قصة فيل السلطان

اقرأ في هذا المقال


لكل مجتهد نصيب، سنحكي في قصة اليوم عن خزاف كان يحسد جاره المجتهد في عمله؛ فقام بتدبير مكيدة له ولكن انقلبت تلك المكيدة ضدّه، فتعلّم درساً لن ينساه عن أهميّة الاجتهاد في العمل، وأن لا يقارن نفسه بالآخرين بل ينظر لما يفعلونه أوّلاً.

قصة فيل السلطان

في إحدى المدن البعيدة يعمل رجل اسمه سالم في تنظيف الثياب وغسلها، وكان هذا الرجل مجتهد في عمله ويتقنه بشكل كبير؛ حيث كان محلّه مليئاً بالثياب النظيفة وناصعة البياض، وكان دائماً يتعامل مع زبائنه بدقّة وأمانة ولا يخلف معهم أي موعد، فيجد الناس واجهة محلّه مليئة بالثياب لكثرة الزبائن وتوافدهم على محلّه.

كان مقابل محل سالم رجل يعمل خزافاً؛ حيث كان يصنع الأواني الفخارية، ولكن هذا الرجل كان ليس كسالم مجتهد في عمله، بل كان كسولاً ولا ينجز عمله بشكل جيّد؛ لذلك لم يكن هنالك الكثير من الزبائن لديه كجاره سالم، وكان هذا الخزاف يشعر بالغيرة الكبيرة تجاه جاره؛ حيث كان طمّاعاً ولا يرضى بنصيبه بالإضافة إلى أنّه كان يتمنّى زوال الخير عن جاره.

فكّر الخزاف في مرّة بعمل حيلة أو مقلب يؤذي بها جاره سالم، وفي يوم من الأيّام سار بالسوق موكب السلطان، وكان هذا السلطان يركب فيلاً كبيراً، ويتبعه الكثير من الأشراف ووجهاء المدينة، كان الفيل الذي يركبه السلطان يلبس ثياباً مزركشة بألوان متعدّدة، وكان الثوب الذي يرتديه الفيل من صنع سالم.

وقف الناس بالسوق لاستقبال موكب السلطان هذا، وكان سالم وجاره الخزاف باستقباله أيضاً، كان الخزّاف لا يزال يفكّر في الحيلة التي يريد بها أن يؤذي جاره سالم، فخطر بذهنه فكرة شريرة، اقترب من السلطان وحيّاه وقال له: يا سيدي السلطان أرى أنّه يليق بك أن تركب فيلاً مميّزاً وليس كهذا، اندهش السلطان من كلام هذا الخزاف وردّ عليه قائلاً: ماذا تقول أيّها الخزاف وهل هنالك فيل أكثر تميزّاً من الفيل الي أركبه، لا يوجد فيل يشبه هذا الفيل.

قال له الخزاف: يا مولاي إن الفيل الملّون بالأبيض لم يسبق لأحد أن ركبه، ما رأيك أن تركب فيلاً لونه أبيض؟ شعر السلطان أن هذا الخزاف قد أعطاه فكرة جديدة وفرح بها فقال: وأين أستطيع أن ألوّن الفيل الذي أركبه بهذا اللون، وكيف أستطيع تغيير لونه؟ ردّ عليه الخزاف: أنظر يا سيدي فجاري سالم يستطيع أن يقوم بتلك المهمّة بكل يسر وسهولة.

علم سالم بما قاله جاره الخزاف، وأحسّ بأنّه يقوم بتدبير مكيدة له، سرعان ما اتجّه السلطان لمحل سالم كي يدهن فيله بهذا اللون، وكان سالم لا زال يفكّر كيف يريد التخلُّص من تلك المكيدة، عندما حضر السلطان لديه وقال له: أيّها الرجل أريد منك تغيير لون الفيل الذي أركبه ودهنه باللون الأبيض، كان سالم خائفاً ولكنّه تماسك بعض الشيء عندما خطر بذهنه فكرة جيدّة.

ردّ سالم على السلطان قائلاً: إنّه شرف كبير يا مولاي أن تطلب مني مثل هذا الطلب، ولكن أريد منك شيئاً واحداً كي أنفّذ لك هذا الطلب، قال له السلطان: أطلب ما تريد وسوف ألبّي ما تطلب، قال له سالم: أريد منك أن تحضر لي وعاء من فخّار كي أضع الفيل بداخله حتّى أتمكن من دهنه باللون الأبيض تماماً كما أفعل مع الثياب.

سأله السلطان: وأين أجد الشخص الذي سيصنع لي هذا الوعاء؟ رد عليه سالم: أنظر يا سيدي فجاري الخزاف هذا ماهر في ذلك، ذهب إليه السلطان وطلب منه أن يصنع له وعاء يتسّع للفيل، شعر الخزاف بالضيق لطلب السلطان، ولكن كان مضطرّاً أن يوافق على طلبه خوفاً منه.

بدأ الخزاف بتحضير الأدوات لصنع هذا الإناء، أمضى في ذلك عدّة أيّام واستطاع بنهاية الأمر أن يصنع وعاء يتسّع للفيل، وقام بوضع الماء والصابون بداخله، ولكن حدثت الكارثة عندما دخل الفيل هذا الوعاء سرعان ما تكسّر، نظر سالم لجاره الخزاف وقال له: ما هذا يا جاري كان عليك صنع وعاء أمتن من ذلك؟ أمر السلطان الخزاف بصنع وعاء آخر.

أمضى الخزاف شهور أخرى بصنع وعاء آخر ولكنّه تكسّر أيضاً، شعر الخواف بالندم لتلك الفكرة الشريرة التي أقترحها على السلطان؛ فقرّر الذهاب إليه وإخباره أن فكرته ليست جيدّة وليس من المناسب أن يتم دهن الفيل باللون الأبيض، سأله السلطان: إذاً لماذا اقترحت علي أن أدهنه بهذا اللون؟ رد عليه الخزاف: سأقول لك أيّها السلطان، ولكن عدني أن تعطيني الأمان ولا تقوم بمعاقبتي، أنا كنت أغار من اجتهاد ونجاح جاري سالم، وأردت أن أنتقم منه بتلك الحيلة.

غضب السلطان من هذا الخزاف المحتال، وأمر بسالم ليخبره عن ماذا كان ينوي جاره أن يفعل به، وعندما سأله السلطان عن العقاب المناسب له، رد عليه سالم: أنا يا مولاي أريد أن أعفو عنه، ولكن عليه أن يعلم أن النجاح لا يأتي إلّا بالاجتهاد. تعلّم الخزاف درساً لن ينساه عن عاقبة الكسل وحسد الآخرين، وصار مجتهداً في عمله بالإضافة إلى أنّه أصبح هو وحاره سالم من أعز الأصدقاء.

المصدر: مدخل الى قصص وحكايات الاطفال/كمال الدين حسين/1996قصص أطفال عالمية مترجمة/توفيق عبدالله/2010قصص الاطفال ما قبل النوم/ياسر سلامة/2018قصص وحكايات/مجموعة مؤلفين/2021


شارك المقالة: