قصة قصيدة أمولاي هذا البدر سار لأفقكم

اقرأ في هذا المقال


هنالك العديد من الروايات والقصص التي تروي هيبة الملوك أمام رعيتهم، وهذه القصص تقص علينا احترام الناس للملوك وحبهم لهم، ومن هذه القصص قصتنا التي تروي ما حصل بين شاعرنا أبو عامر وبين الملك الناصر.

من هو الشاعر أبو عامر بن مروان؟

هو  أبو عامر بن شهيد أحمد بن عبد الملك، وزير للملك الناصر أبي عبد الله محمد بن قلاوون الصالحي، وشاعر من شعراء العصر المملوكي.

قصة قصيدة أمولاي هذا البدر سار لأفقكم

أما عن مناسبة قصيدة “أمولاي هذا البدر سار لأفقكم” فيروى بأن الوزير أبو عامر بن مروان، وهو وزير الملك الناصر، كان قد أهدي في يوم من الأيام جارية نصرانية، وكانت هذه الجارية شديدة الجمال، حيث لا ترى العين أحسن منها، وفي يوم رآها الملك الناصر، فقال لوزيره، من أين لك هذه الجارية يا أبا عامر؟، فقال له وزيره: هي من عند الله، فقال له الملك: إن كان عندكم نجم من النجوم أتحفتونا به، وإن كان عندكم قمر تتركوه لأنفسكم، فاعتذر منه الوزير.

وبعد ذلك ببضعة أيام بعث الوزير للملك هدية، وكان من جملة الهدية تلك الجارية، وقال لها: كوني داخلة في الهدية، ولولا أني مضطر ما سمحت بك نفسي، وبعثها إلى الملك، وبعث معها بكتاب، كتب للملك فيه:

أمولاي هذا البدر سار لأفقكم
وللأفق أولى بالبدور من الأرض

يقول أبو عامر في هذا البيت بأنه بعث بجاريته التي شبهها بالبدر إلى الملك الناصر الذي شبهه بالأفق، ويقول بأن الملك هو أولى بها منه.

أرضيكم بالنفس، وهي نفيسة
ولم أر قبلي من بمهجته يرضي

فحسن ذلك عند الملك، وأجزل على الوزير بالمال الوفير، وأكرمه، وقربه منه، وفي يوم أهديت للوزير جارية أخرى، وكانت هذه الجارية من أجمل جواري الأرض، فخاف أن يراها الملك ويطلبها لنفسه، فيحصل له ما حصل مع الجارية الأولى، ويحرج كما أحرج من قبل، فبعث بهدية أعظم من الهدية الأولى، وبعثها مع هذه الجارية، وبعث معها بكتاب، كتب للملك فيه:

أمولاي هذي الشمس والبدر أولاً
تقدم كيما يلتقي القمران

قران لعمري بالسعادة ناطق
فدم معها في كوثر وجنان

فما لهما والله في الحسن ثالث
وما لك في ملك البرية ثان

فتضاعف حب الملك له، ولكن بعض الوشاة والحاسدين وشوا به عند الملك، وقالوا له بأنه ما يزال يحب الجارية التي أهداه إياها، فأراد الملك أن يتأكد من صحة كلامهم، فبعث إلى الوزير برسالة، على أنها من الجارية، وكتب له فيها: يا مولاي، إني ما زلت واقعة في حبك، ولم أر النعيم الذي كنت فيه معك، حتى وأنا الآن عند الملك، فتحيل على الملك بأن يبعثني إليك، وبعث بها مع أحد الغلمان، وأوصاه أن يخبره بأنها من الجارية، فخرج الغلام، وبعث بها إلى الوزير، وعندما أعطاه إياها وقرأ ما فيها، كتب على ظهر الورقة:

أمن بعد أحكام التجارب ينبغي
لدي سقوط العير في غابة الأسد

ولا أنا ممن يغلب الحب عقله
ولا جاهل ما يدعيه أولو الحسد

فإن كنت روحي قد وهبتك طائعاً
وكيف يرد الروح إن فارق الجسد

وعندما قرأ الملك جوابه، تعجب من فطنته، وقربه منه أكثر من ذي قبل، ولم يعد يستمع إلى الوشاة فيه.

الخلاصة من قصة القصيدة: تحصل الوزير أبو عامر في يوم على جارية شديدة الجمال، وعندما رآها الملك الناصر، أعجب بجمالها، وأخبره بذلك، فبعث بها إليه، وبعد ذلك أتته جارية أجمل منها، فخاف أن يراها الملك ويعاتبه مرة أخرى، فبعث إليه بها، فقربه الملك منه، فحسده الناس على ذلك، ووشوا به إلى الملك، وأخبروه بأنه ما زال يحب الجارية، فبعث له الملك بكتاب على لسان الجارية، ولكنه أجابها بأنه أهداها إلى الملك طائعًا، وبأنه لن يحتال على الملك لكي يعيدها، فأعجب الملك برده، وقربه منه أكثر من قبل.

المصدر: كتاب "نوادر الخلفاء: إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس" تأليف الإتليديكتاب "عجائب الآثار" تأليف الجبرتيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبةكتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: