان بالفعل أميرًا ثريًا من أرض بعيدة، وتم الزواج بمراسم حزينة دون مباركة الملك وشيوخ القرية.

وبعد أن انتهى الحفل أمر الملك برفقة ابنته وزوجها الجديد إلى حافة المملكة برفقة خادماتها المخلصات فقط، خلال هذه الرحلة الكئيبة من القرية بدأت خادمات الأميرة في الغناء في جوقة من الأصوات الناعمة، وعند اقتراب الموكب من حافة المملكة، لوحت الأميرة لخادماتها وودعتهن، ثم عبرت هي وزوجها الجديد برفقة العديد من خدمه النهر على ظهور الخيل وبدأوا رحلتهم، وبعد أن سافروا لساعات عديدة، تعبت الأميرة وشعرت بالجوع وهنا قالت لزوجها: فلنستريح قليلاً وليأتي عبيدك ببعض الماء؟ وهنا رد عليها زوجها: أي عبيد؟ فنظرت الأميرة من حولها وأدركت أن الخدم قد اختفوا تماماً، وأنهما الاثنان فقط الآن يركبان بمفردهما.

وهنا قال الأمير: لا تقلقي سوف نصل المنزل قريباً، وواصلت الأميرة رحلتها مع زوجها الجديد وسرعان ما وجدت نفسها تسير في غابة من الأشجار العالية، كانت تلك الغابة باردة ومظلمة ومنذرة بالسوء، ولم تسمح إلا بقليل من ضوء الشمس عبر المظلة السميكة أعلاه، وفي لحظة ما قال الأمير: لقد وصلنا إلى المنزل أخيراً، ولكن لم يكن هناك شيء سوى الأشجار في كل مكان وكانت الأميرة في حيرة من أمرها وقالت: لا أستطيع رؤية أي شيء، حينها نزل زوجها الجديد عن حصانه وابتسم ابتسامة يعلوها الشر وقال: من المضحك أنك لم تسألني أبدًا عن اسمي، لكنك وافقت على الزواج مني، من يتزوج رجلا لا يعرف عنه شيئاً؟

وفي تلك اللحظة حاولت الأميرة الحفاظ على هدوئها رغم أنها كانت متوترة وقالت: عرفت أنك كنت الرجل بالنسبة لي منذ اللحظة التي رأيتك فيها، فرد عليها بقوله: أعتقد أنك أردت فقط الزواج مني بسبب مظهري الخارجي ومظهري ثرواتي، لقد تزوجت لأسباب سطحية وليس من أجل الحب.

وفي تلك الأثناء كانت الأميرة عاجزة عن الكلام بينما استمر زوجها في السخرية منها وإلقاء محاضرات عليها، وقال: أنا لست الرجل الذي تعتقدين يا أميرة، في الحقيقة أنا لست رجل على الإطلاق، وإنما أنا ذئب، وحينما يرتفع البدر سوف أعود إلى وضعي الحقيقي كذئب وسوف تتحولين معي، وسوياً سوف نعيش في هذه الغابة، هل رأيت يا عزيزتي الأميرة أن ليس كل ما يلمع ليس ذهبًا، كان من الحكمة أن تستمعي لوالديك وشيوخ القرية الذين لديهم خبرة أكثر منك، ولكن كانت عيناكِ تبحث دائمًا عن شيء أفضل، ولا تكتفي أبدًا بما لديك، هذا ما أتى بك إلى هنا، وهذا هو مصيرك، وأخيراً أخذت الأميرة بالبكاء طوال الليل على ما جلبته لنفسها بسبب عصيانها وطمعها.

العبرة من القصة هي أن المظاهر هي أكثر ما تكون خادعة للنظر، ففي الكثير من الأحيان يكون المظهر لامعاً وبراقاً، ولكن الداخل يكون فارغ لا يسوى شيئاً.

المصدر: كتاب قصص وحكايات خرافية - هانس كريستيان أندرسن - 2006م


شارك المقالة: