قصة قصيدة قل للمولى على الإسلام مؤتنفا
أما عن مناسبة قصيدة “قل للمولى على الإسلام مؤتنفا” فيروى بأنه عندما أصبح عمر بن عبد العزيز خليفة، قام رجل من الحرورية يقال له عمرو الربعي بكتاب، وكتب له في هذا الكتاب أبيات من الشعر قال فيها:
قُل لِلمُولّى عَلى الإِسلامِ مُؤتَنِفاً
وَقَــد يــرى أَنَّهُ رَثُّ القُــوى واهِ
أَزرى بِهِ مَــعــشَــرٌ غَــذَّوهُ مَـأكـلَةً
بِـنَـخـوَةِ العِـزِّ وَالإِنزافِ وَالباهِ
أَنـا شَـريـنـا بِدينِ اللَهِ أَنفُسَنا
نَـبـغـي بِـذاكَ إِلَيـهِ أَعـظَمَ الجاهِ
نَنهى الوُلاةَ بِحَدِّ السَيفِ عَن سَرَفٍ
كَــفـى بِـذاكَ لَهُـم مِـن زاجِـرٍ نـاهُ
فَـإِن قَـصَـدتَ سَـبـيـلَ الحَقِّ يا عُمر
آخـاكَ فـي اللَهِ أَمثالي وَأَشباهي
وَإِن لَحِـقـتَ بِـقَـومٍ كُـنـتَ واحِـدَهُـم
فـي جَـورِ سـيـرَتِهِـم فَـالحُـكـمُ لِلَّهِ
وعندما وصل كتابه إلى عمر بن عبد العزيز، وقرأ ما فيه، قال لمن كان عنده: هل تعرفون من هذا الرجل؟، فقالوا له: نعم، يا أمير المؤمنين، إنه عمرو الربيعي، وهو رجل صاحب خبرة وبصيرة، ومعارضة شديدة، فقال لهم الخليفة: أما الذي يخالفه فإني أخالفه أيضًا، حتى وإن كنت أكره الشعر، ومن ثم قال لأحد الرجال الحاضرين أن يجيبه عن لسانه قوله:
يا أيها الرجل المهدي نصيحته
إن المحاسن والتوفيق بالله
إن كان أمر من السلطان تنكره
فما عرى الدين والإسلام بالواهي
هذا الكتاب كتاب الله نقرأه
مصدق الوحي فينا آمر ناهي
إذا نهانا وقفنا عند ناجزة
بعون ربي على طوع وإكراه
فقد يزل الذي يبغي الهدى رهقا
عند السوية وهو العالم الداهي
الملك يا عمرو ملك الله خالقنا
والحكم يا عمرو مردود إلى الله
وعندما وصل الكتاب إلى عمرو الربيعي، قال: والله إني لن أحل ولا أحرم، حتى أرى هذا الرجل، فإن كان فعله كما قوله، فإني له صديقًا وسيفًا، وإن كان غير ذلك أذنت له بحرب، وخرج حتى أتى أمير المؤمنين، واستأذن للدخول عليه، فأذن له، وعندما دخل رد السلام على الخليفة، وقال له: لا حكم إلا لله، فقال له الخليفة: نعم، وأنا عبد من عبيد الله، وأنتم إخواني، وما أنا فيه ما هو إلا ابتلاء برعايتكم في أرض الله، فقال له عمرو: والله إنك حقًا أمير المؤمنين، فأعزك الله بالنصر.
نبذة عن عمرو الربعي
هو عمرو بن ذكينة الربعي، أحد شعراء الخوارج في العصر الأموي.
