قصة قصيدة سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا

أمّا عن مناسبة قصيدة “سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا” فيروى بأن محمد المهدي كان نهاية في العلم والزهد، وكان قويًا شجاعًا، وقد كان يطالب بالخلافة لنفسه في زمن بني أمية، وبقي متسترًا للعديد من السنين في جبال طيء، وكان في تلك السنين إما يرعى الغنم، أو يعمل أجيرًا، وجماعته يدعون له بالخلافة في جميع أنحاء الدولة، وقد اشتد أمره في فترة خلافة المنصور، فأصر الخليفة على الإمساك به، ولكنه لم يتمكن من ذلك، فأمر بأهله، ولكنهم لم يدلوه على مكانه، فنقلهم من الحجاز إلى العراق وهم مكبلون.

ومن بعد ذلك ظهر في المدينة المنورة، وقامت له الدعوة في الحجاز واليمن، مما زاد من إصرار الخليفة على الإمساك به، فبعث له بمجموعة من الجنود، وعلى رأسهم رجل يقال له عيسى بن موسى، فحاصره، وعندما تيقن محمد من أنه سوف يمسك به لا محالة، دخل إلى منزله، وأخرج صندوقًا، وأضرم نارًا كبيرة، ورمى ما في ذلك الصندوق من كتب في تلك النار، خوفًا من أن يمسكوا أصحاب تلك الكتب المؤيدة له، وقال: الآن طبت نفسًا بالموت، ومن ثم أخذ ينشد قائلًا:

لا عار في الغلب على الغلاب
والليث لا يخشى من الذباب

وبقي يقاتل حتى قتل وقطع رأسه وحمل إلى الخليفة المنصور فلما رآه أخذ ينشد قائلًا:

طمعت بليلى أن تريع وإنما
يقطع أعناق الرجال المطامع

ومن ثم أمر ببعث رأسه إلى السجن لعند أبيه، فأدخلوا رأسه على أبيه في السجن، وكان وقتها يصلي، فرموا الرأس بين يديه، وعندما انتهى من الصلاة نظر إلى رأس ابنه، وقال: رحمك الله لقد قتلوك صواماً قواماً، ثم أنشد قائلًا:

فتى كان يدنيه من السيف دينه
ويكفيه سوآت الأمور اجتنابها

ثم قال لمن رمى رأس ابنه: يا هذا قل لمن بعثك: قد مضى جزء من عمرك في النعيم، وبقي جزء البؤس، وقد مضى لنا جزء البؤس وبقي لنا جزء النعيم.

وقد أنشد أخوه إبراهيم قصيدة رثاه بها، وقال فيها:

سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا
فإن بها ما يدرك الواتر الوترا

وإنا أناس ما تفيض دموعنا
على هالك منا وإن قصم الظهرا

ولسنا كمن يبكي أخاه بعبرة
يعصرها من جفن مقلته عصرا

ولكنني أشفي فؤادي بغارة
ألهب من قطري كتابيها جمرا

نبذة عن إبراهيم بن عبد الله

إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، من سلالة آل البيت، ومن رواة الحديث النبوي.

المصدر: كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: