قصة قصيدة فلما أصبحوا صلوا وقاموا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة فلما أصبحوا صلوا وقاموا:

أمّا عن مناسبة قصيدة “فلما أصبحوا صلوا وقاموا” فيروى بأنّه عندما أصبح عبيد الله بن زياد واليًا على العراق، اشتد في طلب الخوارج، وكان قاسيًا مع كل من كان معارضًا له، ورفض أن يشفع لهم أي أحد، وعلى الرغم من كل ذلك فقد كان مرداس بن أدية المكنى بأبي بلال يقول كلمة الحق ولم يخف من ذلك، ونتيجة لذلك أمر عبيد الله بأن يسجن مرداس.

وبينما هو في السجن قتل أخاه عروة، وبعد ذلك بفترة أمر عبيد الله بأن يخرج من السجن، ولكنّه لم يأمر بأن يخرج أتباع مرداس، بل بقوا في السجن، وبقي عبيد الله يتتبع كل معارضيه ويقتلهم، ولم يفرق في ذلك بين رجل وامرأة، حتى أنه في يوم أتي له بامرأة مت أصحاب مرداس يقال لها البلجاء، وقد كانت البلجاء عابدة، وكانت تذكر تجبر عبيد الله وسوء ما يفعل، فأمر أن تقطع يداها وقدماها، وأن ترمى في السوق.

وكان لكل هذا الاضطهاد الأثر الكبير في نفس مرداس، فقرر أن يخرج من البصرة، ويبتعد عنها، ويتوجه إلى مكان يكون فيه آمنًا من شر عبيد الله، فقال لأصحابه: والله إنّه لا يمكن لنا أن نبقى عند هؤلاء الظالمين، والله إن صبرنا عظيم، وقتالهم لنا عظيم، ولكننا لا نقاتل إلا من يقاتلنا، فخرج هو وأربعون من أصحابه، وهو يقول:

إني وزنت الذي يبقى ليعدله
ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا

من كان يرجو بقاء لا نفاد له
فلا يكن حبه الدنيا له شجــنا

تقوى الإله وخوف النار أخرجني
وبيع نفسي بما ليست له ثمنا

فساروا حتى وصلوا إلى آسك في فرنسا، ولكن عبيد الله بن زياد أرسل ورائهم جيشًا من أربعة آلاف رجل، فقتلهم جميعًا، وكان مرداس يقول قبل موته:

ماذا نبالي إذا أرواحنا خرجـت
ماذا فعـلتم بأجسـادي وأوصـالــي

نرجو الجنان إذا طارت جماجمنا
تحت العجاج كمثل الحنظل البالي

إني امرؤ باعني ربي لموعـده
إذ القلوب هوت من خوف أوجالي

وقد قال عيسى بن فاتك في خبره هو والأربعون الذين معه:

فَـلَمّـا أَصـبَـحوا صَلّوا وَقاموا
إِلى الجُـردِ العِـتاقِ مُسَوِّمينا

فَلَمّا اِستَجمَعوا حَمَلوا عَلَيهِم
فَـظَـلَّ ذَوو الجَـعـائِلِ يَقتُلونا

بَــقِـيَّةـَ يَـومِهِـم حَـتّـى أَتـاهُـم
سَـوادُ اللَيـلِ فـيـهِ يُراوِغونا

يَــقــولُ بَـصـيـرُهُـم لَمّـا رَآهُـم
بِـأَنَّ القَـومَ وَلّوا هـارِبـيـنـا

أَأَلفـا مُـؤمِـنٍ فـيـمـا زَعَـمـتُم
وَيَهــزِمُهُــم بِــآسِـكَ أَربَـعـونـا

كَـذَبـتُـم لَيـسَ ذاكَ كَما زَعَمتُم
وَلكِــنَّ الخَــوارِجَ مُــؤمِــنـونـا

هُـمُ الفِـئَةُ القَـليـلَةُ غَيرَ شَكٍّ
عَلى الفِئَةِ الكَثيرَةِ يُنصَرونا

أَطَــعــتُــم أَمـرَ جَـبّـارٍ عَـنـيـدٍ
وَمـا مِـن طـاعَـةٍ لِلظّـالِمـيـنـا

نبذة عن عيسى بن فاتك:

هو عيسى بن جرير بن فاتك الحبطي، من شعراء الخوارج في العصر الأموي.

المصدر: كتاب " عصر المأمون " تأليف أحمد فريد الرفاعيكتاب " الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبةكتاب " الأغاني " تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب " شعر الخوارج " تأليف إحسان عباس


شارك المقالة: