قصة فيرتيجو Vertigo Story

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر الفوبيا أكثر الأشياء المرعبة التي قد تصيب الإنسان، فهي حالة خوف تصيب الشخص وقد تؤدي به إلى عدم إدراك أي شيء يدور حوله في تلك اللحظة التي تنتابه تلك الحالة، تماماً كما حدث ما بطل القصة، تابع معنا عزيزي القارئ القصة للنهاية لنرى ما حدث.

قصة فيرتيجو

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى وجه التحديد في إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة سان فرانسيسكو، حيث أنه في يوم من الأيام كان يقطن في تلك المدينة أحد المخبرين ممن كانوا يعملون في مجال القطاع الخاص، وقد كان ذلك المخبر يعرف باسم توماس يبلغ من العمر الثلاثة والأربعين عاماً، فعلى الرغم من أنها كان له باع طويل في التحريات والبحث حول الجرائم، إلا أنه كان لديه حالة مرضية تتجسد في أحد أنواع الخوف.

وقد كانت تلك الحالة تصيبه في حال قام بالصعود إلى مكان مرتفع، أو في حال قام بالصعود على أحد السلالم العالية، وفي هذه الحالة كان يصيبه في البداية دوار رهيب يجعله في الكثير من الأحيان يغمى عليه لفترة ويبقى أيام فاقداً للوعي، وحينما كان يصاب بتلك الحالة كان يشعر بأنه ارتفع عن سطح الأرض وهاج بالهواء.

ومع مرور الوقت وازدياد تلك الحالة معه تسبب ذلك الأمر في ارغامه على الاستقالة من عمله، إذ رأى أن صحته أصبحت في حالة تدهور بشكل متزايد ولا بد له من الراحة والعلاج من ذلك الأمر؛ وذلك حتى يتفادى حدوث ما هو أعظم، إذ كان يخاف من أن يغمى عليه في يوم من الأيام ولا يفيق من غيبوبته أبداً، وما زاد من إصراره على هذا القرار بالاستقالة هو أنه قبل فترة وجيزة كان في إحدى المهمات التي أوكلت إليه صعد من أجل التحري حول القضية إلى مكان مرتفع بعض الشيء، وفي لحظة من اللحظات أصيب بتلك الحالة في ذلك المكان المرتفع والذي كان يقف به إلى جانبه أحد زملاءه في العمل، مما جعله يسقط على زميله ويغمى عليه، ولكن سقوطه على زميله أفقد زميله توازنه وسقط من أعلى ذلك المكان، مما أودت تلك الحادثة بحياة زميله.

ومنذ ذلك اليوم وهو يشعر توماس أنه السبب في وفاة زميله، وبعد أن أمضى فترة في منزله من أجل الراحة والاسترخاء جاء إليه في يوم من الأيام واحد من الأصدقاء القدامى له، وقد كان ذلك الصديق يدعى السيد كارلوس، وهو من الرجال الأثرياء ويعني الكثير لتوماس، وقد كان السبب في زيارة ذلك الصديق القديم هو طلب المساعدة من توماس بشأن زوجته والتي كانت تدعى السيد كيم، فقد أشار زوجها إلى أن السيدة كيم تقوم بالعديد من التصرفات والسلوكيات الغريبة والعجيبة، وتلك التصرفات تلفت بها نظر كل من يراها، وقد كان يعود السبب في ذلك إلى أن السيدة كيم تعاني من أحد أنواع الاضطرابات النفسية.

كما أشار السيد كارلوس أنه بسبب أعماله الكثيرة والتي تقع في أماكن ومدن متنوعة لا يمكنه أن يبقى باستمرار إلى جانب زوجته، وأنه ذلك الأمر يجعله في حالة خوف وتوتر وقلق عليها، كما أنه أوضح إلى السيد توماس أنه يخشى من تدهور وتتطور حالتها إلى ما هو أسوء.

وفي ذلك الوقت طلب كارلوس من السيد توماس أن يقوم بتعقب زوجته ومراقبتها بشكل يومي، حيث أنها في كل يوم كانت تخرج في نزهة إلى العديد من الحدائق العامة والمتاحف المختلفة والكثير من المعالم الأثرية في مدينة سان فرانسسكو، ومن أجل مدى العلاقة القوية التي تربط كل من السيد كارلوس وتوماس وافق على طلبه، وبالفعل في كل يوم كان يذهب في الصباح الباكر ويبقى ينتظر أمام منزل السيدة كيم وينتظرها لحين الخروج، وأول ما تخرج من المنزل يسير خلفها في الطرقات ويتبعها إلى كل مكان تذهب إليه، ولكن السيد كيم كانت من السيدات اللواتي يتمتعن بالذكاء والفطنة، فمن أول يوم كان المخبر يقوم بمراقبتها وتتبع حركاتها كانت قد أدركت ذلك الأمر.

ولكن في البداية تركته كما هو، فلم تفكر في إيقافه أو سؤاله عن سبب الذي دفع به للحاق بها؛ وقد كان السبب في ذلك هو أن ذلك الأمر أعجبها، وبدأت تغمرها السعادة في أن أحد الرجال يهتم لأمرها ويتبعها في كل مكان تذهب إليه، وبقيت الحال هكذا لفترة، وفي يوم من الأيام رغب السيد توماس في الجلوس مع السيدة كيم والتعرف عليها عن قرب، إذ لم يكن يلحظ أن هناك أي شيء خاطئ في تصرفاتها وسلوكياتها، وبالفعل تقدم نحو السيدة كيم وطلب التعرف عليها، وفي تلك اللحظة فرحت السيدة كيم وشعرت بسعادة عارمة، فقد كانت بينها وبين نفسها تنتظر تلك اللحظة.

ومنذ ذلك اليوم وقد بدأت اللقاءات بينهم يوماً بعد يوم، وبقوا على هذه الحال لفترة إلى أن وقعا في نهاية المطاف بحب بعضهما البعض، وبعد مرور فترة على تلك العلاقة الجميلة التي تغمرها السعادة والفرح حدثت صدمة مدوية للجميع وقد كانت تلك الصدمة هو أن السيدة كيم والسيد توماس يتجولان في إحدى الكنائس ذات المعالم الأثرية ويستمتعان برؤية الإبداع في بنائها، وأثناء ذلك وصلا كلاهما إلى أحد المنحدرات التي تقع إلى جانب الكنيسة وفي لحظة ما انزلقت قدم السيدة كيم وهَوت من أعلى ذلك المنحدر دون أن يتمكن السيد توماس من إنقاذ حياتها؛ وذلك جراء تلك المعاناة التي يعانيها من خوفه من المناطق المرتفعة، إذ أصيب بحالة من الدوار، ولم يدرك ما يدور حوله، وعلى إثر ذلك توفيت السيدة كيم.

وحينما أدرك ذلك الأمر حدثت له حالة من الانهيار العصبي التام له، وبقي على هذه الحالة لعدة أيام، وبعد أن استرجع قواه العقلية وتخلص من التوتر خرج من أجل التجوال في المدينة، ولكن ما حدث معه هو أن بينما كان يسير في الطرقات شاهد سيدة تتجول في الشوارع تشبه السيدة كيم إلى حد كبير، وفي لحظة ما اقترب منها وسألها عن اسمها لترد عليه بأن اسمها جودي، ولكن بعد استدراجها في الحديث تهيأ له أنها هي ذاتها السيد كيم التي يعرفها، وأنه من المحتمل بسبب حالة الاضطراب النفسي التي تعاني منها كما صرح زوجها السيد كارلوس في كل فترة من حياتها تختار شخصية من خيالها لتقمصها، وأنها في الحقيقة حين انزلقت قدمها عن المنحدر كانت المسافة قصيرة ولم تصاب بأي أذى.

ولكن ما تسبب في أذى نفسي أكبر للسيد توماس هو أنه اكتشف في وقت لاحق أن صديقه السيد كارلوس في الحقيقة هو من سلط جودي من أجل أن تدفع بزوجته وتسقطها عن ذلك المنحدر حتى تلقى حتفها، وأنه استأجرها بسبب الشبه الكبير بينها وبين زوجته؛ وذلك من أجل التغطية على فعلته القذرة لزوجته المريضة، وأنه قام بذلك بعد أن علم بعلاقة الحب التي ربطته معها.

المصدر: كتاب قصص قصيرة من الأدب الأمريكي الحديث - مهدي عبدالله 2011


شارك المقالة: